تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. logo إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك
shape
مجموعة محاضرات ودروس عن الحج
165232 مشاهدة print word pdf
line-top
المراد بالحنيفية وبيان العلة في أمر الإنسان بعبادة ربه

صلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
في هذا الصباح إن شاء الله نتكلم على الأصل الأول من الأصول الثلاثة التي يجب على الإنسان معرفتها.
فأولا: معرفة الحنيفية؛ الحنيفية ملة إبراهيم هي أن تعبد الله وحده مخلصًا له الدين.
جعلنا الله تعالى من الحنفاء المستقيمين، المتبعين لهذه الملة الحنيفية، وقد وصف الله تعالى إبراهيم بذلك، قال تعالى: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا فكرر حنيفا في هذه الآيات مرتين.
وقد أمر الله تعالى بها العباد مُطْلَقًا، فقال تعالى: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ .
فإذا قيل: ما المراد بالحنيف؟ متى يكون الإنسان حنيفًا؟ يقولون: الحنيف هو الْمُقْبِلُ على الله، الْمَائِلُ عَمَّا سواه. الإقبال على الله بالقلب بالنية، والصدود عن غيره من المخلوقات. ويُعَرِّفهُ بعضهم الحنيف: المائل عن الشرك قَصْدًا إلى التوحيد. الحنَف هو الميل؛ فالحنيف هو الْمُقْبِلُ على الله المعرض عن كل ما سواه من المخلوقات.
فهكذا أُمِرْنَا: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ أن تعبدوا ربكم عبادة كاملة مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ ؛ وذلك لأن هذه هي وظيفة الإنسان، إذا قيل: ما وظيفتك في هذه الحياة؟ ليس وظيفتك وظيفة الدنيا، بل الأصل أن وظيفة كل إنسان هي العبادة التي خلق الله لها الخلق، قال الله تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ هكذا أخبر بأنه خلق الْجِنَّ والإنس لهذه الوظيفة، وهى عبادته.
ومعنى ذلك أن يُخْلِصُوا له العبادة؛ فإن العبادة لا تُسَمَّى عبادة إلا مع التوحيد، ومع الإخلاص، فَمَنْ عبد الله وعَبَد غيره؛ لم يكن من المخلصين؛ الله تعالى لا يرضى أن يُشْرَكَ معه في عبادته أحد لا ملك مقرب، ولا نبي مرسل، فضلا عن غيرهما.

line-bottom