شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.
شرح مقدمة التفسير لابن تيمية
87328 مشاهدة
أعلم الناس بالتفسير

يقول: وأما التفسير-بعدما تكلم على المغازي والملاحم- أعلم الناس به أهل مكة لأنهم أصحاب ابن عباس كمجاهد وعطاء بن أبي رباح وعكرمة مولى ابن عباس وغيرهم من أصحاب ابن عباس كطاوس أبي الشعثاء وسعيد بن جبير وأمثالهم، هؤلاء تتلمذوا على ابن عباس وأخذوا عنه كثيرا فعطاء من أهل مكة عالم جليل من علمائها وكذلك سعيد بن جبير هو من أهل العراق ولكن أقام بمكة كثيرا لما كان مختفيا عن الحجاج وطاوس معلوم أيضا أنه من أهل اليمن ولكنه تتلمذ على ابن عباس وقرأ عليه كثيرا، قد تقدم قول مجاهد ..إنه عرض المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات يسأله عند كل آية.
أهل الكوفة هم أصحاب ابن مسعود يعني تلاميذه ولهذا كانوا يأخذون عنه تفسيرا وحديثا مثل علقمة والأسود وعبيدة السلماني وغيرهم من تلاميذه، ومن ذلك ما تميزوا به على غيرهم يعني حيث إنهم تتلمذوا على ابن مسعود وأخذوا عنه كثيرا، علماء أهل المدينة في التفسير كزيد بن أسلم يظهر أنه أملى كتابا في التفسير كتبه عنه ابنه عبد الرحمن ولهذا أخذ عنه مالك التفسير وأخذه عنه أيضا ابنه عبد الرحمن وأخذه عن عبد الرحمن عبد الله بن وهب عبد الرحمن بن زيد ليس ثقة في الحديث؛ ولكنهم يقبلون قوله في التفسير، فدائما يذكرون عنه قولا والظاهر أنه أخذ ذلك كله عن أبيه وأنه ألف فيه كتابا، وأن كتابه وصل إلى المفسرين الأكابر كابن جرير ولهذا يرويه دائما فيقول: حدثنا يرويه عن عبد الله بن وهب عن ابن زيد ثم يذكر تفسير ابن زيد أحيانا يصوبه وأحيانا يخطئه.
وابن جرير يظهر أيضا أنه جمع كتبا في التفسير رواها بأسانيد فيروي دائما عن التابعين في كتب يظهر أنهم ألفوها مثل السدي الكبير عبد الرحمن يظهر أيضا أنه ألف كتابا في التفسير، وفيه قصص إسرائيليات وغيرها يرويه عنه أسباط فدائما يروي ابن جرير عن أسباط عن السدي وبين العلماء أنها نسخة ورسالة في التفسير كتبها تلميذه الذي هو أسباط وغيره ويظهر أيضا أن لقتادة تفسيرا وأن لمجاهد تفسيرا إن كان كتبه وإلا كتب من كلامه؛ كتبه أحد تلاميذه.