تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة
مجموعة محاضرات ودروس عن الحج
106803 مشاهدة
ذكر أنواع الإحرام ومجمل أركان الحج والعمرة وواجباتهما

نعرف أن الإحرام إما أن يكون بحج، وهو ما يسمى بالإفراد، أو يكون بحج وعمرة جميعا، وهو القران، أو يكون بعمرة؛ كالعمرة في رمضان، أو عمرة التمتع، وتسمى هذه الأنساك؛ التمتع، والقران، والإفراد. فمن جاء مبكرا في اليوم الخامس، أو السادس، أو الرابع فالأفضل له التمتع؛ أن يحرم بالعمرة كالعمرة في رمضان، وينتهي منها ويتحلل، ويحرم بالحج في اليوم الثامن يوم التروية.
وأما من جاء متأخرا في اليوم الثامن، أو في الليلة الثامنة فالأفضل له الإفراد؛ أن يحرم بالإفراد فقط، ويؤخر العمرة إلى رمضان، أو إلى الأشهر الأخر غيره؛ فإن العمرة وقتها واسع.
نعرف أن أركان العمرة ثلاثة: الإحرام، والطواف، والسعي.
وواجباتها اثنان: الإحرام من الميقات، والحلق أو التقصير.
هذه أركانها وواجباتها.
أما الحج فإن أركانه أربعة: الإحرام، والوقوف بعرفة والطواف، والسعي. وأما واجبات الحج فإنها سبعة: الإحرام من الميقات؛ إذا كان مفردا أو قارنا، والوقوف بعرفة إلى الليل، والمبيت بمزدلفة إلى ما بعد نصف الليل، والمبيت بمنى ليالي منى والرمي، والحلق، والوداع. هذه واجبات الحج.
فنقول: إن من أركان العمرة الطواف، الذي هو الاستدارة حول البيت كما هو معروف. وهذا الطواف ليس عبادة للبيت ؛ بل لرب البيت، ولهذا قال الله تعالى: فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ فهو عبادة لله تعالى؛ ولهذا فإن الذين يطوفون يدعون الله، يشتغلون بالتكبير وبالتهليل وبالتحميد وبالتسبيح، ويدعون الله تعالى بأي دعاء يتيسر لهم، أو يقرءون ما تيسر من القرآن.
فالطائف من حين يبدأ إلى أن ينتهي عليه أن يشتغل بالذكر. إن حفظ شيئا من الأدعية دعا بها، كقوله: اللهم إن بيتك عظيم، ووجهك كريم، وأنت يا رب عظيم حليم تحب العفو فاعفُ عني، أو يقول: اللهم إيمانا بك، وتصديقا بكتابك، ووفاء بعهدك، واتباعا لسنة نبيك محمد -صلى الله عليه وسلم- أو يقول: اللهم زد هذا البيت تشريفا، وتعظيما وتحية وتكريما ومهابة ورفعة وبرا، وزد من عظمه، وكرمه من حجه واعتمره؛ تعظيما وتكريما وتشريفا ومهابة ورفعة وبرا. يدعو بما تيسر له في هذا الطواف.
يكون في حالة الطواف متطهرا فلا يطوف وهو محدث؛ لقول الله تعالى: وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ أمره بأن يطهر بيته للطائفين، والقائمين؛ يعني المصلين والركع السجود. فلا بد أن يكون الطواف بالبيت على طهارة؛ ولهذا لا تطوف الحائض. قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لعائشة افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت ؛ حتى تطهري .
ونعرف أن الطائف عليه أن يجعل البيت عن يساره في كل الأشواط. وإذا جاء لأول مرة في أول الطواف فإنه يرمل في الأربعة الأشواط الأولى، في الثلاثة الأشواط الأولى. والرمل: إسراع المشي مع مقاربة الخطى؛ إظهارا للنشاط، وإظهارا للقوة، وكذلك أيضا تذكرا لما فعله النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه من الرمل لما قدموا في عمرة القضية.
