عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.
مجموعة محاضرات ودروس عن الحج
103858 مشاهدة
الحج بين القبول والرد وعلامات ذلك

وعلى آله وصحابته ومن سار على نهجه إلى يوم الدين. أما بعد: إخواني الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته باسمكم جميعا في هذا المخيم نرحب بفضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين حفظه الله، وسدده وجعل الجنة مثواه، وها هو بين أيديكم نسأل الله عز وجل أن يكتب له الخطوات، وأن يرفع له الدرجات في الجنات، وسنعيش معه لحظات، نسأل الله أن ينفعنا وإياكم بعلمه، ونترككم مع شيخنا وفقه الله وسدده الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فمن نعم الله على عباده أن يسر لهم السبل، وسهل لهم الأسباب للوصول إلى هذه المشاعر وهذه الأماكن الطيبة، التي هي مشاعر ومناسك لأداء حج بيته الحرام. ومن نعمه أيضا أن أعان على إتمام هذه المناسك، وعلى الفراغ منها بيسر وسهولة.
وبقي علينا أولا شكر الله؛ فإنه أهل أن يشكر، وأهل أن يعبد، وأهل أن يحمد، وأن يثنى عليه بما هو أهله، فهو أهل الثناء والمجد وهو أهل الحمد، سبحانه وتعالى.
وشكره الاعتراف بفضله؛ فتفضل علينا أولا: بالصحة صحة الأبدان، وقد ابتلي كثير بالأمراض والعاهات.
وتفضل علينا بالجدة؛ أي بوجود المال الذي يكفينا لأداء هذه المناسك، وللمجيء إلى هذه البقاع، ويسد حاجتنا، وحتى نفرغ من هذا، ونشكره سبحانه على الأمن في هذه البلاد وفي الطريق إليها، فإن ذلك من نعمه.
هذه نعم يجب علينا أن نشكر الله تعالى عليها؛ نعمة الصحة، ونعمة المال، ونعمة الأمن، وكذلك أيضا نعمة الوقت أي الفراغ الذي يسره لنا؛ حيث كان عندنا وقت تمكنا فيه من السفر إلى هذه البلاد، ثم قضاء هذه المناسك.
كذلك أيضا نعمة العلم والمعرفة؛ فإن الإنسان جاهل بهذه المناسك حتى علّمه الله، ويسّر له من يعلمه ويطلعه على كيفية أداء هذه المناسك، ويوقفه على معرفتها. قبل أن يشاهدها قد يكون قرأها ولكن لم يكن عنده علم بتفاصيلها ولا بأماكنها. فأنا مثلا قبل أن آتي إلى هذه المشاعر أسمع بالبيت وبالطواف به، وأسمع بالصفا والمروة وبعرفة والجمرات.
ولكن لما أتيت احتجت إلى من يعرفني من أين أبدأ؟ وأين المقام الذي يصلى خلفه، وأين الحجر الذي يستلم؟ وأين الركن الذي يستلم؟ وأين حجر إسماعيل ؟ وكذلك أيضا أين الصفا وأين المروة ؟ وأين العلمان اللذان يسعى بينهما؟ فلا بد أن الإنسان وإن كان عالما يأتي إليه من يبصره.
وذكر لنا بعض مشائخنا نقلا عن مشائخهم: أن عالما مشهورا هو منصور البهوتي الذي ألف كتبا في الفقه وفي الأحكام، لما جاء لأداء نسك الحج؛ احتاج إلى من يوقفه على المشاعر، مع أنه كتب في ذلك المؤلفات الكبيرة كالروض المربع، وكشاف القناع، وشرح المنتهى، وشرح المفردات، وغيرها.
لا شك أن هذا كله دليل على الإنسان بحاجة إلى من يعلمه ويوقفه على المشاعر حتى يراها رأي عين، وحتى يعرف كيفية أداء هذه المشاعر وهذه المناسك، وكيف تبرأ الذمة بأدائها، فهذه من نعم الله تعالى علينا.

لا شك أن الإخوة قد تكرر حجهم مرارا، وقد عرفوا كيفية أداء المشاعر، عرفوا حدود منى وعرفوا حدود مزدلفة وحدود عرفات وعرفوا أماكن الجمرات، ومن أي الجهات يؤتى إليها، وعرفوا شعائر الله تعالى كالصفا والمروة إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ وما أشبه ذلك، وعرفوا المواقيت، وعرفوا ما يعمل به، فكل ذلك والحمد لله قد تكرر.
ومن نعم الله تعالى أن وفقنا لإتمام المناسك في هذه البقاع، فوفقكم للإحرام وحفظتم إحرامكم عن المحظورات التي توجب فدية أو توجب دما، وكذلك أيضا وفقكم للطواف بالبيت وللسعي بين الصفا والمروة وللوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة و بمنى ولرمي الجمار، وللنحر، وللحلق وما أشبه ذلك من الأعمال.
وكل هذه الأعمال تعمل لوجه الله تعالى، وابتغاء رضوانه؛ فهو سبحانه الذي أنعم على عباده، والذي تفضل عليهم بما تفضل به من هذه النعمة التي هي إتمامهم مناسكهم.
ونعرف أيضا أن المؤمن المسلم لا يتكبد المشقة ويفارق أولاده ويفارق بلاده وينفق ماله إلا لنية صادقة صالحة، وهي طلب الجنة وطلب النجاة من النار، وطلب مغفرة الذنوب كما رتب ذلك على مثل هذه الأعمال الصالحة، فإذا كانت هذه نيته فهنيئا له أن ربه سبحانه يبشره بذلك، وأنه يعطيه ما سأله، فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، فإذا قام بأداء ما أوجب الله عليه؛ فلن يخيب الله سعيه.
ونعرف أيضا أن المسلم عليه أن يسعى في أسباب قبول عمله؛ فإن الأعمال إذا قبلها الله تعالى ترتب عليها الثواب، وإذا لم يقبلها لم يستفد منها صاحبها، بل تكون وبالا عليه، فهكذا على المسلم أن يكون حريصا على أن يكون عمله مقبولا.
كان السلف رحمهم الله -الصحابة وتلاميذهم وتلاميذ تلاميذهم- يحرصون على إكمال الأعمال فإذا أكملوا العمل وقع عليهم الهمّ؛ هل قبل منهم عملهم أم لم يقبل؟ فيدعون الله تعالى بقبول الأعمال، ويقول أحدهم: أخشى أن يرد علي عملي، وأن لا يقبله الله، ولكن المسلم المؤمن إذا كانت نيته صادقة؛ فإن ربه سبحانه لا يخيب سعيه، ولا يبطل أجره، بل هو أكرم من أن يرد سائلا، وأن يرد عملا صالحا، هذا فضل الله تعالى ونعمته.
ثم نقول: إن لقبول العمل علامات:
أولها: أن يكون الإنسان محبا لذلك العمل، إذا كان محبا لهذا السفر ولهذه المناسك فذلك من أسباب قبوله.
ومنها: أن يكون مخلصا في عمله، إذا كان عمله خالصا لا يريد به إلا وجه الله والدار الآخرة فذلك من أسباب عمله.
ومنها ثالثا: أن يكون عمله كاملا لا يخلّ بشيء من واجباته أو ما أشبه ذلك، فإذا أكمل ما أوجبه الله عليه فإن ذلك من أسباب قبول عمله.
