لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. logo    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.
shape
شرح مقدمة التفسير لابن تيمية
124610 مشاهدة print word pdf
line-top
خطورة التفسير باللغة فقط

والآخرون الذين فسروا القرآن بمجرد ما يفهمونه من اللغة راعوا مجرد اللفظ الذي فهموه، يعني: عندهم فصاحة وبلاغة، وراعوا ما يجوز عندهم أن يريد به العربي، من غير نظر إلى ما يصلح للمتكلِّم به ولسياق الكلام. يعني: ما نظروا إلى أسباب النزول ولا نظروا إلى سياق الكلام، ولا إلى دلالة النصوص، ولا إلى تفاسير السلف.
ثم هؤلاء كثيرا ما يغلطون في احتمال اللفظ لذلك المعنى في اللغة. يحملون الكلام على محامل بعيدة، ويقولون: إن اللغة تحتمل ذلك. كما يغلط في ذلك الذين قبلهم. يغلط الآخرون الذين هم المبتدعة. كما أن الأولين يعني: المبتدعة كثيرا ما يغلطون في صحة المعنى الذي فسروا به القرآن، كما يغلط في ذلك الآخرون. فالطائفتان كلاهما يغلطون في صحة المعنى، وإن كان نظر الأولين إلى المعنى أسبق ونظر الآخرين إلى اللفظ أسبق.
المبتدعة كالمعتزلة نظرهم إلى المعنى، وأما الذين يفسرون بالرأي فنظرهم إلى اللفظ. الأولون كالرافضة. والمعتزلة صنفان: تارة يسلبون لفظ القرآن ما دل عليه وأريد به، وتارة يحملونه ما لم يدل عليه ولم يرد به. وهذا يحصل في كل قوم يعتقدون اعتقادا، فيذكرون أو يتأولون دلالات الآيات، يتأولون دلالاتها فإذا جاءتهم الآيات التي فيها ما يخالف معتقدهم حملوها ما لا تحتمل.
مثال: ما يستدلون به كالمعتزلة على نفي قدرة الله تعالى يحرفون قوله تعالى: قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ وقوله: إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ وقوله تعالى: فَإِنْ يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وقوله تعالى: لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا .
فهذه الآيات لما كانت تخالف معتقدهم صعب عليهم أن يحملوها على مدلولها؛ فصاروا يحرفونها ويحملونها على محامل بعيدة، فيحملونها على أن المراد المشيئة التي ليست مشيئة عامة بل مشيئة خاصة ونحو ذلك؛ فيسلبون لفظ القرآن ما دل عليه وما أريد به.
وتارة يحملونه ما لم يدل عليه ولم يرد به، وفي كلا الأمرين قد يكون ما قصدوا نفيه أو إثباته من المعنى باطلا. فالمعنى الذي قصدوه يكون باطلا سواء الذي ينفونه أو الذي يثبتونه، ويتكلفون في كثير من الألفاظ التي لا يستطيعون أن يحرفوها، فيحملونها على محامل بعيدة، فيكون خطؤهم في الدليل والمدلول. وقد يكون حقا فيكون خطؤهم في الدليل لا في المدلول. يعني: قد يكون الدليل غير ظاهر فيما ذكروه، ولكن المدلول الذي أرادوه يكون ظاهرا.

line-bottom