لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. logo قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.
shape
شرح مقدمة التفسير لابن تيمية
124557 مشاهدة print word pdf
line-top
متى يقبل الحديث ومتى يقبل التفسير والمغازي

وهذا الأصل ينبغي أن يعرف فإنه أصل نافع في الجزم بكثير من المنقولات في الحديث والتفسير والمغازي ، يعني: أن يعرف متى يقبل الحديث ومتى يقبل التفسير والمغازي، فيقال: إذا جاءت من طرق متعددة، وما ينقل من أقوال الناس ومن أفعالهم، متى تقبل إذا جاءت من طرق متعددة، وعلم أن أحد الطريقين غير الطريق الآخر، وأن هذا ما أخذ من هذا، ثم يقول: ولهذا إذا روي الحديث الذي يتأتى فيه ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم بوجهين، يعني رواه اثنان من الصحابة أو ثلاثة وروي كل حديث من طرق، مع العلم بأن أحدهما ما أخذه عن الآخر جزم بأنه حق، يحدث هذا كثيرا.
فمثلا قصة المرأة التي حبست هرة رواها ثلاثة من الصحابة كل منهم في جهة، فعلم بأن النبي صلى الله عليه وسلم حدث بها يقينا؛ لأن كل واحد من الصحابة ما أخذها عن الآخر.
وكذلك قصص كثيرة إذا علم أن نَقَلَتَهُ ليسوا ممن يتعمدون الكذب وإنما يؤخذ على أحدهم النسيان والغلط، فإن من عرف الصحابة كابن مسعود وأبي بن كعب وابن عمر وجابر وأبي سعيد وأبي هريرة وغيرهم، علم يقينا أن الواحد من هؤلاء لا يتعمد الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم وقد سمعوه يقول: من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار فضلا عمن هو فوقهم كالخلفاء الراشدين، كما يعلم الرجل من حال من جربه وخبره خبرة باطنة طويلة أنه ممن لا يسرق أموال الناس، ولا ممن يقطع الطريق ولا ممن يشهد بالزور، أنت إذا صحبت إنسانا وعلمت صدقه وورعه وعرفت ثقته، وعدالته وأمانته، وطلب منك أن تزكيه عند القاضي فإنك تزكيه بطول المعرفة، فتقول: خبرته وصحبته وجاورته وعاملته عدة سنين فأزكيه؛ لأني لا أعلم عليه إلا خيرا، فتشهد بأنه ليس ممن يتعمد الكذب ولا ممن يشهد الزور ولا ممن يسرق أموال الناس، فهذا بالنسبة إلى خبرتك وتجربتك.

line-bottom