اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.
كتاب الروض المربع الجزء الثالث
177379 مشاهدة
إذا أسلم في المكيل وزنا أو عكسه

وإن أسلم في المكيل كالبر والشيرج وزنا أو في الموزون كالحديد كيلا لم يصح السلم؛ لأنه قَدَّرَه بغير ما هو مقدر به فلم يجز؛ كما لو أسلم في المذروع وزنا، ولا يصح في فواكه معدودة كَرُمَّان وسَفَرْجل ولو وزنا.


نقول: لا يصح السلم في المكيل وزنا أو الموزون كيلا مثال المكيل وزنا: إذا قال مثلا: أسلمت في البر بالكيلو؛ لأن البر يكال ولا يوزن، لكن في هذه الأزمنة أصبحت توزن كلها وأصبح الوزن أضبط من الكيل، بحيث إنه لا يختلف ولو بقليل، فالصحيح أنه يجوز في المكيل وزنا.
وقد تقدم في باب الربا أن المكيلات: هي الحبوب حتى التمر مكيل والدهن مكيل، فهي كانت تقدر بمكيال، ولكن في هذه الأزمة أصبحت توزن، فلعل الصواب أنه يصح السلم في الحبوب وفي المائعات بالوزن، وأما الموزون كيلا فمثل اللحوم، فالصحيح أنها لا تكال، لا يتصور كيلها وأما المعدود فَكَالخُبوز لا يمكن أيضا أنها تكال الخبز وإنما يباع بالعدد، وأما الفواكه ولو كانت معدودة فإنها تختلف كالرمان.
فالحاصل أن كل شيء يعامل بمعياره إلا إذا كان هناك ضبط له. فالمكيل: العادة أنه يباع كيلا بالصاع، ولكن أصبح الآن يباع بالوزن، والمعدود يباع بالعدد كالرمان والبيض والتفاح والأترج يباع بالعدد ولكن في هذه الأزمنة أيضا أصبح يباع بالوزن، فالوزن فيه ضبط له وتحديد له، فإذا بيع بالوزن صح ذلك، وأما الموزون فكاللحم والقطن والحديد وما أشبهه، فهذه لا يتصور كيلها فلا تباع بالكيل.