ومنها رابعا: أن يقتدي فيه بالنبي صلى الله عليه وسلم الذي علم الأمة ما يحتاجون إليه، ومن جملة ذلك تعليمهم لمناسك الحج وقوله بعد التعليم: خذوا عني مناسككم فلعلي لا ألقاكم بعدها وغير ذلك من الأسباب التي يرجى باجتماعها قبول العمل وعدم رده.
ثم نقول أيضا: إن للعمل الصالح المقبول آثارا على العباد، وهذه الآثار تظهر عليه في الحال، وتظهر عليه في المآل، وهنا أذكر شيئا من تلك الآثار التي إذا اجتمعت في العبد رجي أن يكون عمله مقبولا:
فأولا: من آثار قبول العمل أن يحب الإكثار من جنس ذلك العمل، بمعنى أنه يحبب إليه مثل هذه الأعمال فيكون قلبه في كل زمان يشتاق إلى هذه المشاعر وإلى هذه المناسك، ويحن إليها، ويتمناها، ويسأل ربه ألا يحرمه أن يرجع إليها مرارا وتكرارا، فإن ذلك دليل على أنه ما مَلَّ من هذه البقاع، ولو تكبد فيها مشقة، ولو وجد فيها صعوبة، ولو لاقى فيها شدائد، ولو أنفق فيها أموالا، ولكن ذلك كله سهل يسير عليه، يحب هذه الأعمال، ويتمنى الرجوع إليها، فهو دائما يسأل ربه إذا ودع البيت أن يقول: اللهم لا تجعله آخر العهد ببيتك الكريم، وارزقني إليه العودة مرات بعد مرات.
فذلك لا شك أنه دليل على أنه يحب هذه الأعمال، وأن ما لقيه فيها من الصعوبات سهل يسير، لسان حاله يقول:
لأستسهلن الصعب أو أدرك المـنى
فمـا انقادت الآمـال إلا لصـابر
وهو يصبر، ويرجو الثواب الذي رتبه الله تعالى للصابرين، فهذا علامة من علامات محبته.
كذلك أيضا علامة ثانية: وهي محبته للأعمال الصالحة الأخرى، أن يحب بقية الأعمال، فإنه إذا أحب الله تعالى؛ أحب كل ما يحبه، ولا شك أنه ما هزه الشوق إلى هذه البقاع إلا محبة لله تعالى، وطواعية له؛ فلأجل ذلك تراه يحب كل ما يحبه الله من الأعمال الصالحة.
فتراه يحب تكرار الأعمال الصالحة، يحب المساجد، ويتردد إليها باشتياق ومحبة وولع، ويحب الصلوات، ويخشع فيها، ويخضع، ويتواضع، ويحب التنفل بالعبادات، التنفل بالصلوات كالرواتب التي قبل الصلوات وبعدها، يشتاق إليها؛ لأنها محبوبة عند الله تعالى، ويحب أيضا النوافل الأخرى؛ فيحب الصلاة بالليل، ويحب الصلاة بالضحى في وقت انشغال كثير من الناس بدنياهم وبوظائفهم وحرفهم، فهو يحب ذلك.
ويحب أيضا العلم النافع الذي يرشده الله به إلى معرفة ما أباحه الله وما حرمه عليه، فهو يحب الاستكثار من الطاعات، ويحب الصدقة، ويهون عليه أن ينفق في سبيل الله وفي وجوه الخير، كل شيء في سبيل الله مما أمر الله به ومما رغب فيه، يحب ذلك ويشتاق إليه، ويحب الصيام، يحب أن يستكثر منه؛ لأنه محبوب عند ربه سبحانه وتعالى.
وتراه أيضا يحب بقية الأعمال الخيرية؛ فيحب أن يبر أبويه، وأن يصل أرحامه، وأن يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، وينصح للمسلمين، ويرشد الضال، ويعلم الجاهل، ويرشد الحيران، ويدل من غوي وغلط، ويعلّم من عنده نقص أو حاجة إلى تعليم؛ لأن ذلك كله مما يحبه الله تعالى، فهو يحب الله ويحب أولياء الله يحب الصالحين، وإن لم يصل إلى درجتهم، ولسان حاله يقول كما روي عن الشافعي رحمه الله:
أحـب الصـالحين ولسـت منهـم
وأرجـو أن أنــال بهـم شـفاعة
وأبغـض من بضاعتـه المعـاصي
وإن كنت شريكـا في تلك البضـاعة
هكذا حال من يرجو قبول عمله.
وكذلك بقية الأعمال الصالحة، لما أنه تقرب إلى الله تعالى بهذه العبادات كان ذلك مؤثرا في أنه يحب الاستكثار من الصالحات، من الأعمال القاصرة والمتعدية. القاصرة التي تقتصر عليه كالصلاة والصيام، والمتعدية التي يتعدى نفعها كالصدقات والنصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتعليم الجاهل والنصيحة للمسلمين وإعانة العاجزين، وما أشبه ذلك، هذا كله يعتبر أثرا من آثار قبول العمل، ومن علامات محبته.
وكذلك أيضا لا يتم هذا إلا بترك المخالفات، وببغض المحرمات؛ فإن العبد في هذه البقاع قد تقرب إلى الله بهذه القربات، فيعتبر بذلك قد عمل هذه الصالحات، ومن عمل الصالحات ترك المحرمات، وأبغض الخطايا والسيئات، ونفرت نفسه من كل المحرمات فأبغضها، وهجرها، وهجر أهلها، ولو كان يألفها فيما سبق؛ وذلك لأن هذه الأعمال الصالحة كأنها تعتبر معاهدة بين العبد وبين ربه.
ذكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في تفسير الفاتحة في ثلاثة الأصول لما أتى على قوله: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ .
قال: عهد بين العبد وبين ربه ألا يعبد إلا إياه، وألا يستعين إلا به؛ فجعل ذلك عهدا.
فنقول: أنت إذا طفت بالبيت فكأنك تعاهد الله على أن تطيعه، وإذا أطعته؛ فكأنك أيضا تعاهده على ألا تعصيه ولا تعصي نبيه، ولا ترتكب شيئا من المخالفات التي حرمها عليك.
ذُكر عن ابن عباس في تفسيره أو في الحكمة في استلام الركن الذي فيه الحجر الأسود ؛ لماذا يقبّل الحجر الأسود ؟ ولماذا يمسح؟ ولماذا تقبل اليد إذا استلمها به؟ فقال: إن الحجر الأسود يمين الله في الأرض، من استلمه فكأنما استلم يمين الله؛ أي كأنه بايع ربه إذا استلمه سواء بالإشارة إليه ولو من بعيد، أو بمسه بمحجن ونحوه، أو بمسه بيد أو بتقبيله بالفم، يعتبر كل ذلك معاهدة، كأنك تقول: أعاهدك يا رب على ألا أعصي، أعاهدك يا رب على ألا أترك طاعة، أبايعك يا رب على أن أتقرب إليك بكل ما تحبه وبكل ما فرضته علي، وأتقرب إليك بترك ما حرمته علي من هذه المحرمات وما أشبهها، فكل ذلك يعتبر معاهدة.
