الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه
مجموعة محاضرات ودروس عن الحج
108114 مشاهدة
الحرص على إكمال مناسك الحج بالواجبات والشروط والسنن والأركان

على أشرف المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
نسأل الله أن يتقبل منكم، وأن يضاعف لكم الأجر، وألا يضيع أعمالنا جميعا. ونسأله أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه، وصوابا على السنة النبوية؛ فإن هذا هو شرط قبول الأعمال: أن يكون خالصا، وأن يكون صوابا.
فللعمل الإخـلاص شرط إذا أتـى
وقـد وافقتــه سـنة وكتــاب
فنقول: الإخلاص أن يكون العمل لوجه الله تعالى، وهو هذا الحج وغيره من الأعمال، إذا كان الإنسان عمل لوجه الله ؛ فإن ربه –سبحانه– يقبل عمله.
نعوذ بالله من عدم الإخلاص، وهو أن ينوي الإنسان بعمله أو بحجه – مثلا – الفخر والتمدح. أي يتمدح دائما؛ فيقول: إنني قد حججت كذا وكذا. يريد أن يتمدح، أو يقصد أن الناس يمدحونه – دائما- في المجالس، ويقولون: فلان كثير الحج، وكثير الاعتمار. وله هذا الهدف الذي يكون سببا في حبوط العمل.
وكذلك الذين يحجون ويقصدون بحجهم المال، لا يقصدون أداء المناسك، ولا يقصدون قبول العمل والثواب عليه؛ لا شك- أيضا- أن هذا مما يفسد العمل، أو يقلل أجره.
فالحجاج في الزمن القديم كانوا يتكلفون. لما كانوا يحجون على الرواحل- على الإبل- فيغيبون عن أهلهم شهرا أو شهرين. والذين بعيدين قد يغيبون سنة أو أكثر من سنة؛ لأداء هذه المناسك، وينفقون ما يقدرون عليه؛ لكن ما يحملهم على ذلك إلا أداء الفريضة التي فرضها الله وهو هذا الحج.
وكذلك- أيضا- يقصدون الأجر المرتب على هذا الحج الذي هو فريضة أو نافلة. فإن الأجر المرتب عليه كبير، وهو مغفرة الذنوب والجنة؛ كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة .
هذا ثواب عظيم، كذلك أيضا يقول- صلى الله عليه وسلم- من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه وهذا- أيضا- ثواب كبير.
إذا كان الحج يكفر الذنوب مع كثرتها- ولكن- لا بد أن يكون الحج مبرورا.
الحج المبرور: هو الذي أخلص فيه صاحبه، والحج المبرور: هو الذي أنفق فيه نفقة حلالا. الحج المبرور: هو الذي كمل مناسكه ولم يترك من مناسكه شيئا، عمل فيه بالشروط وبالواجبات وبالأركان وبالسنن، وبالأفعال التي أمر الله تعالى بها وبينها النبي- صلى الله عليه وسلم-.
نقول: إن علينا الحرص على إكمال هذا الحج؛ فأول ذلك- كما تعرفون- هذا الإحرام الذي هو التجرد من اللباس المعتاد؛ بالنسبة للرجال يتجردون من لباسهم؛ القمص والعمائم والسراويلات والفنائل والمشالح - يتجردون منها- ويبقون على هذا اللباس الخاص.
لا شك أن هذا يذكرهم بأنهم ممتثلون لأمر الله تعالى. الله تعالى أمرنا بهذا النسك، ومن تمامه أن نتجرد من لباسنا المعتاد، ونلبس هذا اللباس الخاص- إزار يشد به الإنسان عورته، ورداء يلفه على ظهره يستر به ظهره وصدره-.
ويكونون كلهم سواء، الغني والفقير، الأبيض والأحمر والأسود، الصغير والكبير، العربي والعجمي؛ كلهم بهذا اللباس. يدلهم ذلك على أنه لا تفاضل بينهم؛ لا فضل بين الغني والفقير، ولا بين العربي والعجمي، ولا بين الصغير والكبير؛ كلهم مستوون في هذا.
وإذا كانوا كذلك فإنهم مستوون في هذه الأعمال، إلا أنه يتفاضلون بما بينهم من التقوى.
ورد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي إلا بالتقوى يعني: التقوى هي التي يحصل بها التفاضل؛ ولأجل ذلك امتن الله تعالى على عباده بهذا اللباس، وأخبر بفضل لباس التقوى؛ فقال تعالى: يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ .
يعني: يسر الله لنا هذه الأكسية التي نستر بها عوراتنا، ونستر بها أجسادنا، ثم إنه تعالى ذكرنا بأن اللباس الحقيقي هو وَلِبَاسُ التَّقْوَى كون الإنسان يستر نفسه بتقوى الله؛ يعني: يرتدي بهذه العبادة التي هي تقوى الله ومخافته.