إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده
شرح مقدمة التفسير لابن تيمية
83908 مشاهدة
نماذج من التفسير بالرأي

يظهر هذا كثيرا في تفسير كثير من المتكلمين كتفسير البيضاوي وأبي السعود والنسفي .
هؤلاء يفسرون القرآن بالرأي ولا يذكرون أدلة، أعطاهم الله تعالى فصاحة ومعرفة باللغة؛ فصاروا يحملونه على ما يفهمونه دون أن يرجعوا إلى أسباب النزول، أو دون أن يرجعوا إلى أقوال السلف الذين أنزل القرآن في عهدهم والذين هم أعلم بمعانيه.
الأولون راعوا المعنى الذي رأوه من غير نظر إلى ما تستحقه ألفاظ القرآن من الدلالة والبيان، يعني: كهؤلاء المبتدعة, يعني: كالخوارج والمعتزلة والروافض ونحوهم. المعنى الذي رأوه واعتقدوه راعوه من غير نظر إلى ما تستحقه ألفاظ القرآن، وألفاظ القرآن واضحة الدلالة وواضحة البيان؛ ولكن لما كان هؤلاء مخالفين في الاعتقاد عند ذلك حملوا الآيات ما لا تحتمله وحرفوا الكلم عن مواضعه.
ذكر شيخ الإسلام في موضع من كتبه أن المعتزلة فسروا قول الله تعالى: وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا قالوا: كلمه: جرحه بأظافير الحكمة، فنفوا ما يعتقدونه من أن الله تعالى لا يتكلم، نفوا ظاهر الآية بناء على ما يعتقدونه ونسوا دلالات الآيات ونسوا سياق الآيات، ونسوا الآيات الأخرى التي تصرح بخطأ ما قالوه.
وهي آيات كثيرة مثل آيات النداء وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ والنداء كلام. ومثل قوله تعالى: إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فلما كانوا يعتقدون أن الله تعالى لا يتكلم ثقل عليهم معنى هذه الآية.
فبعضهم حاول أن يحرف اللفظ، جاء واحد منهم إلى أبي عمرو أحد القراء السبعة، وقال: أريد أن تقرأ هذه الآية: ( وكلم اللَّهَ موسى تكليما ) أي: موسى هو الذي كلم الله، ولكن أبا عمرو رحمه الله قال له: هب أني أو أنت قرأت هذه الآية كذلك فكيف تصنع بقول الله تعالى: وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ ؟ فبهت ذلك المعتزلي؛ لأن هذه الآية لا يمكن تحريفها فحرفوها بأن قالوا: كلمه جرحه، ونسوا قوله: إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي ونسوا أو تناسوا آيات النداء وأمثلة تحريفهم كثيرة.