مجموعة محاضرات ودروس عن الحج
الحج ونفي الشرك
فالذين يدعون غير الله من المخلوقين لا شك أنهم قد أشركوا، ربما تسمعون أحدهم في طوافه أو في سعيه أو في وقوفه بعرفة اسم> يدعو غير الله، نسمع كثيرا يدعون عليا اسم> والحسن اسم> والحسين اسم> وزين العابدين اسم> ونحوهم من أئمة الشيعة، يدعونهم في الطواف، ويدعونهم كذلك أيضا في عرفات اسم> أو في غير ذلك.
وكثيرا ما يسمع الذين يدعون السيد البدوي اسم> أو يدعون عبد القادر الجيلاني اسم> أو يدعون ابن علوان اسم> أو يدعون غيرهم من الأئمة أو من السادة الذين يدعون أنهم ينفعونهم أو يشفعون لهم أو يضرونهم.
فأتذكر قبل نحو خمس عشرة سنة رأيت شابا سودانيا عند الصخرات الكبار عند جبل الرحمة اسم> وإذا هو يدعو عبد القادر اسم> يا عبد القادر اسم> فقلت له: لِمَ تدعو عبد القادر اسم> ؟ أليس عبد القادر اسم> مخلوقا؟
فقال: أنا أعتقد أنه لا ينزل قطرة ماء من السماء، ولا ينبت حبة نبات من الأرض إلا بمشيئة عبد القادر اسم> أو بإرادة عبد القادر اسم> وأن عبد القادر اسم> هو الذي يملك كذا كذا، وهو الذي يملكنا، ولو شاء لأهلكنا، ولو شاء لرزقنا؛ فحاولت أنه يقتنع ولكن رأيت قلبه ممتلئا من تعظيم هذا المخلوق، عجبا لهؤلاء!
من رب الخلق؟ من الذي خلق عبد القادر اسم> ؟ من الذي رزق عبد القادر اسم> ؟ من الذي أماته وأحياه؟ لا يلتفتون إلى شيء مثل هذا.
عبد القادر اسم> عالم من علماء القرن السادس والسابع، كان مخلوقا من ماء كما خلق بقية الإنسان من نطفة ثم من علقة إلى آخر ذلك، كان عابدا من العباد، ولكن مع ذلك رزقه الله تعالى حسن نية وحسن قصد، ولم يكن يظهر للناس أنه ولي، ولا أنه سيد، ولا أنه، ولكن ابتلي هؤلاء الخلق بعبادته، فإذا وفقك الله تعالى أيها المحب، وأخلصت دينك لله تعالى فإن ذلك من علامات إرادة الله تعالى بك خيرا.
كذلك أيضا الأفعال التي تحبط الأعمال من الشركيات علينا أيضا أن نحذرها، فأنتم تشاهدون كثيرا يتمسحون بجدار الحجر حجر إسماعيل اسم> الذي هو نصف دائرة من الجهة الشمالية من الكعبة المشرفة اسم> إذا مروا به يمسحونه بأيديهم، وربما يمسحون أوجههم بأيدهم بعد ذلك تعظيما لهذه الحجارة، لا مزية لهذه الحجارة إنما الطواف بها عبادة لله تعالى.
وكذلك الذين يلصقون صدورهم وخدودهم بجدار الكعبة اسم> أو بكسوة الكعبة اسم> بكسوة البيت اسم> يتبركون بها، لا شك أيضا أنهم على خطر؛ لأنهم عظموا ما لم يأذن الله تعالى بتعظيمه، فتعظيم حرمات الله لما بينه النبي صلى الله عليه وسلم.
إذا قالوا إن الله يقول: رسم> وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ قرآن> رسم> فهذه حرمات الله إن الله يقول: رسم> ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ قرآن> رسم> .
فنقول: نبيكم صلى الله عليه وسلم بيّن هذا التعظيم أنه بالطواف، وأنه بالدعاء، وأنه بالابتهال والتواضع، وليس بالتمسح؛ لا تمسح بكسوة البيت اسم> ولا تمسح بحجارتها، ولا تمسح بجدار الحجر اسم> ولا بزجاج المقام اسم> ولا بغير ذلك؛ اقتصروا على جاء به النص، وعلى ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم؛ حتى تكونوا بذلك من الموحدين المخلصين الذين أخلصوا دينهم لله تعالى، والذين نفعهم الله بما علموا، فعملوا بذلك، بهذا يكون الإنسان مؤمنا وموحدا.
وقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رسم> من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ورد متن_ح> رسم> وفي رواية: رسم> من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد متن_ح> رسم> وأنه صلى الله عليه وسلم لما حج سنة عشر بيّن للناس مشاعرهم، وقال: رسم> خذوا عني مناسككم متن_ح> رسم> .
فكل شيء لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم فإن فعله مردود، الذين يفعلونه يعتبرون قد أحدثوا في هذا الدين ما ليس منه أعمالهم؛ فيكون عملهم مردودا عليهم على مقتضى هذا الحديث.
نعرف أن من ذلك صعود تلك الجبال التي ما علمها النبي صلى الله عليه وسلم، الذين يصعدون جبل الرحمة اسم> يشاهدون بالأمس في ذلك الموقف يعني يوم عرفة اسم> كأن الجبل أبيض من كثرة الذين يصعدون حوله، يتمسحون بحجارته، هذا أيضا مردود، وليس له مزية ولا يتبرك به، والنبي صلى الله عليه وسلم وقف عرفة اسم> عند الصخرات وقال: رسم> وقفت هاهنا وعرفة اسم> كلها موقف متن_ح> رسم> .
وكذلك الذين يتجشمون المشقة ويصعدون غار حراء اسم> أو غار ثور اسم> لا شك أيضا أنهم على شفا جرف من الشرك، أنهم يعظمون ما لم يأمر الله تعالى بتعظيمه، ويعتقدون فيها عقائد سيئة بأنها تنفع، أو أن العبادة فيها تضاعف، أو ما أشبه ذلك، وهذا شيء ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، ولا خلفاؤه الراشدون ولا الأئمة المهدون؛ فنعرف بذلك أن الله تعالى أنعم عليكم نعمة عظيمة وهي هذا التوحيد، الذي هو إخلاص عبادتكم لله تعالى.
فنوصيكم بتحقيق التوحيد؛ تحقيقه وتخليصه وتصفيته من شوائب الشرك، ومن البدع ومن المعاصي؛ وذلك لأن الشرك بأنواعه -أصغر أو أكبر أو شركا خفيا- كل ذلك مما يبطل ثواب التوحيد، كذلك البدع وهذه المحدثات لا شك أنها تقدح في كمال التوحيد، وكذلك المعاصي والمحرمات، لا شك أيضا أنها تنقص ثواب التوحيد؛ فعلينا أن نتجنبها.
مسألة>