كذلك أيضا يسن أن يضطبع في أول طواف يطوف به؛ بأن يجعل وسط ردائه تحت الإبط الأيمن، ويبدي كتفه الأيمن، ويجعل طرفيه على كتفه الأيسر. هذا الاضطباع يكون في السبعة الأشواط كلها أي: في طواف القدوم، أو طواف العمرة. فهذا الطواف عبادة من العبادات. علينا أن نعرف عبادة الله تعالى، وأن نعرف أننا نعبد الله، ولا نعبد غيره.
وكذلك السعي بين الصفا والمروة نشتغل فيه بالذكر، ونشتغل فيه بالدعاء. جاء عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: إنما جعل الطواف بالبيت وبالصفا والمروة ورمي الجمار؛ لإقامة ذكر الله تعالى؛ فالطواف فيه كله ذكر؛ ذكر من تهليل وتسبيح وتحميد واستغفار، ودعاء وقراءة وتواضع وخضوع، وكذلك في السعي، وكذلك في الرمي، وكذلك في المشاعر كلها. فعلينا أن نشتغل بذلك، وأن نمتثل قول الله تعالى: وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وقول الله تعالى: وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ فتعظيمها التعبد فيها. عبادة الله تعالى في كل مشعر من المشاعر بما جعل فيه.
فنكتفي بهذا لنستغل بعد ذلك في الجواب عن الأسئلة، والله تعالى أعلم، وصلى الله على محمد .
أسئـلة
صلى الله وسلم، وبارك على نبينا محمد وعلى آله، وصحبه أجمعين.
أيها الأحبة في الله، باسمكم جميعا نشكر لسماحة الوالد: عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين على هذه المحاضرة، وعلى هذه الزيارة. نسأل الله -جل وعلا- أن يجعلها في ميزان حسناته، وأن يثيبه، ويضاعف له الأجر والمثوبة.
س: هنا سائل أتى ببعض الأسئلة أيها الإخوة، يسأل عن جماعة التبليغ، يقول: جماعة التبليغ هل هي على حق أم أنها على باطل؟ ويذكر أنها انشغلت بها مجالس كثير من الناس، ونترك لسماحة الشيخ الأمر في الإجابة.
كان أصل جماعة التبليغ فرقة خرجوا في الهند والباكستان وعليهم ملاحظات؛ لأنهم فعلوا ذلك ومعهم جهل، فصار عليهم ملاحظات؛ فلأجل ذلك أنكر عليهم المشايخ، وحذروا منهم، ولكن الذين يعملون في هذه البلاد في المملكة لا نسميهم باسمهم. بل نسميهم من الدعاة؛ الذين يخرجون ببعض الفسقة، ويعلمونهم الطاعة، هؤلاء يسميهم بعض المشايخ جماعة التبليغ، وليسوا على منهج التبليغيين الذين في الهند والسند بل إنهم من الدعاة إلى الله تعالى ومن الذين نفع الله تعالى بهم، ونفع بدعوتهم فهم أهل خير؛ قرأوا في المعاهد، وفي المدارس، وقرأ بعضهم في الجامعات، وتخرجوا منها، وعرفوا الحق، وعرفوا التوحيد، وعرفوا الإيمان وشروطه وأركانه. فالتزموا هذه الطريقة، وهي أنهم يأخذون بعض العصاة الذين عليهم آثار المعاصي، ويخرجون بهم خمسة أيام، أو أسبوعا، أو عشرين يوما، أو شهرا، أو أشهرا، فيرجع أولئك المفرطون وقد تأثروا، وقد تابوا، وأصلحوا أعمالهم، وصلحت أحوالهم، وتابوا إلى الله تعالى.
