الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
مجموعة محاضرات ودروس عن الحج
108025 مشاهدة
السلف واستشعارهم لذة العبادة

ذكر أن بعض السلف أنه قال: إنه ليمر بالقلب أوقات
يرقص فيها طربا. أقول: إن كان أهل الجنة في مثل هذا إنهم لفي عيش طيب. يعني: أنهم من آثار الطاعة، ومن آثار العبادة يجدون لذة وسرورا، يتلذذون بالعبادات ولو كان فيها مشقة على النفس؛ ولكن يجدون لها راحة أيما راحة، وهكذا يكون الصالحون.
ذكر عن بعض السلف عن إبراهيم بن أدهم -رحمه الله- أنه كان طعامه كسر خبز يابس، يشرب عليها ماء قد يكون ماء أجاجا، أو ماء متغيرا هذا هو طعامه. ومع ذلك يقول: لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه لجالدونا عليه بالسيوف، يعني: ما هم فيه من اللذة، لذة الإيمان، ولذة الأعمال الصالحة، ولذة الطمأنينة، وراحة القلوب، وما أشبه ذلك.
فنجرب أنفسنا هل نحن بإيماننا وبأعمالنا الصالحة نجد هذه الراحة، ونجد هذه الطمأنينة والسعادة؟ السعادة العاجلة، فإن هذه بشرى المؤمن؛ حيث وجد أثر هذه العبادة والطاعة أثرا ظاهرا.
لا شك أن هذا من علامة السعادة والخير. فأهل الطاعة، وأهل العبادة يتلذذون بعباداتهم فأسفارهم مثلا إلى هذه البقاع الطيبة يرتبطون بها. إذا وفقهم الله، ولو تكلفوا، ولو قطعوا المسافات، ولو تجشموا المشقات؛ ولكن تهون عليهم الصعاب، وتهون عليهم المشقات؛ وذلك لأنها في عمل يحبه الله تعالى، ويثيبهم عليه فيهون عليهم ما يلاقونه.
لقد كانوا فيما ذُكِرَ يغيب أحدهم لأجل سفر الحج سنة، أو ربما سنتين، أو أكثر حتى يصل إلى هذه البقاع، ويؤدى فيها النسك. ثم يرجع مسيرة سنة أخرى أو نحوها. هذا في الزمان القديم. يأتون ربما يمشون على أرجلهم، وربما يركبون على السفن التي تخوض البحر. أحيانا تبقى السفينة في البحر شهرا، أو أكثر من شهر أو شهرين السفن القديمة. وكذلك يركبون حمرا، أو يركبون دواب من الإبل. ويبقون مدة طويلة من أطراف البلاد حتى يصلوا إلى هذه البقاع يهزهم الشوق إلى هذه المشاعر، وإلى هذه المناسك وذلك لأنها قبلتهم. لما كانت قبلتهم كانت نفوسهم تنجذب إليها، ولما كان حجها، أو أداء هذه المناسك والمشاعر والعبادات فيها من شعائر الإسلام، ومن أسباب طاعة الله تعالى، ومن علامات السعادة كانت لذيذة عندهم.
يقطعون لها المسافة، ويصبرون على المشقات، فإذا وصلوا إليها اغتبطوا، ونسوا ما كان عليهم من الصعوبات. نسوا تلك المشقات التي لاقوها، سهر الليل، ومشي النهار، وضربة الشمس، والجوع والظمأ والجهد والتعب الشديد، ومواصلة المسير، لا شك أن هذه كلها هانت عندهم. لماذا؟ لأنهم ظفروا بمقصدهم ظفروا بهذه العبادة التي هذا موسمها، والتي هذا مكانها.