ونقول: كذلك أيضا إذا طفت بالبيت؛ فهذه معاهدة، وإذا سعيت بين الصفا والمروة فهذه معاهدة، وإذا وقفت بعرفة فهذه معاهدة، وإذا ذكرت الله عند المشعر الحرام فكأنك تعاهد الله، وإذا بت في هذه الأيام في منى ؛ فهذه أيضا معاهدة، وإذا رميت الجمار؛ فهذه معاهدة؛ أي أنك عاهدت الله تعالى؛ فعليك الوفاء بالعهد.
تذكّر قول الله تعالى: وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا معاهدة وإن لم يكن فيها حلف، وإن لم يكن فيها أيمان، ولكن مباشرتك لهذه الأعمال تعتبر امتثالا لأمر الله، ومن امتثل أمر الله تعالى؛ اعتبرناه بذلك مطيعا لربه، وخاضعا لأمره، وموافقا لشرعه، لا يعصي الله طرفة عين، ولا يخرج عن طواعيته، ولا يرتكب شيئا مما نهاه عنه.
فإذا رأيته يحافظ على الصلوات في المساجد؛ فاشهد له بأنه يحب العبادات، وأن عبادته مقبولة التي هي الحج والمناسك، وإذا رأيته يتخلف عن الصلوات، ويهجر المساجد، ولا يأتيها إلا إلماما؛ فخف عليه أن عمله لم يقبل، أو أنه لم يتأثر بهذه الأعمال الصالحة، أو أنها مردودة عليه؛ لأنها ما أثرت فيه محبة الصالحات.
وكذلك أيضا إذا رأيته يحب الصدقة، ويؤدي الحقوق المالية التي أوجبها الله عليه؛ فاشهد له بالخير، وقل يرجى أنه قد غفرت له سيئاته، وأنه ممن قبل حجه وأثيب عليه ورجع مغفورا له؛ حيث إنه أحب البذل بذل المال الذي أنفقه للحج.
وكذلك أيضا يبذل مالا لينفقه في المستضعفين وفي الفقراء والمستحقين ونحو ذلك، وكذلك أيضا إذا رأيته يتقرب إلى الله تعالى بصيام النوافل التي لها أسباب كصيام أيام البيض من كل شهر، أو الاثنين والخميس من كل أسبوع، أو يوم عاشوراء أو ما أشبهه من الأيام التي رغب في الصيام فيها؛ فإن ذلك دليل على أنه أحب هذه العبادة، وأنها أثرت فيه؛ فيرجى أن تكون مقبولة.
وإذا رأيته هجر هذا الصيام، ولم يتقرب به إلى الله تعالى؛ فتخاف عليه أن يكون غير مقبول عمله.
وكذلك أيضا إذا رأيته يكثر من ذكر الله قائما وقاعدا وعلى جنب، ويتلو القرآن ويحبه ويدعو الله ويتواضع بين يديه؛ فإنك ترجو أن يكون عمله مقبولا.
وإذا رأيته قد هجر القرآن وهجر ذكر الله فلا يذكر إلا دنياه، ولا يذكر إلا شهواته وملاهيه، أو هكذا على الملاهي هكذا على سماع الغناء والطرب والزمر؛ المزامير وما أشبهها، أو عكف على النظر إلى الصور وإلى الأفلام الخليعة وإلى الصور الفاتنة العارية وما أشبهها، وجعل ذلك عادته وديدنه.
فإنك تخاف عليه، وتقول: هذا لم ينفعه حجه، وهذا لم يتأثر بعمله، وهذا يخشى أن يكون حجه رياء وسمعة، أو أن شهواته غلبت على قلبه وغلبت على دينه؛ فأطاع الشيطان، واتبع الهوى، وارتكب ما تتمناه نفسه الأمارة بالسوء؛ فعاد إلى المحرمات، فكيف يكون هذا عبدا صالحا؟ وكيف تكون حسناته مقبولة وحجه مقبولا؟ يخاف عليه، وتقول هكذا أيضا في كثير من المحرمات.
فالذي يزهد في الدنيا ويزهد في المشتبهات، ويتركها خوفا من المحرمات؛ يرجى قبول عمله، والذي يتمادى في المشتبهات، ويأكل المحرمات؛ يسرق، وينتهب، ويأكل الرشوة، ويتعامل بالمعاملات الربوية، ويغش في معاملاته، ويخادع المؤمنين، ويأخذ أموالهم بغير حق، ويخون الأمانات، ويجحد العواري وما أشبه ذلك، فهل يقال إن هذا انتفع بحجه؟ انتفع بأعماله التي أداها؟ فهذا لم ينتفع بها، وإنما رجع إلى غيه، رجع إلى نكسه، رجع إلى لهوه وسهوه. ونقول كذلك في بقية المحرمات.
فهذا علامة قبول الأعمال، وعلامة ردها، فيجتهد الإنسان في تفقد نفسه، ويتفقد أيضا إخوانه الذين معه والذين قبله فيعرف بذلك الصالح الذي عمله صالح يرجى قبوله، ويعرف بذلك الذي رجع إلى سهوه.
فكثير من الناس حجهم إنما هو متابعة لآبائهم وأصدقائهم وزملائهم، لم يكن الحامل عليه إرادة وجه الله والدار الآخرة، فعلامة ذلك أنهم قد لا يصلون، أو يتركون الصلاة مع الجماعة، أو يعكفون على الملاهي، أو يشربون الخمور ويتعاطون المخدرات وما أشبه ذلك.
فنقول: إن مثل هؤلاء يخاف عليهم أنها قد ردت عليهم أعمالهم، وأنهم ما حجوا لله ولا أرادوا بذلك وجه الله، ولكن الظن إن شاء الله بالمسلم أنه ما يريد مثل هذا، وأنه ينتفع.
وكثير من الناس يكونون في أول أعمارهم مفرّطين ومهملين ومرتكبين للمحارم من المحرمات يسهرون على الغناء واللهو ويشربون الخمور يتعاطون المسكرات والمخدرات ونحوها، ثم يمنّ الله تعالى عليهم إذا أدوا هذه المناسك وقاموا بهذه الأعمال في هذه المشاعر؛ فيرجعون تائبين، ويقول أحدهم: إني قد تبت إلى ربي، وعرفت أني كنت مفرطا وأني كنت عاصيا، والحمد الله على أن هدانا.
يقول أحدهم: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ فهذه علامات أنه صادق التوبة.
هذه وصايا نحب أن نذكّر بها الإخوان، ونرجو إن شاء الله أن يتذكروها، ونرجو أيضا أن يذكّروا بها إخوانهم في هذه الرفقة وفي غيرها، ويذكّروا بها غيرهم ممن في بلادهم، ويعرفوا بذلك أن العمل لا يثاب عليه إلا إذا كان مقبولا، وكان موافقا للسنة على ما روي عن الفضيل بن عياض رحمه الله في أنه فسر قول الله تعالى: لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا قال: أخلصه وأصوبه فقيل: فسره لنا يا أبا علي فقال: إن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل، وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل، والخالص ما كان لله، والصواب ما كان على السنة.
فإذا أصاب الإنسان بعمله سنة فإنه يرجى بذلك مع الإخلاص أن يكون عمله نافعا ومؤثرا، نسأل الله أن ينفعنا بما علمنا، ويعلمنا ما ينفعنا، ويرزقنا علما نافعا وعملا صالحا؛ إنه على كل شيء قدير.