خرج معهم بعض طلبة العلم؛ فرقت قلوبهم، ولم يروا منهم إلا خيرا. فما رأوهم مثل التبليغيين؛ الذين في الهند أولئك يطوفون بالقبور، وهؤلاء حاشا أن يكونوا، أولئك يدعون الأموات، وهؤلاء حاشا أن يكونوا منهم، وأن يدعوا الأموات. أولئك عقائدهم في أسماء الله وصفاته ينكرونها؛ ينكرون أن يكون الله تعالى على العرش استوى، وهؤلاء يقرون بذلك، وهؤلاء يصفون الله بصفات الكمال. ولا عيب فيهم. لا عيب فيهم، والحمد لله.
فنقول: هؤلاء يجب علينا أن نشجعهم، وأن ننافح ونكافح عنهم. والذين قالوا: إنهم جهلة لم يختبروهم، وإذا قال بعض المشايخ: إنهم على جهل نقول: اختبروهم، سلوهم؛ سلوهم عن أركان الإسلام. يعرفون أركان الإسلام، وأركان الوضوء، وأركان الصلاة، وكذلك أيضا صفة العبادات، وصفة المحرمات. سلوهم هل هم يبيحون الزنا، أو يبيحون السرقة، أو يبيحون القتل، أو أنهم يسبون، أو يقذفون؟ اختبرناهم، ووجدناهم نزيهين، والحمد لله؛ فنسميهم أهل الدعوة، ولا نقول إلا خيرا فيهم.
وأما أهل الهند ونحوهم؛ الذين هم أتباع محمد بن إلياس فألئك فيهم صوفية، وفيهم قبوريون، وفيهم مشركون، ونبرأ إلى الله منهم، ومن حالتهم.
ولا ينكر على هؤلاء كونهم لا يبحثون في المسائل الخلافية؛ المسائل التي فيها خلاف يقولون: مردها إلى العلماء الذين لهم الإفتاء، فلا نخوض فيها. نعمل بفضائل الأعمال، نشتغل بفضائل الأعمال؛ التي يحبها الله تعالى فندعو إلى فضل الصلاة على وقتها، وندعو إلى فضل التقدم إلى المسجد، وندعو إلى القرآن، وندعو إلى دعاء الله وذكره، وندعو إلى النوافل؛ التي هي الصلوات قبل الفرائض أو بعدها، وصلاة الليل والتهجد، وندعو إلى التوبة. ندعو إلى التوبة من الأعمال السيئة. الأعمال السيئة؛ كالدخان، وشرب الخمور، والمسكرات، وسماع الأغاني، وسماع الملاهي، وما أشبهها، فهذه هي التي يدعون إليها.
طهر الله تعالى بهم بيوتا كانت مليئة بآلات الملاهي، أصبحوا يقرءون فيها القرآن، ويقرءون فيها العلم، ويذكرون الله تعالى فيها، وكذلك ألسنة كانت منشغلة بالسباب، والشتم واللعن أصبحوا إنما يدعون الله تعالى ويذكرونه، ويدعونه بأسمائه الحسنى، ويرغبون إليه، وتابوا إلى الله تعالى من التفريط، والإهمال؛ فلا ينبغي لنا أن نسبهم، ولا أن نحذرهم، ولا أن نحذر منهم، ونحن نعرفهم أنهم أولادنا، وإخواننا، وتلاميذنا، وقد قرأوا علينا، وقد قرأوا على المشايخ، وقد عرفوا الحق -والحمد لله- فلا يقال: إنهم جهلة، ولا يقال: إنهم مبتدعة، ومن قال: ذلك؛ فإنه جاهل بهم.
والذين تكلموا فيهم من المشايخ: إنما قصدوا أولئك الذين في الهند ونحوهم؛ فألئك هم المبتدعة، وأما هؤلاء فحاشا، وكلا أن يكونوا من المبتدعة.
