شرح مقدمة التفسير لابن تيمية
السلف يعبرون عن المسمى بعبارة تدل على عينه
ذَكَرَ أسماء النبي صلى الله عليه وسلم مثل محمد اسم> وأحمد اسم> والماحي اسم> والحاشر اسم> والعاقب اسم> لكن محمد اسم> قيل: هو النبي صلى الله عليه وسلم. من أحمد اسم> عند الإطلاق؟ هو النبي صلى الله عليه وسلم. من الماحي اسم> ؟ هو النبي صلى الله عليه وسلم. كذا الحاشر اسم> العاقب اسم> هذه أسماء، هذه مطابقة، يعني دلالة على الذات. فإذا قيل: ما معنى محمد اسم> ؟ فقيل كثير المحامد، أو كثير الخصال الحميدة، سمي به لكثرة خصاله الحميدة. ما أحمد اسم> ؟. الذي يحمد الله دائما ويثني عليه. ما الماحي اسم> ؟ الذي محا الله تعالى به الشرك. ما الحاشر اسم> ؟ الذي يحشر الناس على عقبه. ما العاقب اسم> ؟ الذي جاء عقب الأنبياء وهو خاتمهم. فكل اسم له دلالة على الذات . الحاشر اسم> هو محمد اسم> العاقب اسم> هو الرسول، الحاشر اسم> ما معناه؟ الذي يحشر الناس على عقبه.
كذلك أسماء القرآن. إذا قيل ما القرآن؟ تقول: هذا المكتوب في المصاحف. ما معنى القرآن؟ تقول: الذي يقرأ ويتلى. ما الفرقان؟ تقول: كتاب الله. ما معنى الفرقان؟ تقول: الذي فرق الله به بين الحق والباطل. ما الهدى؟ تقول: كتاب الله رسم> هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى قرآن> رسم> ما معنى الهدى؟ تقول: الذي يهدي الله به من شاء هدايته. ما الشفاء؟ تقول: كتاب الله. ما معنى الشفاء؟ تقول الذي جعله الله شفاء لما في الصدور. ما البيان؟ تقول: كتاب الله ما معناه ؟ تقول: الذي بين الله فيه الأحكام.
وهكذا فكل اسم له دلالة مطابقة ، ودلالة تضمن..
يقول: فإذا كان مقصود السائل تعيين المسمى عبرنا عنه بأي اسم كان. إذا قيل: ما الرحمن؟ قلنا: الله. ما العزيز؟ الله. ما العزيز؟ الرحمن. عبرنا عنه بأي اسم كان يعرف به مسمى هذا الاسم. من الحاشر؟ محمد اسم> من العاقب اسم> ؟ محمد اسم> ما المراد بالفرقان؟ هو كتاب الله. عبرنا باسم من هذا.
قد يكون ذلك الاسم علما، وقد يكون صفة. العلم مثل ما قال ابن مالك اسم> في الألفية:
اسـم يعين المسمــى مطلقـا | علمــه كجـعفــر وخرنقــا |
وقد يكون صفة كمن يسأل عن قول الله تعالى: رسم> وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي قرآن> رسم> فيقول: ما ذكره؟ فلك جوابان: أن تقول: هو القرآن، أو هو ما أنزل الله من الكتب. فتعين أنه هو هذا القرآن الموجود بالمصاحف. الذكر مصدر، والمصدر تارة يضاف إلى الفاعل، وتارة يضاف إلى المفعول. ويقال: ذكر الله يعني كلام الله هذا أضيف إلى الفاعل. وأما إذا أضيف إلى المفعول فيقال: ما يذكره به العباد، يعني ذكر الله ما تذكرونه به.
إذا قيل: ذكر الله بالمعنى الثاني كان ما يذكر به مثل قول العبد: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر. رسم> وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي قرآن> رسم> له تفسيران كما سمعنا. قيل إن المراد رسم> وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي قرآن> رسم> يعني كلامي يعني القرآن، وقيل: رسم> وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي قرآن> رسم> يعني غفل عن أن يذكرني، يعني لم يذكره. أي يذكر ربه بالتسبيح والتحميد وما أشبه ذلك.
