شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.
مجموعة محاضرات ودروس عن الحج
108104 مشاهدة
مسألة في بيان سبب تشريع العمرة في أشهر الحج

وكان أهل الجاهلية لا يعتمرون في أشهر الحج؛ بل يرون العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور، ويقولون إذا بَرَأَ الدَّبَر وعَفَا الأَثَر وانسلخ صَفَر حلت العمرة لمن اعتمر إذا برأ الدبر: كانوا إذا ركبوا على الإبل جاء فيها قروح في ظهورها من آثار الرحال، من آثار الأشدة ونحوها يسمى الدبر.
فيقولون: ( إذا برأ الدبر) الذي في ظهور الإبل ( وعفا الأثر ) انطمست الآثار ، ( وانسلخ صفر) يعني: شهر محرم ( حلت العمرة لمن اعتمر) .
فبين النبي -صلى الله عليه وسلم- أن العمرة جائزة في أشهر الحج، فأمر الذين جاءوا معه وكانوا قد أحرموا في اليوم الخامس والعشرين من شهر ذي القعدة، وقدموا في اليوم الرابع من هذا الشهر فأمرهم أن يجعلوها عمرة حتى تنقطع تلك العادة التي هي عادة الجاهلية، وحتى يعرفوا أن العمرة جائزة في أشهر الحج.