أحسن الله إليكم سماحة الشيخ. أيها الإخوة، قبل أن أبدأ بالأسئلة أحب أن الأسئلة كالسيل المنهال، وأنها كثيرة؛ منها ما أجاب عنها الشيخ أثناء المحاضرة، ومنها ما ليس له علاقة بالمحاضرة، ولا بالموضوع، وهي أسئلة؛ ربما تكون أسئلة عادية، ومنها ما هو متكرر، واستغلالا للوقت فإننا أحببنا أن نأخذ ما هو مفيد، وما يمس حاجة الناس، وقبل أن أبدأ في الأسئلة أحب أن أبين لكم رقم الهاتف الذي يوجد عليه سماحة الشيخ من الساعة السابعة والنصف صباحا -إن شاء الله - إلى الساعة التاسعة. الهاتف، هو: [8423580].
س: يقول فضيلة الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الشيخ عبد الله كثير من الأسئلة توجت بأن أهلها يحبونك في الله. يقول: لي أخ عمره خمسة وعشرون عاما، به شلل برجله اليمنى، ووزنه فوق مائة كيلو، ولا يستطيع المشي إلا بعكازات؛ فيصعب عليه الركوب في السيارات، وخاصة في الباصات. بل قد يكون مستحيلا، فهل يجوز له أن يوكل عنه من يحج، أم أنه يجب عليه الحج بنفسه؟
نرى أنه يستعين بالله ويحج، ويجد سيارات صغيرة. المكان قريب؛ خمس ساعات أو نحوها، ولا مشقة في ذلك. إذا كان مثلا يشق عليه الركوب في الباصات الكبيرة يركب في سيارات صغيرة ولا حرج عليه؛ حج من وزنه مائة وأربعون، كما ذكروا ذلك ولم يتأثروا. إذا كان في الطواف يطوف في أوقات السعة ونحوها. وكذلك أيضا السعي؛ يسعى به على عربة إن شق ذلك عليه.
س: أحسن الله إليك. يقول سماحة الشيخ: ما حكم أخذ مبلغ من المال مقابل الوكالة في الحج ؟ علما بأن الذي توكل يقصد الانتفاع من المال الذي يدفع له، وليس قصده الحج، أو أن ينفع أخاه المسلم؟
نرى أن هذا خطأ، أن الذي يأخذ العوض ما يجوز له ذلك إلا إذا كان فقيرا، عاجزا عن الحج بماله فيأخذه لأجل الحج، ليس يحج لأجل المال؛ فالذي يحج لأجل المال يخشى عليه أن عمله مردود؛ لقول الله تعالى: مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ فالذي يحج لأجل المال؛ هذا باع أعماله الصالحة وأحبطها، فإنما يجوز إذا كان الإنسان يشتاق إلى تلك المشاعر، ولكنه لا يقدر على النفقة؛ فيأخذ بقدر نفقته حتى يشارك الحجاج، وحتى يساهم معهم.
س: سماحة الشيخ، في كثير من الأسئلة: يسأل أصحابها عن الأضحية. الأضحية عن الوالدين، لا سيما إذا كانا متوفين، ولم يوصوا بمن يضحي عنهم، فهل للأبناء أن يضحوا عن الآباء المتوفين بدون وصية؟ أم يشركونهم في الأضحية التي لأنفسهم؟
كل ذلك خير، ولا شك أن الأضحية تعتبر صدقة، وتعتبر قربة، فإذا كان الإنسان عنده قدرة، وعنده مال، وخص أبويه الميتين بأضحية فإن ذلك من البر، ويعتبر ذلك من صلته لأبويه، وكذلك إذا كان لا يقدر، وأشركهما في أضحيته، فإن ذلك أيضا من البر فله أن يشركهما، أو أن يخصهما بأضحية.
