شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.
كتاب الروض المربع الجزء الثالث
177314 مشاهدة
لا يدخل في بيع الدار ما انفصل منها كحبل ونحوه

ومنفصل منها كحبل ودلو وبكرة وقفل وفرش ومفتاح ومعدن جار وماء نبع وحجر رحى فوقاني؛ لأنه غير متصل بها واللفظ لا يتناوله، ولو كانت الصيغة المتلفظ بها الطاحونة أو المعصرة دخل الفوقاني كالتحتاني.


هذه أشياء أيضا مودعة فيها فلا تدخل في البيع؛ لأنها منفصلة. الحبل. الحبال التي ينتفع بها. وكذلك القفل والدلو. الدلو: هو الدلاء التي يستخرج بها الماء من البئر قال تعالى: فَأَدْلَى دَلْوَهُ وهو معمول قديم من جلود الإبل ويجعل له فتحة فوقه، ويربط الحبل بالرشاء في أعلاه، ويدلى في البئر، ثم يكون فيه شيء يثقله، في أعلاه قطع خشب فيدخل في الماء فيمتلئ، ثم يجر إلى أن يخرج من فم البئر، فيصب في الأواني. فهذا الدلو منفصل. إذا كان الدار فيها بئر، وهذه البئر عليها دلو. فإن هذا الدلو لا يدخل. لأهلها الذين باعوها أن يأخذوه وينقلوه. وإن هذا المودع فيها، فيقول: دون ما هو مودع فيها. فأدخل في ذلك الدلو والمفتاح والأقفال والبكرة.
البكرة: هي تعرف قديما عند العامة بالمحالة وعند البادي الجارة. ففي هذا في ذلك الوقت ينصب على رأس البئر خشبتين يحفر لهما من هنا ومن هنا في طرف من أطراف البئر، ثم يبنى عليهما ثم يكون في رأس كل بئر عود أو خشبة. شعبة في أعلاه، فيجعل محور المحالة على طرف وعلى طرف والبكرة تدخل في هذا المحور الذي هو العود، ثم الدلو بالرشاء يجعل في وسط المحالة الذي هو وسطها. له ما يسمى بالأسنة أسنانها. فهذه البكرة التي تسمى محالة لا تدخل؛ لأنها تنقل ولو كانت معقودة على طرفي البئر.
وكذلك الأقفال التي يمكن نقلها. القفل وبالأخص قفل الحديد لا يدخل أيضا. وأما القفل المسمر. فإنه يدخل. عادة الأبواب القديمة يجعلون لها ما يسمى بالمجرى والسكرة. هذا المجرى يحتاج إلى مفتاح وهو يسمر في الباب. يعني: خشبة قدر شبر يحفر في وسطها ثم يجعل المجرى في الوسط، يخرق له في الجدار، ثم تجعل فتحته في الطرف، ويجعل مفتاح من خشب له أسنان مرتكزة من أعواد. فهذا المسمر يدخل؛ لأنه تابع للباب المنصوب، وأما الأقفال الموجودة الآن من حديد التي يمكن نقلها، فإنها لا تدخل في البيع، وأما الأقفال المسمرة الآن التي تسمى كيالين التي هي مسمرة في الباب فإنها تدخل.
أما المفتاح كإنهم يقولون: إنه لا يدخل؛ وذلك لأنه شيء يأتي به حتى يحرك الباب فيفتحه. ولكن العرف أنه يدخل. يقال مثلا أبيعك وأسلم المفاتيح. استأجرها وأسلمك المفاتيح. فإذا سلم المفتاح، أخذ الدار. فيدل على أن المفتاح تابع للدار فيدخل في البيع. هذا هو الصحيح.
وأما المعدن الجاري فلا يدخل؛ وذلك لأنه يجري، وينتفع به الناس. إذا كان فيها معادن جارية حتى ولو نفيسة كمعادن ذهب أو فضة أو حديد أو نحاس أو صفر؛ لأن هذه قد توجد في بعض البلاد تجري، يغترف منها يصب صبات حديد، أو ما أشبه ذلك. وكذلك لو نبع فيه معدن، فإنه أيضا لا يدخل؛ وذلك لأنه يعتبر شيئا منتفعا به. نفعه عام بين الناس، فلا يختص به على المشتري.
أما حجر الرحى الفوقاني، فقالوا: إنه لا يدخل؛ لأنه يمكن نقله، وليس مسمرا فيها إذا عرفنا أن العرف كونه يتبعه الأصل؛ لأن هذا حجر وهذا حجر وكلاهما يسمى رحى ولو كان ينفصل. والعرف أنهما شيء واحد. نعم... لا، ما معدن هذا شيء ما وجد من دفن الجاهلية. أما المعدن فهو يوجد في جوف الأرض من المعادن التي ينتفع بها سواء رخيصة كملح وجص وكحل، أو نفيسة كذهب وفضة ونحاس ونحوها.
.. هذا إذا ذكرت. إذا كانت الصلة مما يتلفظ بها الطاحونة. يعني قال مثلا: بعتك الأرض وما فيها من الطواحين، دخل الحجر الفوقاني؛ لأنه لا يطحن إلا بها، وكذلك لو قال والمعصرة التي فيها، فإنه يدخل. يدخل الفوقاني. نعم.