فإذا قيل بالمعنى الأول كان ما يذكره هو، وهو كلامه ما يذكره هو. يعني ما يذكره الله وهو كلامه. وهذا هو المراد في قوله: رسم> وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي قرآن> رسم> يعني عن كلامي. هذا هو الصحيح. في هذه الآية من سورة طه رسم> وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي قرآن> رسم> فسره بعضهم بأنه رسم> أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي قرآن> رسم> يعني نسيني ولم يذكرني، ولكن الصحيح أن المراد غفل عن كلامي. ( ذكري ) يعني ما أذكره لكم يعني ما أتكلم به.
والدليل على أنه أراد القرآن أنه قال قبل ذلك: رسم> فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى قرآن> رسم> والهدى هو القرآن رسم> فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ قرآن> رسم> أي كلامي رسم> فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى قرآن> رسم> هُدَاه هو ما أنزله من هذا الذكر. ثم قال بعد ذلك: رسم> قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا قرآن> رسم> آياته هي كلامه.
فهذا مثال؛ يعني مثالا لهذا التفسير أن ذكر الله رسم> وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي قرآن> رسم> قد يراد به ما أذكر به. وقد يقال: ما أذكره أنا أي ما أتكلم به. ثم يقول: المقصود أن يعرف أن الذكر هو كلام الله المنزل، أو هو ذكر العباد له.
إذا قيل: رسم> أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي قرآن> رسم> يعني: نسيني ولم يذكرني أو رسم> وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي قرآن> رسم> يعني عن كلامي ولم يقرأه ونسيه. سواء قيل ذكري كتابي، أو كلامي، أو هداي كان المسمى واحدا رسم> وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي قرآن> رسم> فسره بعضهم قال: من أعرض عن كتابي. فسره آخرون من أعرض عن كلامي، فسره آخرون من أعرض عن هداي، فسره آخرون من أعرض عن بياني يعني عن القرآن. وهل هذه التفاسير متباينة؟ هي معنى واحد.
يقول:إن كان مقصود السائل معرفة ما للاسم من الصفة المختصة به. معرفة معنى الاسم الذي لأجله سمي الصفة المختصة به كالرحمن الصفة المختصة به الرحمة، والعزيز الصفة المختصة به العزة. يقول: فلا بد من قدر زائد على تعيين المسمى. تعيين المسمى يعني تخصيص المسمى، وتخصيصه. فإذا كان يقصد معنى ذلك الاسم، ولماذا سمي به؟ مثل أن يسأل عن القدوس، السلام، المؤمن، ويعرف أنها أسماء الله. ولكن يسأل ما معنى القدوس؟ فيقال: القدوس المقدس يعني المنزه عن النقائص ، وعن معنى السلام ؟ ويعرف أنه الله، فيقال: السلام الذي يسلم عباده، والذي هو سالم عن كل نقص، أو عيب. معنى الله مؤمن هو المصدق لعباده الصادق في كلامه. ومراده مع معنى كونه قدوسا، سلاما، مؤمنا ونحو ذلك.
هذه مقدمة. يقول: إذا عرف هذا فالسلف رحمهم الله كثيرا ما يعبرون عن المسمى بعبارة تدل على عينه. تدل على عينه يعني على عين ذلك الشخص أو الشيء، وإن كان فيه من الصفة ما ليس في الاسم الآخر. يعني كأن يقول: أحمد اسم> هو الحاشر اسم> والماحي اسم> والعاقب اسم> يعني من أحمد اسم> ؟ أحمد اسم> هو الحاشر اسم> أحمد اسم> هو الذي يحشر الناس على عقبه. أحمد اسم> هو الماحي اسم> أحمد اسم> هو العاقب اسم> .
أو يقال: القدوس هو الغفور هو الرحيم. يعني يذكرون اسما من أسماء الله كما يقول القدوس هو الله القدوس هو الرحمن القدوس هو العزيز القدوس هو الغفور القدوس هو الرحيم، أي أن المسمى واحد؛ لا أن هذه الصفة هي تلك الصفة لأن صفة القدوس غير صفة الغفور كل منهما يشتق منه اسم.
مسألة>