س: أحسن الله إليك. سائل يقول: يوجد لدي شغالة منزلية، وتريد الحج، ولا يوجد لديها محرم فهل يجوز لها أن تحج؟
نعم. إنما اشترطوا المحرم عندما كان السفر فيه خطر، عندما كانت المرأة إذا سافرت على البعير تبقى عشرين يوما في الطريق وقد تضل، وقد تنام وحدها، ويتعرض لها بعض الفسقة. وأما في هذه الحال؛ في حالة قرب المسافة، ووجود الحافلات، ووجود الحملات فيحججها مع أحد الحملات، ويوكل بها امرأة صالحة تريها المناسك، حتى تؤدي فريضة الحج؛ وذلك لأنها قد لا تقدر إذا رجعت إلى بلدها. قد يكونون اشترطوا على الذي استقدمها أن يمكنها من أداء الفريضة، وليس هناك محظور. الحديث محمول على ما إذا كان السفر فيه خطر.
س: أحسن الله إليك. سائل يقول: أريد الحج متمتعا، وسوف أذهب -إن شاء الله- يوم ستة، ولكن بعد عمرة التمتع هل أذهب إلى جدة ويوم ثمان أحرم الصباح، ثم أذهب إلى منى علما بأنني من أهل جدة ولي بيت في جدة ؟
لا بأس بذلك، ولكن في نظري أنك لا يسقط عنك دم التمتع. أهل جدة يمكن يسقط عنهم الذين ساكنين في جدة فإذا مثلا أحدهم اعتمر في اليوم السادس، ثم ذهب إلى أهله، وبقي في جدة إلى اليوم الثامن، وأحرم بالحج من أهله، وتوجه إلى منى سقط عنه الذبح؛ لأنه سافر سفرين.
وهكذا مثلا؛ لو أن إنسانا سافر لعمرة في اليوم الخامس من رنية واعتمر في ليلة السادس، ورجع إلى بلاده. هذه البلاد وأقام فيها، وفي اليوم الثامن رجع إلى مكة وأحرم من الميقات، وتوجه إلى منى سقط عنه الذبح؛ لأنه سافر سفرين.
س: أحسن الله إليكم. سائل يقول: ما حكم من أخر الحج وهو قادر عليه مستطيع ؟
لا شك أنه مفرط. قد ورد فيه أيضا وعيد شديد. يمكن سمعتم في الخطب، وفي الكتب ما روي عن علي -رضي الله عنه- أنه قال: (من قدر على الحج فلم يحج فليمت: إن شاء يهوديا، وإن شاء نصرانيا)؛ يعني أنه ترك ركنا من أركان الإسلام وهو قادر؛ وذلك لأنه قد يموت قبل أن يؤديه.
كذلك تسمعون ما روي أن عمر -رضي الله عنه- قال: (لقد هممت أن أبعث إلى هذه البلاد، فمن وجد قادرا على الحج فلم يحج أن أضع عليهم الجزية؛ ما هم بمسلمين). هكذا ثبت عن عمر وعن علي وهما من الخلفاء الراشدين؛ فيحذر المفرط أن يموت على هذه الحال.
س: سائل يسأل، يقول: ما حكم من أراد أن يحج تطوعا عن نفسه، أو عن ميت قريب له قد حج عن نفسه، وعليه دين؟
إذا كان أهل الدين لا يمنعونه من الأسفار فإنه يحج. أما إذا كانوا يمنعونه، لو سافر مثلا: إلى بيشة منعوه، وقالوا: أعطنا إيجارك، أو لو سافر إلى الفرمة منعوه، فقالوا: أعطنا إيجارك، أو سافر إلى جدة منعوه، وقالوا: أعطنا أجرتك. إذا كان كذلك فإنهم سوف يمنعونه من السفر إلى مكة .
فأما إذا كانوا لا يمنعونه؛ يسافر إلى مكة يسافر إلى جدة يسافر إلى المدينة ويسافر إلى بيشة أو إلى الخميس ومع ذلك ما يمنعونه فإنهم -إن شاء الله- لا يمنعونه من مكة سيما وعمله عمل صالح.
