إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
مجموعة محاضرات ودروس عن الحج
106835 مشاهدة
الحج ونفي الشرك

فالذين يدعون غير الله من المخلوقين لا شك أنهم قد أشركوا، ربما تسمعون أحدهم في طوافه أو في سعيه أو في وقوفه بعرفة يدعو غير الله، نسمع كثيرا يدعون عليا والحسن والحسين وزين العابدين ونحوهم من أئمة الشيعة، يدعونهم في الطواف، ويدعونهم كذلك أيضا في عرفات أو في غير ذلك.
وكثيرا ما يسمع الذين يدعون السيد البدوي أو يدعون عبد القادر الجيلاني أو يدعون ابن علوان أو يدعون غيرهم من الأئمة أو من السادة الذين يدعون أنهم ينفعونهم أو يشفعون لهم أو يضرونهم.
فأتذكر قبل نحو خمس عشرة سنة رأيت شابا سودانيا عند الصخرات الكبار عند جبل الرحمة وإذا هو يدعو عبد القادر يا عبد القادر فقلت له: لِمَ تدعو عبد القادر ؟ أليس عبد القادر مخلوقا؟
فقال: أنا أعتقد أنه لا ينزل قطرة ماء من السماء، ولا ينبت حبة نبات من الأرض إلا بمشيئة عبد القادر أو بإرادة عبد القادر وأن عبد القادر هو الذي يملك كذا كذا، وهو الذي يملكنا، ولو شاء لأهلكنا، ولو شاء لرزقنا؛ فحاولت أنه يقتنع ولكن رأيت قلبه ممتلئا من تعظيم هذا المخلوق، عجبا لهؤلاء!
من رب الخلق؟ من الذي خلق عبد القادر ؟ من الذي رزق عبد القادر ؟ من الذي أماته وأحياه؟ لا يلتفتون إلى شيء مثل هذا.
عبد القادر عالم من علماء القرن السادس والسابع، كان مخلوقا من ماء كما خلق بقية الإنسان من نطفة ثم من علقة إلى آخر ذلك، كان عابدا من العباد، ولكن مع ذلك رزقه الله تعالى حسن نية وحسن قصد، ولم يكن يظهر للناس أنه ولي، ولا أنه سيد، ولا أنه، ولكن ابتلي هؤلاء الخلق بعبادته، فإذا وفقك الله تعالى أيها المحب، وأخلصت دينك لله تعالى فإن ذلك من علامات إرادة الله تعالى بك خيرا.
كذلك أيضا الأفعال التي تحبط الأعمال من الشركيات علينا أيضا أن نحذرها، فأنتم تشاهدون كثيرا يتمسحون بجدار الحجر حجر إسماعيل الذي هو نصف دائرة من الجهة الشمالية من الكعبة المشرفة إذا مروا به يمسحونه بأيديهم، وربما يمسحون أوجههم بأيدهم بعد ذلك تعظيما لهذه الحجارة، لا مزية لهذه الحجارة إنما الطواف بها عبادة لله تعالى.
وكذلك الذين يلصقون صدورهم وخدودهم بجدار الكعبة أو بكسوة الكعبة بكسوة البيت يتبركون بها، لا شك أيضا أنهم على خطر؛ لأنهم عظموا ما لم يأذن الله تعالى بتعظيمه، فتعظيم حرمات الله لما بينه النبي صلى الله عليه وسلم.
إذا قالوا إن الله يقول: وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فهذه حرمات الله إن الله يقول: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ .
فنقول: نبيكم صلى الله عليه وسلم بيّن هذا التعظيم أنه بالطواف، وأنه بالدعاء، وأنه بالابتهال والتواضع، وليس بالتمسح؛ لا تمسح بكسوة البيت ولا تمسح بحجارتها، ولا تمسح بجدار الحجر ولا بزجاج المقام ولا بغير ذلك؛ اقتصروا على جاء به النص، وعلى ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم؛ حتى تكونوا بذلك من الموحدين المخلصين الذين أخلصوا دينهم لله تعالى، والذين نفعهم الله بما علموا، فعملوا بذلك، بهذا يكون الإنسان مؤمنا وموحدا.
وقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ورد وفي رواية: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد وأنه صلى الله عليه وسلم لما حج سنة عشر بيّن للناس مشاعرهم، وقال: خذوا عني مناسككم .
فكل شيء لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم فإن فعله مردود، الذين يفعلونه يعتبرون قد أحدثوا في هذا الدين ما ليس منه أعمالهم؛ فيكون عملهم مردودا عليهم على مقتضى هذا الحديث.
نعرف أن من ذلك صعود تلك الجبال التي ما علمها النبي صلى الله عليه وسلم، الذين يصعدون جبل الرحمة يشاهدون بالأمس في ذلك الموقف يعني يوم عرفة كأن الجبل أبيض من كثرة الذين يصعدون حوله، يتمسحون بحجارته، هذا أيضا مردود، وليس له مزية ولا يتبرك به، والنبي صلى الله عليه وسلم وقف عرفة عند الصخرات وقال: وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف .
وكذلك الذين يتجشمون المشقة ويصعدون غار حراء أو غار ثور لا شك أيضا أنهم على شفا جرف من الشرك، أنهم يعظمون ما لم يأمر الله تعالى بتعظيمه، ويعتقدون فيها عقائد سيئة بأنها تنفع، أو أن العبادة فيها تضاعف، أو ما أشبه ذلك، وهذا شيء ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، ولا خلفاؤه الراشدون ولا الأئمة المهدون؛ فنعرف بذلك أن الله تعالى أنعم عليكم نعمة عظيمة وهي هذا التوحيد، الذي هو إخلاص عبادتكم لله تعالى.
فنوصيكم بتحقيق التوحيد؛ تحقيقه وتخليصه وتصفيته من شوائب الشرك، ومن البدع ومن المعاصي؛ وذلك لأن الشرك بأنواعه -أصغر أو أكبر أو شركا خفيا- كل ذلك مما يبطل ثواب التوحيد، كذلك البدع وهذه المحدثات لا شك أنها تقدح في كمال التوحيد، وكذلك المعاصي والمحرمات، لا شك أيضا أنها تنقص ثواب التوحيد؛ فعلينا أن نتجنبها.