تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه
كتاب الروض المربع الجزء الثالث
177503 مشاهدة
السلم في ما خلطه غير مقصود

ويصح- أيضًا- فيما خِلْطُه بكسر الخاء غير مقصود كالجبن فيه الإنفحة وخل التمر فيه الماء والسكنجبين فيه الخل ونحوها كالشيرج والخبز والعجين.


هذا خلطه غير مقصود فلا يؤثر فيه؛ وذلك لأنه من تمام مصلحته، والعادة أنه يتميز، كالخبز -مثلًا- يحتاج إلى ملح، ولكن هذا الملح شيء يسير؛ ليصلح طعمه، فلذلك يصح السَّلَم في الخبز.
وكذلك- أيضًا- هذه الأمثلة، الجبن ذكروا أنه يصلح من الألبان، ولكن يخلط بالإنفحة.
لبن الغنم -مثلًا- أو لبن البقر يجمد يعني.. -مثلًا- ثم مع ذلك تؤخذ الإنفحة. الإنفحة: هي كرش سخلة صغيرة إذا وُلدت رضعت من أمها اللبن، فإذا رضعت وامتلأت كرشها نزحوها، وأخذوا ما في الكرش من ذلك اللبن، ثم خلطوه بهذا اللبن ثم طبخوه، وصلحوا منه هذا الجبن، فهو مخلوط من نوعين.
يصح السَّلَم فيه، أن تقول: اشتريت منك كذا، وكذا حبة جبن، أو كراتين. تقدم ثمنها، وتضبط بالوصف، كذلك الخل.
الخل هذا معروف للجميع، الذي ورد فيه الحديث نِعْمَ الإدام الخل يصلح من تمر، ومن عنب ويطبخ، ثم يصفى، فيصير أُدُما، فيؤتدم، ويؤكل، وقد يصلح من التمر خاصة، وقد يصلح من العنب.
خل التمر يخلط بالماء حتى يذوب، ثم بعد ذلك يصير خلا، فيجعل في أواني من الظروف. وكذلك- أيضًا- السكنجبين يخلط بالخل، ويصلح أن يكون أدما، أو نحوه. وكذلك الخمول، وما أشبهها الأشياء التي تصنع.
ويصح- أيضًا- في الأطعمة الموجودة الآن الجديدة، ولو كانت قديمة؛ فعندنا ما يسمى بالسمبوسة، قديما سمي بالسمبوسك.
السمبوسك هذا- أيضًا- يصنع من البر، مثلًا من الحنطة ويخلط فيه شيء من اللحم، أو من الأدوية التي تصلح. يصح السَّلَم فيه، ويصح إذا -مثلًا- احتجت إليه كل يوم أن تشتري من الذي يصلحه -مثلًا- تقول: كل يوم عشر لمدة شهر أو شهرين، تقدم له الثمن، يصح ذلك، وهكذا ذلك الشيء الذي ينضبط بالصفة، ويقل فيه الخلاف، يصح السَّلَم فيه.