س: أحسن الله إليكم. يقول: ما رأيكم في التكبير بعد الصلوات؛ يعني التكبير المقيد يا شيخ؟ وهل المقيد إذا بدأ وقته يبقى المطلق على إطلاقه، أم أنه ينتهي مع المقيد؟
التكبير المقيد يبدأ مدته خمسة أيام: يوم عرفة في النهار أوله: صلاة الفجر يوم عرفة يوم الخميس الآتي، يكون يوم عرفة ويوم العيد واليوم الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر إلى العصر اليوم الثالث عشر. كلما صلوا صلاة في جماعة يكبرون: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد. مرتين أو ثلاثة.
وأما التكبير المطلق فإنه يبدأ من أول الشهر؛ أول هذا الشهر، ويستمر إلى صلاة العيد، الذي هو اليوم العاشر.
فيوم عرفة يجتمع فيه التكبير المطلق والمقيد، وكذلك ليلة العيد، وكذلك صباح العيد، وبعد العيد ما يبقى إلا التكبير المقيد.
س: أحسن الله إليك. سائل يقول: ما رأيكم فيمن يقول: أن صيام عشر ذي الحجة متتابعة يعتبر بدعة؟
صحيح إذا أراد أن يصام معها اليوم العاشر؛ فإن صوم اليوم العاشر حرام، الذي هو يوم العيد، فالذي يصوم العشرة، ومنها يوم العيد يعتبر مبتدعا. وأما صيام التسعة الذي آخرها يوم عرفة فإنه سنة، مروي. روي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: صيام كل يوم منها عن ألف يوم فضل كبير.
وتدخل أيضا في العمل الصالح: ما من أيام العمل الصالح أفضل من هذه الأيام فالعمل الصالح يدخل فيه الصيام، فمن قدر وصامها فله أجر كبير.
قد روي أيضا: عن إحدى أمهات المؤمنين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صام في الأيام العشر ولكن كثير من الأشهر مرت عليه وهو مسافر؛ يعني سنة ست ما تمكن؛ لأنه في الحديبية وكذلك سنة سبع في عمرة القضية، وكذلك سنة ثمانٍ؛ لأنه كان في حنين وما بعدها، وكذلك سنة عشر؛ لأنه كان في سفر الحج، ولكنه حث على ذلك.
س: أحسن الله إليكم. سماحة الشيخ، يقول: ما حكم ذبح الأضحية في الليل ؟
لا بأس بذلك، إنما كانوا يكرهونه في زمن الجوع، وفي زمن كثرة الفقراء؛ فكانوا يذبحونها في الليل خفية حتى لا يأتيهم الفقراء. فأما إذا كان الفقراء يكثر عندهم وجود اللحوم، ويعطونهم، وتكثر الأضاحي والذبائح فلا حرج في الذبح ليلا.
س: سائل يسأل، والأسئلة في هذا كثيرة سماحة الشيخ، عن حكم الحج بدون الحصول على التصريح، ويقول السائل: تقوم بعض الحملات ببيع عقود المشاركة في حج هذا العام بمبلغ رمزي، دون أن تتكفل بهذا الحاج، ولكن من أجل الحصول على تصريح للحج؛ لأن هذا العقد شرط للحصول على التصريح؟
الحج صحيح ومجزي، ولكن يعتبر متعرضا للخطر وللرد، ويعتبر أيضا مخالفا للدولة ولأنظمتها. له رخصة مثلا؛ إذا كان محرما لامرأة، إذا قال: هذه امرأتي، أو أمي، أو أختي تريد أن تحج ولا ينطبق عليها الشرط، وليس لها محرم، فأنا محرمها يتسامح في ذلك، فأما هذه الحيل فنرى أنها لا تجوز.