أسئـلة
س: في يدي سؤال يحث فيه أو ينبه فيه السائل على مسئولية الأولياء، سواء كانوا معه في الرفقة في هذه الرحلة أو ليسوا معه.
فنقول: تذكرون قول النبي صلى الله عليه وسلم: كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته فولي الأمر مسئول عمن ولاه الله تعالى من النساء والذرية والأولاد ونحوهم، مسئول عنهم عند الله تعالى، فعليه أن يؤدي هذه المسئولية، وأن يخشى الله تعالى.
لا شك أن من واجبه في رعاية الأولاد تعليمهم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: مروا أولادكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع يعني إذا بلغ الولد ذكرا أو أنثى سبع سنين فإن أباه يعلمه الطهارة ويعلمه الصلاة وما يقول فيها، وكذلك أيضا إذا بلغ عشر سنين ذكرا أو أنثى فإنه يؤكد عليه ويضربه ضرب تأديب؛ حتى يتعلم ويعمل.
وكذلك أيضا هو مسئول عمن تحت يده من الإناث ومن الذكور، عليه أن يحميهم عن أسباب الفساد، فالذين يجلبون إلى أهليهم أسباب الفساد كإدخال أجهزة استقبال القنوات الفضائية بما فيها من الشرور وما فيها من الصور العارية، وما يدعو فيها إلى ارتكاب المحرمات، والافتتان بالنساء المتكشفات وما أشبه ذلك، لا شك أنه يعتبر بذلك متسببا في إفساد من تحت يده؛ فيكون غاشا لهم ويكون بذلك مسئولا عنهم: فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته .
كذلك أيضا عليه مسئولية لمن تحت يده من نسائه، لا شك أن الكثير من النساء يقعن في مشكلات وفي مخالفات، فتجدهن يفعلن أنواعا من المحرمات مثل التكشف أمام الرجال حتى أن بعضا -أعوذ بالله- من أولياء الأمور يلزم زوجته أن تكشف لإخوته أو لأزواج أخواته وما أشبه ذلك، لا شك أن هذا يعتبر محرما.
وكذلك أيضا إقرار من تحت ولايته من النساء على لباس الزينة والتطيب أمام الرجال؛ يعني كونه يعرف أن امرأته تتجمل، وتتطيب، وتدخل الأسواق، وهي مبدية بعض زينتها كلباسها لما يسمى بالنقاب الذي هو واسع الفتحات والذي يلفت الأنظار، وكتغييرها لشيء من خلقتها بما يسمى بالنمص؛ يعني تغييرها لحواجبها. النمص هو نتف الشعر من الحاجبين أو تشقيره، أو إقرارها على تغيير الشعور، وقصها وجعلها مثلا مدرجات وعقدها لرأسها كجمع رأسها من الخلف، وكذلك أيضا لباسها الضيق وما أشبه ذلك، المسئولية على أولياء الأمور، والمسئول هو ولي الأمر ذكرا أو أنثى، الأب والأم عليهما مسئولية كبيرة أن يعلموا أولادهم.
من المعلوم مثلا أن الطفلة إذا نشأت على لباس قصير إلى نصف الفخذ، وقالوا إنها صغيرة، إن عمرها مثلا ثلاث سنوات أو خمس سنوات، فلا تزال طفلة وصغيرة فنربيها على هذا؛ يلبسونها هذا اللباس الذي إلى نصف الفخذ، والذي هو ضيق جدا بحيث إنه يبدو منها بطنها وثدياها ومنكباها وما أشبه ذلك، متى تنفطم عن ذلك إذا ألفته وهي صغيرة؟! لا شك أن هذا من أسباب الفساد، فالمسئولية كبيرة، وعلى المسلم أن يكون محسا بهذه المسئولية، وأنه مسئول عن رعيته فيعد للسؤال جوابا وللجواب صوابا.
س: جزى الله شيخنا الشيخ عبد الله على هذه الكلمات الطيبات، ونستأذنه في بقية الأسئلة إن سمح لنا أن نسأله، جزاكم الله خيرا. فضيلة الشيخ هذا سائل يقول: أثابكم الله، هَلْ أهلُ مكة يقصرون الصلاة في عرفة ومنى مع الحجاج إذا كانوا حجاجا؟ وما الدليل على ذلك؟
يقصرون إذا سافروا، في عهد النبي صلى الله عليه وسلم سافروا؛ لأنهم في اليوم الثامن أخذوا زادا يكفيهم خمسة أيام وركبوا رواحل، وأخذوا قِرَبًا وملئوها ماء، وغابوا عن بيوتهم خمسة أيام، غابوا اليوم الثامن في منى واليوم التاسع في عرفة واليوم العاشر في منى وكذا اليوم الحادي عشر، واليوم الثاني عشر، ما رجعوا إلى بيوتهم حتى أنهوا حجهم في آخر اليوم الثاني عشر، أو الثالث عشر؛ فاعتبروا مسافرين، واعتبر لهم حق القصر، ولو كانت المسافة طويلة.
فأما إذا كانوا لا يغيبون عن بيوتهم؛ يعني كل يوم يروح إلى بيته يغتسل فيه، يتوضأ فيه، يقضي فيه حاجته، يأخذ منه أكله، يأكل فيه، يريح نفسه، ينام فيه وقت النهار وقت القيلولة وما أشبه ذلك، كل يوم يروح إلى بيته مرة أو مرتين؛ فنرى أن هؤلاء لا يسمون مسافرين؛ لأنهم ما حملوا زادا ولا حملوا مزادا، السفر هو الذي يحتاج إلى زاد ومزاد. الزاد هو القوت الذي يحمله ليقتات به، والمزاد تعرفون المزادات التي يملئونها من الماء وهؤلاء ما حملوا معهم ماء ولا حملوا معهم كلأ؛ فلا يعتبرون مسافرين في منى
وأما في مزدلفة وفي عرفة ؛ فيذهب بعض مشائخنا إلى أنهم يجمعون ويقصرون، ويعتبر هذا القصر نسكا؛ يعتبر من المناسك؛ وذلك لأن الحكمة في الجمع في عرفة إطالة الوقوف أن يطول الوقوف لهم، والجمع في مزدلفة أيضا التخفيف عنهم بعد اللأْي وبعد التعب؛ فيجوز لهم في عرفة وفي مزدلفة الجمع والقصر، وأما في منى فيجوز لهم القصر إذا كانوا لا يرجعون إلى بيوتهم؛ يعني معهم زادهم، ومعهم مزادهم، وأما إذا كانوا يرجعون إلى بيوتهم كل يوم؛ فلا يقصرون ولا يجمعون.

س: أثابكم الله، هذا سائل يسأل يقول: أسكن دون المواقيت، وأهللت بالحج من مكة بعد تجاوزي نقطة التفتيش، فما حكم هذا الإحرام؟
من أحرم بعدما تجاوز الميقات أو كان ميقاته بلده وأحرم بعدما تجاوز بلده؛ فعليه دم، دم جبران عن مجاوزة البلد، فإذا كان مثلا أنه من أهل جدة وأحرم بعدما تجاوز التفتيش اعتبر أحرم من غير ميقات؛ فعليه دم جبران، وهكذا سائر البلاد الذين أحرموا بعدما جاوزوا الميقات.

