تفاسير سور من القرآن
تفسير قوله: فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ
...............................................................................
وقوله: رسم> فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ قرآن> رسم> ؛ يعني هذا الكتاب أنزله الله إليك رسم> لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ قرآن> رسم> فاللام في قوله: رسم> لِتُنْذِرَ قرآن> رسم> الآتي تتعلق بقوله: رسم> أُنْزِلَ قرآن> رسم> يعني رسم> أُنْزِلَ إِلَيْكَ قرآن> رسم> ؛ لأجل أن تنذر به، وأن تذكر به؛ فلا تعجز عن ذلك الإنذار ولا يضق صدره عنه: رسم> فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ قرآن> رسم> .
صدر الإنسان معروف. وإذا جاء على الإنسان أمر يثقل عليه أو يشق عليه أورثه ضيقا في صدره. والنبي صلى الله عليه وسلم كان يشق عليه ويضيق بصدره التكذيب من حيث إن الكفار يكذبونه، ويقولون: له أنت كذاب، أنت ساحر، أنت شاعر، أنت كاهن، هذه أساطير الأولين علمكها بشر.
فتكذيبهم له وأذيتهم له يشق عليه؛ كما قال الله: رسم> وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ قرآن> رسم> وقال: رسم> قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ قرآن> رسم> وفي القراءة الأخرى ليحزنك الذي يقولون؛ أي رسم> فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ قرآن> رسم> ؛ أي ضيق؛ يعني أوسع صدرك وتحمل الأذى وشق الطريق في تبليغ هذا القرآن العظيم والإنذار به والتذكير به، لا تضعف ولا تجبن ولا تخف من الأذى ولا يضق صدرك به.
والحرج في كلام العرب أصله معروف. في كلام العرب أن الحرج في لغة العرب الضيق، وقد يسمون الشجر الملتف الذي لا تصل إليه راعية يسمونه حرجة؛ لضيق مكانه وقد كانوا يقولون في قصة غزوة بدر: فإذا أبو جهل اسم> كالحرجة.
يعني لشدة ازدحام قريش عليه وصيانتهم له يقولون: أبو الحكم اسم> لا يخلص إليه. كالشجرة الملتف عليها الشجر، لا يمكن أن يوصل لها. هذا أصل الحرج في لغة العرب الضيق، وقد بيناه في قوله: رسم> يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا قرآن> رسم> .
وكون الحرج هو الضيق هذا هو المعروف في لغة العرب، ومنه قوله: رسم> وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ قرآن> رسم> ؛ أي ما جعل عليكم من ضيق. وأحرجه أوقعه في الحرج؛ ولذا سميت الطلقات الثلاث المحرجات؛ لأنها تضيق على صاحبها وتمنعه من رجعة امرأته، واليمين قد تكون محرجة؛ لأنها تمنع من المحلوف عليه، وهذه المعاني معروفة في كلام العرب.
ومنه قول عمر بن أبي ربيعة اسم> أو جميل بن معمر اسم> على الخلاف المعروف في الشعر المشهور:
قالت وعيش أبي وحرمـة إخـوتي | لأنبهن الحي إن لــم تخرجــي |
فخرجت خوف يمينـهـا فتبسمـت | فعلمت أن يمينهـا لـم تحــرج |
وكذلك قول العرج بن عمرو بن عثمان اسم> .
عوجي علينـا ربــة الهــودج | إنك إلا تفعلــي تحــرجــي |
وعليه فالآية كقوله: رسم> فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ قرآن> رسم> وكقوله: رسم> فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا قرآن> رسم> .
مسألة>