إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف logo تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
shape
شرح مقدمة التفسير لابن تيمية
138917 مشاهدة print word pdf
line-top
المسائل التي يحتاج إليها الناس معلومة عند الخاصة والعامة

يقولون: ونحن نعلم أن عامة ما يضطر إليه عموم الناس من الاختلاف معلوم بل متواتر عند العامة أو الخاصة، ما يضطر إليه الناس من الأمور فإنها تكون معلومة عند العامة والخاصة، الأمور الضرورية ولو كان فيها اختلاف يتناقلها المسلمون كما في عدد الصلوات ومقادير ركوعها ومواقيتها، وفرائض الزكاة ونصبها، وتعيين شهر رمضان، والطواف والوقوف ورمي الجمار والمواقيت وغير ذلك، هذه يضطر عموم الناس إليها وإذا كان فيها شيء من الاختلاف فإنه من باب التوسعة.
وذكروا أن الإمام أحمد جاءه رجل وكتب بكتاب كتب فيه اختلاف العلماء في الأحكام وسماه الاختلاف فقال له أحمد لا تسمه الاختلاف سمه السعة يعني التوسعة، يعني في هذا الاختلاف توسعة على الأمة ، يعني هناك مثلا اختلاف في عدد ركعات قيام الليل، واختلاف في عدد ركعات صلاة الضحى، وكذلك اختلاف في مقدار الركوع والسجود والقيام والقعود طويلا أو كثيرا، اختلاف أيضا في مواقيت بعض الصلوات تقديما أو تأخيرا، اختلاف في الزكوات فرائضها ونصبها، يعني هذا اختلاف بين الفقهاء، وكذلك تعيين شهر رمضان يعني اختلاف في دخوله وخروجه، اختلاف في الطواف، الطواف بالبيت يعني من أين يبتدئ، والاختلاف في بعض شروطه، اختلاف في الوقوف في منى في عرفة واختلاف في رمي الجمار، واختلاف في مواقيت الحج، فهذه الاختلافات من اختلاف الفقهاء الذي هو من باب التوسعة.

line-bottom