س: أثابكم الله، امرأة حائض قدمت للحج بنية الإفراد، فلم تطف بالبيت في طواف القدوم بسبب الحيض، ولكنها سعت للحج حيث كانت مفردة، فطافت يوم النحر طواف الإفاضة، فهل عليها سعي بعد طواف الإفاضة؟
لا يكفيها ذلك السعي، السعي لا بد أن يسبقه الطواف، ونقول لها أيضا: لا يجوز لها السعي وهي حائض؛ وذلك لأن السعي يكون في الحرم المسجد، والحائض لا تدخل المسجد، والمسعى قد أدخل في المسجد، فعلى كل حال تعيد السعي، وتعيد الطواف؛ يعني طوافها هذا الذي هو طواف الإفاضة لا بد أن تعيده، أو تطوف طواف الوداع، ويكفيها عن الإفاضة والوداع وتسعى بعده.

س: أثابكم الله. شخص أحرم وقد لبس سرواله بعد نية الإحرام، وهو ناسٍ، ثم تذكر وقت الظهر، فأنزله بعد علمه بذلك، فهل عليه شيء؟
ليس عليه شيء، الناسي معذور، إذا فعل شيئا من المحظورات ناسيا؛ فلا شيء عليه.

س: أثابكم الله، هل يحج الرجل عن رجل مات ولم يحج وهو مفرّط في أداء فريضته؟
إذا كان لهذا الميت تركة؛ يحج عنه من تركته، وإذا حج عنه أحد أولاده؛ فله أجر على ذلك، ولو كان ذلك الميت مفرطا.

س: أثابكم الله، هذا رجل تسبب في قتل خمسة من الرجال؛ ثلاثة من المسلمين، واثنين من النصارى، فهل عليه كفارة، علما بأن ذلك وقع منه على سبيل الخطأ؟
تكثر هذه الحوادث حوادث السيارات، ويحصل منها وفيات؛ فنقول: إذا قرر المرور عليه نسبة خطأ ولو عشرة في المائة؛ فعليه الدية، وعليه الكفارة، إلا أن الدية تكون بقدر ما عليه من النسبة الربع أو العشر أو النصف، وأما الكفارة.. ولو كانوا نصارى؛ لأنهم معاهدون لهم عهد، دخلوا البلاد بأمان، ولا يجوز التعدي عليهم ظلما، فإذا قتلوا وهم معاهدون خطأ؛ فإن من تسبب في قتلهم عليه كفارة مثل كفارة من تسبب في وفاة مسلم. نعم.
س: أثابكم الله يا شيخ، هذا رجل يقول: أنا لدي ديون كثيرة وعجزت عن تسديدها، فهل تقبل حجتي بإذن الله؟
إذا كان أهل الدين لا يشددون عليك؛ لو سافرت مثلا إلى نجران أو إلى جيزان أو إلى تبوك ما ردوك ولا تستأذنهم، إن شاء الله أنهم لا يردونك عن السفر إلى مكة لأداء المناسك؛ فحجك صحيح. أما إذا كانوا يضايقونك ويقولون: لا تسافر قريبا أو بعيدا، أعطنا أجارك؛ فلا يحق لك أن تحج حتى يأذنوا لك.
س: أثابكم الله، هذا شخص يقول: أنه حلق، ونحر، ثم تحلل قبل أن يرجم، ثم رمى في وقت العصر في يوم العيد، فما حكم فعله هذا؟
أخطأ؛ لا يتحلل التحلل الأول إلا بعد أن يفعل اثنين: الرمي والحلق، أو الرمي والطواف، أو الطواف والحلق، النحر ليس من أسباب التحلل؛ لأنه ليس عاما، كثير من الحجاج ليس عليهم هدي يعني كالفقراء الذين يصومون إذا كانوا متمتعين، أو كالمفرِدين.
فعلى كل حال هو أخطأ؛ وحيث إنه حلق في ذلك اليوم، لا نأمره بإعادة إحرامه.
س: أثابكم الله، هل الحاج لنفسه أو لغيره يجوز له أن يقص بشعره ويقلم أظفاره بعد شروعه في الإحرام، وإذا أراد أن يهدي في مكة ويضحي عند أهله؟
عند الإحرام في الميقات إذا كان يريد أن يضحي؛ لا يقص من شعره ولا من أظفاره.
ونقول: إن الحكمة في القص عند الإحرام؛ مخافة أن يطول زمن الإحرام، ويحتاج إلى أن يتعاهد شعره وأظفاره إذا طالت؛ لأنهم كانوا قديما يبقون نحو خمسة عشر يوما بإحرامهم فيطول شعر أحدهم وتطول أظفارهم في هذه المدة، فكانوا يتعاهدون أخذ الشعر عند الإحرام.
أما في هذه الأزمنة فإن المدة قصيرة، مدة الإحرام إنما هي ثلاثة أيام أربعة أيام على الأكثر؛ فلا يكون هناك وقت تطول فيه أظافره، أو يطول شعره.
وبكل حال إذا كنت تريد أن تضحي في بيتك في بلدك؛ فلا تأخذ؛ خذ من أظافرك عند دخول العشر قبل أن تدخل بيوم أو بنصف يوم، تعاهد عانتك وشاربك وإبطيك مثلا وأظفارك، ولا تأخذ عند الإحرام.
وأما عند التحلل من العمرة، أو التحلل من الحج؛ فإنك تأخذ ولو قبل أن تُذبح أضحيتك؛ لأن هذا الأخذ يعتبر نسكا؛ حلق الرأس يعتبر نسكا أي عبادة وطاعة وقربة فإنك تأخذ ولو لم يذبحوا أضحيتك.
وقد نهى الله تعالى عن حلق الرأس حتى يبلغ الهدي محله، ومعنى قوله: وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ أي حتى يحل ذبحه، أي يبلغ الوقت الذي يذبح فيه، ولو لم يكن قد ذبح، ولهذا رجل حلق قبل أن يذبح، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا حرج .
س: أثابكم الله. هذا رجل يقول: هل يجوز لي وأنا من أهل السنة والجماعة أن أحج عن والديّ، وقد توفيا وهما على مذهب الإسماعيلية؟
نرى أنك لا تحج لهما إذا كانوا مثلا على هذا المعتقد، لكن الإسماعيلية العوام إنما يتبعون هذا المذهب في الظاهر دون الباطن. أما عقيدة الإسماعيلية الباطنية فنرى أن العوام سيما من البوادي يتبعونهم في الظاهر دون الباطن؛ يعني يتبعونهم في كونهم يكملون رمضان، ولا يعيِّدون مع المسلمين، وكذلك أيضا لا يصلون الجمعة ركعتين بل يصلونها مثلا أربعا، وغير ذلك من أحوالهم.
وأما نفس العقيدة وهي تكفيرهم لبعض الصحابة وما أشبه ذلك؛ فذلك وإن كان ظاهرا في بعضهم فهو التقليد؛ فنرى إذا كان من البوادي العامة لا بأس بالحج عنهم.
