شرح مقدمة التفسير لابن تيمية
أسباب النزول
قولهم: هذه الآية نزلت في كذا لا سيما إذا كان المذكور شخصا، نزلت في كذا، ويراد بذلك يعني نزلت في جنس كذا، لا أنها نزلت في ذلك الشخص، كأسباب النزول المذكورة في التفسير، ذكر هذه الأمثلة كمثال كقولهم: آية الظهار نزلت في امرأة أوس بن الصامت اسم> صحيح أن المجادلة التي سمع الله قولها هي امرأة أوس اسم> ولكن ليس المراد أن هذا خاص؛ لأن الله قال: رسم> الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ قرآن> رسم> فليس خاصا بتلك المرأة.
وآية اللعان نزلت في عويمر العجلاني اسم> أو هلال بن أمية اسم> وكلاهما حصل منه اللعان، وكلا الحديثين في الصحيح فعويمر العجلاني اسم> قيل: إنه هو الذي شك في امرأته، لما نزلت الآيات التي في القذف كقوله تعالى: رسم> وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ قرآن> رسم> رسم> فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا أيقتله فتقتلونه أم كيف يفعل؟ فكره النبي صلى الله عليه وسلم المسائل وعابها، ثم رجع إليه وقال إن الذي سألتك عنه قد ابتليت به، فأنزل الله تعالى هذه الآيات متن_ح> رسم> كذلك أيضا هلال بن أمية اسم> وهو أحد الثلاثة الذين تاب الله عليهم في سورة التوبة، فإنه أيضا ذكر أنه قذف امرأته بشريك بن السحماء اسم> ثم تلاعنا، فكل واحد من المفسرين يقول: نزلت في هلال اسم> نزلت في عويمر اسم> والمراد أنها نزلت في جنس هذه الواقعة، جنسها لا أنها خاصة بهما.
وكذلك آية الكلالة وهي قوله تعالى: رسم> وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ قرآن> رسم> في سورة النساء، كذلك في آخر السورة: رسم> يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ قرآن> رسم> وكذلك اتفق الصحابة على أنه من مات وليس له أولاد وليس له أب ولا جد يسمى كلالة، ليس له ذرية ذكور وإناث وليس له أب أو جد، يعني من ليس له فرع وارث وليس له أصل وارث من الذكور، نزلت في جابر اسم> لما ذكر أنه لما مرض ولم يكن له إلا أخوات فسأل النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يولد له أولاد فنزلت الآية.
وكذلك قوله تعالى: رسم> وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قرآن> رسم> في سورة المائدة، يقول الله تعالى: رسم> فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ قرآن> رسم> في هذه الآية تخيير إذا جاءوك يتحاكمون فلك الخيار إما أن تحكم أو تعرض، ولكن قيل: إن هذه الآية نسخت بالآية التي بعدها، وهي هذه الآية: رسم> وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ قرآن> رسم> الصحيح أن المراد إذا حكمت فاحكم بينهم بما أنزل الله، وتكون كالآية التي قبلها وهي قوله: رسم> وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ قرآن> رسم> بنو قريظة هم طائفة من اليهود، وهم الذين قاتلهم النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن نقضوا عهدهم لما جاء الأحزاب، لما قاتلهم قتل رجالهم وسبى نساءهم وذريتهم.
بنو النضير قبل ذلك هم الذين جاء إليهم النبي صلى الله عليه وسلم يستعينهم في دية قتيلين فَهَمُّوا بما لم ينالوا، وقالوا لأحدهم: اصعد على هذا السطح وألق عليه صخرة حتى تقتله، فأوحى الله إليه بما هموا به رسم> وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا قرآن> رسم> فعند ذلك عرف أنهم نقضوا العهد، فحاصرهم حتى أجلاهم إلى أذرعات الشام اسم> ونزل فيهم أول سورة الحشر: رسم> هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ قرآن> رسم> كان بعض السلف كابن عباس اسم> يسمونها سورة النضير.
وأما قوله: رسم> وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ قرآن> رسم> نزلت في غزوة بدر اسم> مع أن الآية عامة.
وأما قوله: في سورة المائدة: رسم> شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ قرآن> رسم> نزلت في قضية تميم الداري اسم> وعدي بن بداء اسم> في القصة التي ذكرها ابن جرير اسم> وغيره في التفسير: أن رجلا من بني سهم من قريش خرج في تجارة له فمات ولم يكن معه إلا هذان، وهما لا يزالان من النصارى تميم اسم> وعدي اسم> فأوصى إليهما بتركته فخانا فيها، فنزلت الآية.
وقول أبي أيوب اسم> إن قوله تعالى: رسم> وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ قرآن> رسم> في قصة في الصحيح يعني في السنن وهي صحيحة، وذكرها أيضا صاحب البلوغ وغيره أن أبا أيوب اسم> لما رأى إنسانا وهم يقاتلون دخل في صف المشركين، فقال الناس: ألقى بيده إلى التهلكة، فقال: إنكم تحملونهما على غير محملها، فإنها نزلت فينا معشر الأنصار لما أن الله تعالى نصر نبيه قلنا هلموا فلنترك الجهاد ونقبل على الأموال ونصلحها، فأنزل الله تعالى رسم> وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ قرآن> رسم> فسر التهلكة بأنها ترك الجهاد هكذا في هذا الحديث، والآية عامة في كل شيء يسمى تهلكة، والحاصل أن هذا نظائره كثيرة.
يفسرون الآية ببعض أمثلتها، مثال ذلك في آية الحج قوله تعالى: رسم> الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ قرآن> رسم> فسر بعضهم الرفث بأنه الجماع، وفسره بعضهم بأنه الكلام المتعلق بالعورات، وفسره بعضهم بأنه الكلام في النساء، يعني فيما يتعلق بإتيان النساء وفيما يتعلق بالشهوات ونحو ذلك. وكلها داخلة فيها؛ هذا لأن الرفث هو القول السيئ، وإن كان يطلق على الجماع كقوله تعالى: رسم> أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ قرآن> رسم> ولكن رفث فلان في القول، فالحاصل أن هذا كمثال.
والفسوق أيضا أكثروا له من الأمثلة وهي أمثلة، فقال بعضهم: الفسوق مضارة الكاتب والشهيد أخذ منه قوله تعالى: رسم> وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ قرآن> رسم> فجعل هذا فسوقا. ولكن هذا كمثال، وفسره بعضهم بالتنابز وأخذه من قوله: رسم> وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ قرآن> رسم> فجعل هذا هو الفسوق ولكنه كمثال. وفسره بعضهم بأكل المحرمات، وأخذه من قوله تعالى: رسم> ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا قرآن> رسم> يعني أكل المحرمات رسم> حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ قرآن> رسم> إلى قوله: رسم> وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ قرآن> رسم> وهذا أيضا كمثال.
مسألة>