شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة logo اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.
shape
مجموعة محاضرات ودروس عن الحج
149418 مشاهدة print word pdf
line-top
الحرص على إكمال مناسك الحج بالواجبات والشروط والسنن والأركان

على أشرف المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
نسأل الله أن يتقبل منكم، وأن يضاعف لكم الأجر، وألا يضيع أعمالنا جميعا. ونسأله أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه، وصوابا على السنة النبوية؛ فإن هذا هو شرط قبول الأعمال: أن يكون خالصا، وأن يكون صوابا.
فللعمل الإخـلاص شرط إذا أتـى
وقـد وافقتــه سـنة وكتــاب
فنقول: الإخلاص أن يكون العمل لوجه الله تعالى، وهو هذا الحج وغيره من الأعمال، إذا كان الإنسان عمل لوجه الله ؛ فإن ربه –سبحانه– يقبل عمله.
نعوذ بالله من عدم الإخلاص، وهو أن ينوي الإنسان بعمله أو بحجه – مثلا – الفخر والتمدح. أي يتمدح دائما؛ فيقول: إنني قد حججت كذا وكذا. يريد أن يتمدح، أو يقصد أن الناس يمدحونه – دائما- في المجالس، ويقولون: فلان كثير الحج، وكثير الاعتمار. وله هذا الهدف الذي يكون سببا في حبوط العمل.
وكذلك الذين يحجون ويقصدون بحجهم المال، لا يقصدون أداء المناسك، ولا يقصدون قبول العمل والثواب عليه؛ لا شك- أيضا- أن هذا مما يفسد العمل، أو يقلل أجره.
فالحجاج في الزمن القديم كانوا يتكلفون. لما كانوا يحجون على الرواحل- على الإبل- فيغيبون عن أهلهم شهرا أو شهرين. والذين بعيدين قد يغيبون سنة أو أكثر من سنة؛ لأداء هذه المناسك، وينفقون ما يقدرون عليه؛ لكن ما يحملهم على ذلك إلا أداء الفريضة التي فرضها الله وهو هذا الحج.
وكذلك- أيضا- يقصدون الأجر المرتب على هذا الحج الذي هو فريضة أو نافلة. فإن الأجر المرتب عليه كبير، وهو مغفرة الذنوب والجنة؛ كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة .
هذا ثواب عظيم، كذلك أيضا يقول- صلى الله عليه وسلم- من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه وهذا- أيضا- ثواب كبير.
إذا كان الحج يكفر الذنوب مع كثرتها- ولكن- لا بد أن يكون الحج مبرورا.
الحج المبرور: هو الذي أخلص فيه صاحبه، والحج المبرور: هو الذي أنفق فيه نفقة حلالا. الحج المبرور: هو الذي كمل مناسكه ولم يترك من مناسكه شيئا، عمل فيه بالشروط وبالواجبات وبالأركان وبالسنن، وبالأفعال التي أمر الله تعالى بها وبينها النبي- صلى الله عليه وسلم-.
نقول: إن علينا الحرص على إكمال هذا الحج؛ فأول ذلك- كما تعرفون- هذا الإحرام الذي هو التجرد من اللباس المعتاد؛ بالنسبة للرجال يتجردون من لباسهم؛ القمص والعمائم والسراويلات والفنائل والمشالح - يتجردون منها- ويبقون على هذا اللباس الخاص.
لا شك أن هذا يذكرهم بأنهم ممتثلون لأمر الله تعالى. الله تعالى أمرنا بهذا النسك، ومن تمامه أن نتجرد من لباسنا المعتاد، ونلبس هذا اللباس الخاص- إزار يشد به الإنسان عورته، ورداء يلفه على ظهره يستر به ظهره وصدره-.
ويكونون كلهم سواء، الغني والفقير، الأبيض والأحمر والأسود، الصغير والكبير، العربي والعجمي؛ كلهم بهذا اللباس. يدلهم ذلك على أنه لا تفاضل بينهم؛ لا فضل بين الغني والفقير، ولا بين العربي والعجمي، ولا بين الصغير والكبير؛ كلهم مستوون في هذا.
وإذا كانوا كذلك فإنهم مستوون في هذه الأعمال، إلا أنه يتفاضلون بما بينهم من التقوى.
ورد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي إلا بالتقوى يعني: التقوى هي التي يحصل بها التفاضل؛ ولأجل ذلك امتن الله تعالى على عباده بهذا اللباس، وأخبر بفضل لباس التقوى؛ فقال تعالى: يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ .
يعني: يسر الله لنا هذه الأكسية التي نستر بها عوراتنا، ونستر بها أجسادنا، ثم إنه تعالى ذكرنا بأن اللباس الحقيقي هو وَلِبَاسُ التَّقْوَى كون الإنسان يستر نفسه بتقوى الله؛ يعني: يرتدي بهذه العبادة التي هي تقوى الله ومخافته.

line-bottom