س: أثابكم الله. هذا رجل يقول: لدي عقار مؤجر، وهو مرهون لصندوق التنمية، فما حكم الزكاة فيه؟
الزكاة عن الأجار إذا حال عليه الحول؛ إذا أجرته وحال عليه الحول وهو عندك الأجار؛ فأخرج زكاته. أما إن فكه قبل أن يحول عليه الحول فلا زكاة عليك، ولا زكاة في قيمة العقار.
س: أثابكم الله. يقول: ما حكم من بدأ برمي الجمرة الوسطى ثم الكبرى ثم رجع ورمى الصغرى علما أنه تجاوز الصغرى جاهلا، فما حكم ذلك؟
يعيد الجمرتين الوسطى والكبرى صح له رمي الجمرة الصغرى فإن كان بالأمس يعيد رمي الجمرتين، ويعيد رمي اليوم، وإن كان في هذا اليوم، ففي إمكانه أن يذهب الآن ويعيد الجمرتين الوسطى والكبرى لا بد من الترتيب.
س: أثابكم الله يا شيخ. شخص طاف بالبيت ثلاثة أشواط ثم انتقض وضوءه فما الحكم؟
يذهب ويتوضأ، ولو غاب قطع الطواف مثلا بنصف ساعة أو ثلث ساعة وقت الوضوء ثم يأتي ويبدأ ذلك الشوط من أوله، والأشواط التي قبلها؛ التي أتمها يحسبها؛ يعني يكون بقي عليه أربعة أشواط.
س: أثابكم الله. رجل نوى الحج لغيره من بلده، فلما وصل إلى الميقات قال في نية حجه: لبيك حجا، ولم يقل: عن فلان نسيانا منه مع أنه ينوي الحج لهذا الرجل؟
النية تكفي إذا كانت نيته عازما على أنه لفلان؛ فالنية تكفي إن شاء الله.
س: أثابكم الله. رميت الجمرة الصغرى ولم أعلم هل رميت بسبع حصيات أم بثمان؟
الزيادة لا تضر، السبع كافية.
س: أثابكم الله. هذا رجل يقول: حصل منه استمناء وهو لم يحلّ التحلل الكامل بعد أن حلق وذبح، فماذا عليه؟
يعفى عنه، فالممنوع هو مباشرة النساء تقبيلا أو لمسا أو نحو ذلك، وأما هذا الاستمناء فإنه محظور ولكن ما ذكروا فيه جزاء.
س: أثابكم الله. هذا أخ يسأل ويقول: هل الحديث بالحج مع بعض الحجاج في الإنكار عليهم في بعض المنكرات كالتدخين، أو تقديم الصلاة عن وقتها، ويكون الكلام فيه نوع من الجدل، فهل هذا ينطبق عليه الرفث والفسوق والجدال؟
بل يعتبر هذا من النصيحة إذا كان متأكدا صحة ما يقول، من النصيحة ومن الإرشاد ومن تعليم العلم، ولكن إذا كان في المسألة خلاف؛ فلا يجوز له أن يجادل من يخالفه، بل يقول لك اجتهادك ولي اجتهاد.
س: أثابكم الله. هذا رجل يقول: ما الحكم فيمن طاف طواف الإفاضة، ولم يصلّ خلف مقام إبراهيم نسيانا منه؟
الصلاة تعتبر سنة، من تركها نسيانا سقطت عنه. نعم.
س: ويقول: ما الحكم في رمي الجمرات غدا؟ وهل يجوز رميها قبل الزوال؟
رميها لمن لم يتعجل واجب، كما يجب رميها في هذا اليوم، ولكن لا يجوز إلا بعد الزوال؛ وذلك لأنه -لا حرج فيه- لا يخشى هناك فوات ولا يخشى هناك مشقة ولا زحام؛ لأن الأكثر من الناس قد انصرفوا. نعم.
س: أثابكم الله. هذا رجل من أهل جدة أراد الحج من جدة ولكن لم يحرم إلا من مكة فهل عليه شيء؟ وما ضابط قول النبي صلى الله عليه وسلم –كما يقول- ومن كان دون المواقيت فمن حيث أنشأ ؟
نعم عليه دم؛ لأنه تجاوز ميقات بلده؛ يعني الحديث يقول: ميقاته من حيث أنشأ يعني هو أنشأ السفر من جدة فعليه أن يحرم من جدة أن يحرم من بلده، من كان من دون المواقيت أنشأ السفر مثلا من الجموم أنشأه من وادي فاطمة أنشأ من حدى أنشأ من الشرائع من حيث أنشأ يحرم.
س: أثابكم الله. هل يجوز للمرأة أن توكل في الرمي لأنها مصابة بضغط الدم؟
يجوز إذا خشيت الضعف والضرر وشدة الزحام.
س: هذا السائل يقول: ما حكم قص الشعر بما يسمى بالقصة كأنها امرأة؟
نرى أنه لا يجوز، المرأة عليها أن تضفر شعرها وتضفير الشعر يعتبر زينة وجمالا، فهؤلاء اللاتي ابتلين بالقصة تقص من قدام شعرها أو من مؤخره أو تجعله درجات هذا كله من البدع.
س: أثابكم الله. هذا سائل يسأل يقول: هناك في بعض القبائل عند أهل البادية من يسمى شيخ القبيلة يتحاكم إليه الناس من أبناء قبيلته، وهذا الرجل لا يحسن الوضوء، ويحكم بينهم وربما بغير ما أنزل الله به من سلطان، فهل من كلمة تجاه هؤلاء؟
الحكومة والحمد لله جعلت في كل بلد قضاة يحكمون بشرع الله موثوقون ومعروفون، فنقول: لا يجوز التحاكم إلى الرؤساء ولا إلى أمراء القبائل، بل الأصل أنهم يتراجعون في اختلافاتهم إلى القضاة.
فإذا كان هؤلاء الرؤساء جهلة مثل هذا الذي سأل عنه السائل، وكانوا مع ذلك يتركون شيئا من الواجبات، وكانوا مع ذلك يحكمون بالعادات، فيخاف أن حكمهم حكم بغير ما أنزل الله؛ فعلى من عرفهم أن ينصحهم، وأن يحذرهم من هذا العمل، وأن يحذر الناس من الترافع إليهم.
س: أثابكم الله. هذا رجل يقول: ما رأي سماحتكم فيمن طاف في الدور الثاني، ثم حصل ازدحام شديد اضطره للخروج إلى المسعى فخرج عن سير الطواف، فقطع مسافة من الطواف وهو في السعي ثم عاد إلى مكان الطواف في الدور الثاني، فهل يصح هذا الطواف؟
يصح ذلك؛ لأن البيت عن يساره؛ ولأن سطح المسعى يعتبر من داخل الحرم ؛ لأن المسعى أيضا من الحرم ؛ فلا حرج عليه عندما المضيق الذي في الجهة الشرقية الجنوبية، هذا المضيق يضطر كثير إلى أنهم ينزلون ويمشون عدة أمتار على سطح المسعى ثم يرجعون ولو لم يكونوا يرون البيت ؛ حيث إن البيت عن يسار أحدهم.
س: أثابكم الله. يقول هؤلاء: حججنا على نفقة أحد المحسنين جزاه الله خيرا، فهل لنا أجر في هذه الحجة؟
أجره النفقة، وأجركم العمل، فأنتم مثلا الذين طفتم ودعوتم ورجمتم وبِتُّم وصليتم وعملتم هذه الأعمال، فأجركم على هذا.
