الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه logo القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
shape
مجموعة محاضرات ودروس عن الحج
149473 مشاهدة print word pdf
line-top
مسألة وجوب الحج على الفور أم على التراخي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على محمد نبي الرحمة وعلى آله وصحبه وبعد:
من توفيق الله لعباده أن سهل لهم الطرق وأن يسر السبل وأن قرب البعيد وأن أمن الطريق، وكل ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس: ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ .
ثم نعرف ونعتقد أن الله تعالى فرض على عباده حج البيت وجعله ركنا من أركان الإسلام الخمسة، وعلم الله أنه قد يشق على كثير فما أوجبه إلا على من استطاع إليه سبيلا، وقال الله تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا فجعله على المستطيع.
وحجه يعني الإتيان إلى البيت وتكميل هذه الشعائر فإذا كملت الشروط وجب الحج وكان على الفور لا على التراخي، ساعة ما يتمكن المسلم ويقدر عليه أن يبادر وأن يؤدي الحج، وإذا قيل: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- أخر الحج إلى سنة عشر فنقول: إنه لم يتمكن؛ وذلك لأن سبع سنين كان البيت تحت ولاية المشركين، وكانوا يصدونه؛ ولذلك أنزل الله تعالى يوم الحديبية: هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فأخبر بأنهم صدوهم عن المسجد الحرام وصدوهم عن الهدي الذي قد جاء به: وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ .
ولما كان في سنة ثمان وفتح مكة لم يتفرغ النبي -صلى الله عليه وسلم- للحج؛ وذلك لانشغاله بالغزو والقتال وقسمة الغنائم وما أشبه ذلك.
ولما كان في سنة تسع كان المشركون أيضا لا يزالون يحجون البيت وكان معهم بدع فعند ذلك أرسل من ينبههم ويقول: لا يحج بعد هذا العام مشرك، أي لا يحج المشركون؛ وذلك لأن الله سبحانه وتعالى أمر بتطهير البيت وبتطهير البلد وقال تعالى: إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا فأرسل من يطهر البيت من المشركين، ومن ينبههم على أنه لا يجوز أن يحج أحد من المشركين وأن يبطل عادات المشركين.
كان المشركون يطوفون بالبيت وهم عراة الرجال في النهار والنساء في الليل يطوفون عراة، ويقولون: لا نطوف بثياب عصينا الله تعالى فيها، فعند ذلك لما طهر البيت ولما جددت المشاعر حج -صلى الله عليه وسلم- في سنة عشر وبين للناس مناسكه وقال: خذوا عني مناسككم؛ فلعلي لا ألقاكم بعدها أبدا .

line-bottom