س: سماحة الشيخ، يقول: أنا أعمل عسكريا، وأريد أن أحج، ووكلت زميلي بعملي، وذهبت إلى المدير لأطلب إذنا، فقال لي: ليس عندي أمر أن آذن لأحد. فهل لي حج إذا ذهبت علما أن عملي فيه زميلي؟
نقول: إذا كان العمل عمل العسكريين لا يحجزهم عن المواقف فلهم أن يحجوا ويحرموا، وهم عليهم لباسهم العسكري؛ فإن وظيفته يقوم بها ولو كان محرما؛ فهم لا يمنعونه أن يقول: لبيك اللهم لبيك، ولا يلزمونه أن يقص من شعره إذا قال: أنا أحرم؛ أحرم بالحج، وأقف مع الحجاج في عرفة وأمشي الناس، وأنظم السير، وأسير معهم وأنا محرم؛ لا أقص من شعري، ولا أقلم أظفاري، ولا أقتل صيدا، ولا أتطيب، ولا أتزوج، ولا أمس امرأة ما دمت محرما. لا يمنعونك من الإحرام الذي هو هذا العمل؛ إنما فقط يقولون: قم بعملنا الذي هو ترتيب السير -مثلا- وكمل، ابق على لباسك، يصح أن تحرم، وأنت على لباسك؛ لباسك العسكري. لا يمنعونك أن تقول: لبيك اللهم لبيك. ما يمنعونك أن تكبر، وأن تهلل، وأن تذكر الله.
وإذا انصرف الحجاج من عرفة وانصرفت معهم راكبا، أو راجلا، ووصلت إلى مزدلفة وبقيت ترتب الناس إلى آخر الليل، أو إلى الصباح، وأنت تلبي، وأنت محرم فإن ذلك أيضا من تمام حجك.
في أيام منى تبقى في منى -مثلا- وأنت قائم بعملك إذا كان عندك فرصة ذهبت، ورميت سبع جمرات، وحلقت رأسك، وحل لك بعد ذلك الطيب واللباس وما أشبه ذلك. وبقي عليك المبيت والرمي تلك الأيام، إذا كان عندك فراغ في الليل، أو في النهار رميت الجمار التي هي الثلاث، وكذلك الطواف، والسعي، ولو تؤخره إلى اليوم الخامس عشر، أو العشرين، وأنت باق في مكة ؛ فحجك صحيح إن شاء الله.
أما أنك تترك العمل الذي أنت موكل به وتقول: يقوم به زميلي -فنرى أن هذا فيه خلل، أنت تأخذ عليه انتدابا، وأنت في عمل وفي وظيفة فلا تترك وظيفتك، حج بلباسك، ويكون عليك فديتان: صيام ستة أيام؛ ثلاثة على اللباس، وثلاثة عن تغطية الرأس. صيام ستة أيام وإن شق عليك الصيام فالصدقة بستة أصواع؛ يعني حوالي ثمانية عشر كيلو من الأرز عن هذا اللباس، وحجك صحيح.
س: أحسن الله إليكم. سائل يقول: فضيلة الشيخ، جاءت كلمة أشهر الحج بصيغة الجمع، مع أن الحج في شهر محدد، وتوقيت محدد، فما التفسير؟

لأن زمن الإحرام بالحج شهران وبعض شهر. أي يصح الإحرام به في شهر شوال، وشهر ذي القعدة، والعشر الأول من شهر ذي الحجة، فهي شهران وثلث شهر؛ فلذلك جمعت. فمعنى ذلك أنه يصح أن يحرم بالحج في شهر شوال، في يوم العيد؛ عيد الفطر، وإن كان عليه مشقة؛ لأنه سيبقى محرما سبعين يوما؛ عليه مشقة، ولكن نقول: يجوز.
وأما من أحرم بالحج في رمضان، ولو في آخر يوم من رمضان فنقول: لا يصح ما دخلت أشهر الحج. لا تحرم بالحج إلا في أشهره، أما العمرة فيحرم بها في كل وقت في كل السنة.
س: سائل يسأل يقول: ما حكم الصلاة بين سواري المسجد ؛ حيث إنها تفصل بين الصف؟
لا يجوز إلا إذا ضاق المسجد، أما إذا كان المسجد واسعا فإنهم يتجنبون السواري؛ التي تقطع الصفوف. والصحيح أنهم إذا صلوا عن جهل لا يعيدون الصلاة.
س: يقول: كثرت في هذه الأيام تنوع نغمات، وأجراس الهاتف الجوال، وإنها يدخل عليها نغمات موسيقية، وغنائية فما حكم من يضعها في جهازه؟
أخطأ وأذنب، وارتكب معصية؛ وذلك لأن هذه النغمات من لهو الحديث، ويبذلون فيها مالا؛ فيدخل في قول الله تعالى: الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وقوله: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ فعلى المسلم أن يطهر هذه الأجهزة من هذه النغمات.
س: سائل يسأل، يقول: حججت قبل سنوات، وفي الطواف ارتكبت معصية كبيرة. فهل يبطل حجي أم لا؟
إذا كان طواف الإفاضة، وارتكبت فيه مثلا أن مسست امرأة، وحصل منك الإنزال فبطلت طهارتك، فإن كنت أعدت الطهارة، وكملت الطواف صح طوافك.
وأما إذا أكملته وأنت على غير طهر فإن طوافك لا يجزئ ولا يصح. وإن كنت طفت بعده -طواف الوداع- طوافا كاملا فلعله يكفي عن الطواف الفاسد، وعن طواف الوداع.
وأما إذا لم تطف طواف الوداع، أو لم تطف إلا هذا الطواف الذي أفسدته، أو عملت فيه هذه المعصية؛ إن كانت -مثلا- مما ينقض الوضوء فإن هذا لا يصح، وتبقى في ذمتك تلك الحجة ما كملتها إلا أن تكون كملت بعد ذلك بعمرة.
أما إذا لم يكن هناك إنزال. كثير من الشباب: إذا احتك بامرأة ثارت شهوته، ولكن لا يحصل منه الإنزال؛ ففي هذه الحال نقول: لا يبطل الطواف، ولكن عليه أن يبتعد عن مزاحمة النساء.
س: سؤال يقول: ما حكم تنظيم النسل ؟
استعمال هذه الحبوب نرى أنها مضرة، كثير من النساء تستعمل حبوب منع الحمل، ثم إنها تضر بها؛ فتضر بالرحم، وتضر بالصحة؛ فنقول: لا يجوز إلا عند الضرورة، وبعد استشارة الطبيب.
كذلك أيضا استعمال بعض النساء لما يسمى باللولب هذا أيضا يفسد عليها الدورة؛ بدل ما تكون دورتها ستة أيام تصبح تسعة فتفسد عليها؛ فنرى أن في ذلك أيضا مفسدة، وفي هذه الحال إذا كانت التسعة الأيام كلها دم فإنها لا تصلي فيها، ولا يمسها زوجها.
هناك تنظيم شرعي، أو معروف؛ يعرفه آباؤكم وأجدادكم وهو الرضاع؛ أن المرأة إذا ولدت اشتغلت في إرضاع الأولاد، وما دامت ترضع فإنها لا تحبل، هذا هو الذي عرفه الآباء؛ لأن الحيض ينقلب لبنا؛ فلذلك ما تحيض، والتي لا تحيض لا تحبل، ولو وَطِئَهَا زوجها كل ليلة.
فنقول: عليها أن تعود إلى ما كانت عليه جداتها. إذا أرادت أن تنظم أن ترضع أولادها من صدرها من حين يولد، وهي تعوده على الرضاع من صدرها، وذلك أولا: أنه اقتصاد؛ حيث إنها تريح زوجها من شراء هذه الألبان الصناعية.
ثانيا: أنه أصح؛ يعني صحيا كما ذكر ذلك الأطباء.
ثالثا: أنها في الغالب؛ يعني كثير من النساء لا كلهن لا تحمل حتى تفطم ولدها، فهذا تنظيم وليس فيه محذور.