وأما هو فأجره حيث إنه تسبب في وصولكم إلى هذه البقاع؛ فله أجر ما أنفق ولكم أجر ما عملتم.
س: أثابكم الله. هذه امرأة تقول: لم تطف طواف الإفاضة بسبب الحيض، ولم يتيسر لها الطواف، فهل يجوز لها أن تذهب إلى جدة حتى تطهر ثم تطوف، أم الواجب عليها أن تبقى في مكة ؟
لا بأس أن تذهب إلى جدة ؛ فجدة قريب، تبقى هناك يومين أو ثلاثة أيام حتى تطهر، وإذا طهرت رجعت وطافت للإفاضة طوافا يكفيها عن الإفاضة والوداع.
س: أثابكم الله. هذا رجل يقول: أمي قدر الله عليها بالسرطان أجارنا الله وإياكم والسامعين، وقرر الأطباء أن تأخذ الكيماوي خلال فترة ثلاثة أشهر، وخلال تلك الأشهر دخل شهر رمضان، وحاولت أمي ألا تأخذ الكيماوي ولكن الأطباء رفضوا ذلك، فكانت تأخذ الكيماوي وتصوم إذا استطاعت، فهل صومها صحيح أم يجب أن تقضي ما صامته؟
عليها إن شفيت وزال المرض بإذن الله تقضي؛ ذلك لأن هذا العلاج يدخل في داخل البدن؛ فيكون مفطِّرا في الظاهر، فإذا لم تقدر على ذلك؛ أو توفيت بسبب ذلك سقط عنها القضاء وعن أوليائها.
س: أثابكم الله. إذا اغتسلتُ للجنابة هل يجوز لي أن أنوي الغسل بالجنابة والنظافة أم للجنابة فقط؟
لهما جميعا؛ فإن غسل الجنابة نظافة، كذلك غسل الجمعة يعتبر نظافة. نعم.
س: أثابكم الله. نعلم يا فضيلة الشيخ أن المرأة لا يجوز لها أن تسافر إلا مع ذي محرم، ولا تخلو إلا مع ذي محرم، ونحن أهل بادية، ويكون هناك حالات تمرض فيها المرأة، ولا يوجد معها محرم، فهل يجوز للأجنبي عنها أن يحملها بالسيارة ويوصلها للمستشفى أم لا؟
يجوز ذلك عند الضرورة، إذا كان هناك ضرورة، وعليه في هذه الحالة أن يحمل معها إحدى محارمه كأمه أو زوجته أو أخته أو نحو ذلك؛ حتى تزول الخلوة ويكون هذا بقدر الحاجة.
س: أثابكم الله. إذا فوجئت بوفاة أحد أقاربي، وذهبت ولما وصلْتُ، وجدت أنه قد دُفن وصلوا عليه، فهل يجوز لي أن أقف عند قبره وأصلي عليه صلاة الميت وأدعو له أم لا؟
يجوز ذلك إذا لم تحضر الصلاةَ عليه تصلي على قبره ولو بعد يوم أو بعد يومين أو بعد شهر أو بعد أشهر.
س: أثابكم الله. ما حكم شرب الدخان، وأكل القات، وشرب الشيشة والشمة، وهل يجرح ذلك الشهادة أم لا؟
إن هذه من المحرمات، الدخان دخان مجرد دخان ومع ذلك فإنه إتلاف للأموال، وإتلاف للأبدان، قبيح الرائحة وقبيح الأفعال، يبتلى به كثير من الشباب حالة جهلهم، فيظنون أنه لا ضرر فيه ثم إذا تمكن منهم تمنوا الخلاص وصعب عليهم التخلص منه.
فنقول: إن عليهم أن يصدقوا في تركه بقوة وبعزم حتى يعينهم الله على تركه تماما، ولا يقول أحدهم: أتركه تدريجيا يعني بأن أقلل منه؛ فإن هذا لا يفيد؛ فإن الوقوع فيه وقع تدريجيا إلى أن حصل الإدمان.
وكذلك أيضا الشيشة الذي هو النارجيل أو ما أشبهه هذا أيضا خبيث الرائحة وخبيث الأثر؛ فلا يجوز تعاطيه، وآثاره محرمة كالدخان أو أشد.
وكذلك ما يسمى بالشمة هذه أيضا مضرة. وكذلك القات مضر بأهله؛ مع أنه خسارة لا يسمن ولا يغني من جوع. وكذلك نبات آخر يسمونه الجيرو وما أشبهه، هذه نباتات يأكلونها لا فائدة فيها، بل فيها مضرة. نعم.
س: أثابكم الله. هل على أهل القرى التي حول مكة طواف وداع، علما بأنهم يأتون مكة كل يوم أو على الأقل مرتين في الأسبوع أو أكثر أو أقل؟
الوداع إنما يسقط عن أهل مكة الذين داخل حدود الحرم وأما من كان خارج حدود الحرم الذين في الشرائع القديمة أو الذين في وادي فاطمة أو وراء التنعيم وراء مسجد التنعيم أو ما أشبه ذلك يعني خارج الحدود؛ يعني هؤلاء عليهم الوداع.
س: أثابكم الله. هذا سائل يقول: كثير من الحجاج والمعتمرين عندما يقصّرون من شعرهم يأخذون بعض شعيرات من كل جانب، فما هو مفهوم التقصير جزاكم الله خيرا؟
نعتبر هذا خطأ، وأن المقصر عليه أن يَدُور على رأسه، وإن لم يأخذ من كل شعرة ولكن إذا أخذ من جميع الشعر الظاهر؛ كفاه ذلك.
هناك من رخص في أخذ قليل منه وهو منقول عن الشافعية، ولكن نحن لا نجيز ذلك.
س: أثابكم الله. هل يجوز بعد طواف الوداع المبيت داخل مكة علما بأني من أهل الرياض وأسكن في الرياض ؟
لا يجوز. من بات بعدما وادع عليه أن يعيد الوداع؛ إلا إذا خرج من حدود الحرم إذا بات مثلا في الشرائع أو بات في الحديبية أو بات في وادي فاطمة يعني تعدى حدود الحرم فلا يعيد.

س: أثابكم الله. الرمي في اليوم الحادي عشر الأفضل من زوال الشمس إلى غروب الشمس، فهل من أخّره إلى بعد الغروب حتى لا يزاحِم الحجاج مع أنه بإمكانه الرمي قبل الغروب، فهل رميه وافق السنة، أم أنه خالف ذلك؟
وافق الرخصة؛ حيث رخص بعض المشائخ ومنهم سماحة شيخنا الشيخ ابن باز رحمه الله فإنه كان يختار الرمي في الليل، يذهب في الليل في الساعة العاشرة أو التاسعة ليلا ويرمي، ويقول: حتى لا أزاحم الناس، ويفتي بذلك فبكل حال هذه رخصة، وإن كان الأولى والأفضل أن يرمي نهارا.
س: أثابكم الله. رجل قبّل امرأته قبل التحلل الأول، فماذا عليه؟
أفتى العلماء أن عليه دم، عليه شاة أو سُبع بدنة أو سُبع بقرة.
س: أثابكم الله. هذا سائل يقول: كيف نجمع بين نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة بعد صلاة العصر، وبين حديث عائشة رضي الله عنها الذي في البخاري أنها قالت: ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يدع الركعتين قبل صلاة الفجر وركعتين بعد صلاة العصر أفيدونا جزاكم الله خيرا؟
الصحيح أنه فعلها مرة لما فاتته، لما شغله بعض الوفد عن ركعتين بعد الظهر فقضاهما بعد العصر، وكأنه استمر على فعلهما؛ لأنه كان إذا عمل عملا أحب مداومته عليه، ويظهر أنه لم يكن يداوم عليه دائما؛ لأنه ما كان يأتي عائشة إلا في كل ثمانية أيام فيظهر أنه فعله مرارا فظنت أن ذلك تكرار.
س: أثابكم الله. هذا سائل يقول: وكلني رجل كبير السن أن أرمي عنه لأنه لا يتحمل الزحام، فبعد أن ذهبت إلى الجمرات لم أجد زحاما ورميت عنه، فما حكم هذا الرمي؟
يجزئ إذا كان كبيرا يشق عليه الزحام، أو يشق عليه المشي. نعم.
س: أثابكم الله. ما حكم من مات أو سافر ولم يتمكن من طواف الإفاضة لحجه؟
إذا مات فلا قضاء عليه، وأما إذا سافر فعليه أن يرجع، وإذا لم يرجع فإنه يبقى محرما ما تحلل التحلل الثاني؛ أي لا تحل له زوجته إلى أن يرجع ويطوف.
س: أثابكم الله. هذا رجل يسأل يقول: شخص متوفِّ دماغيّا، هل يمكن لوليه أن يوكل من يحج عنه؟
يمكن ذلك إذا عُرف بأنه لا يعيش مثله، في هذه الحال يحج عنه أحد أقاربه أو يوكل من يحج عنه.
س: أثابكم الله. هذا رجل يقول: أنا أخرت الرجم ليوم الحادي عشر والثاني عشر من أجل أن أقوم بهذه الأعمال يوم الثالث عشر، ما كيفية أداء هذه الأعمال مجتمعة يوم الثالث عشر حفظكم الله؟
في الأصل أن الحاج يرمي كل يوم بيومه إلا إذا كان هناك عذر؛ لأن هذا عمل يوميّ، ولكن إذا شق عليه أو تساهل وأخره؛ جمع حجارة الثلاثة الأيام في اليوم الثالث عشر؛ فإنه يرميها مرتبة.
فيأتي إلى الجمرة الصغرى يرميها بسبع عن يوم أحد عشر، ثم الوسطى بسبع عن يوم الحادي عشر، ثم جمرة العقبة بسبع عن اليوم الحادي عشر.
ثم يرجع إلى الجمرة الصغرى فيرميها بسبع عن يوم اثني عشر، ثم الوسطى كذلك ثم جمرة العقبة كذلك، ثم يرجع إلى الصغرى فيرميها بسبع عن اليوم الثالث عشر، ثم الوسطى كذلك ثم العقبة كذلك.
س: أثابكم الله. ما حكم من شك في عدد أشواط الطواف ؟
عليه أن يحتاط، فإذا شك هل هي خمسة أو ستة؛ يجعلها خمسة، يعمل باليقين.
س: أثابكم الله. هذا سائل يقول: إذا كنت في سفر ودخل وقت صلاة الظهر وأنا أعلم أني إن شاء الله سأدرك العصر في جماعة في البلد الذي أقصده؛ فهل الأفضل الجمع أو صلاة العصر في البلد، أفيدونا جزاكم الله خيرا؟
لا تجمع بل تصلي الظهر في السفر قصرا. أما العصر فلا تصله قصرا ولا جمعا، إذا وصلت إلى بلدك فإنك تصليه مع الجماعة تماما؛ لأنك تصير من أهل الأربع.
س: أثابكم الله. امرأة أرضعت بنتا فلما كبرت هذه البنت؛ تزوجها زوج المرأة التي أرضعت تلك البنت، فهل يجوز ذلك؟
لا تحل؛ يعني إذا كان زوج المرضعة تزوج تلك الرضيعة؛ فإنه يعتبر أباها؛ لأنها رضعت من لبنه؛ اللبن الذي في هذه الزوجة سببه هذا الرجل الذي هو زوجها؛ فلا تحل له تلك الرضيعة؛ لكونه أباها.
س: أثابكم الله. امرأة دخلت في غرفة العناية المركزة أكثر من خمسة عشر يوما، وكانت خلال هذه الفترة تحت عملية البنج الكامل خوفا من المضاعفات عندما تفيق، هل عليها أن تقضي ما فاتها من الصلوات خلال هذه المدة؟
لا قضاء عليها؛ وذلك لأنها فاقدة العقل إذا ليس معها عقل، لو كانت المدة قليلة يومين أو ثلاثة أيام أمرناها بالقضاء. أما إذا كثرت فإن في ذلك مشقة، وهي مرفوع عنها القلم.
س: أثابكم الله. هذا رجل يقول: رجل طلق زوجته أربع مرات، وقد أفتاه رجل من عامة الناس بأن يتزوجها رجل آخر ليلة واحدة وفي اليوم الثاني يطلقها، وترجع لزوجها الأول، فما حكم هذا الأمر؟
لا يجوز ذلك هذا هو التحليل؛ المحلل هو الذي يتزوجها حتى يحللها، ثم يطلقها، ويسمى التيس المستعار، قد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قال: ألا أخبركم بالتيس المستعار؟ هو المحلل، لعن الله المحلل والمحلل له .
فعليه أن يتزوجها نكاح رغبة لا نكاح تحليل، فإذا طلقت بعد ذلك أو توفي زوجها الثاني؛ حلت للأول.
س: أثابكم الله. نريد منك يا شيخنا أن تقدم لنا نصيحة ثم ماذا بعد الحج توصي بها إخواننا الحجاج.
أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى، وأوصيكم بمواصلة الأعمال الصالحة؛ أي محبة الخير وأهله، وبغض الشر وأهله؛ فإن ذلك من ثمرات الأعمال الصالحة، فهذه الأعمال التي تقربتم بها أثرها أنها تحبب إليكم الصلوات، وتحبب إليكم القرآن، وتحبب إليكم الصدقات، وتحبب إليكم التناصح فيما بينكم، وتحبب إليكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله وما أشبه ذلك.
وكذلك أيضا تحبب إليكم الصالحين، الصالحين من عباد الله تحبونهم لصلاحهم ولاستقامتهم؛ ولأن الله تعالى يحبهم وأنتم تحبون من يحبه الله.
وكذلك تبغض إليكم المعاصي كترك الصلوات وشرب المسكرات وتعاطي المخدرات وسماع الأغاني والملاهي وما أشبه ذلك، وتبغض إليكم العصاة والفسقة ونحوهم؛ فتبغضون مجالستهم وتهجرونهم ولو كانوا أقارب، ولو كانوا أصحابا؛ لأن الله تعالى يبغضهم وأنتم تبغضون من يبغضهم الله.

وفي نهاية هذا اللقاء لا يسعنا إلا أن نتقدم بشكرنا الجزيل لشيخنا الشيخ عبد الله الجبرين حفظه الله، نسأل الله أن يبارك في عمره وفي وقته وفي نسله وذريته، وأن ينفعنا وإياكم بعلمه، وأن يجعله ذخرا للإسلام والمسلمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد .