شرح مقدمة التفسير لابن تيمية
حكاية الخلاف عن علماء بني إسرائيل
ولكن نقل الخلاف عنهم في ذلك جائز. يعني يجوز نقل الخلاف؛ قال فلان: كذا، وقال فلان: كذا، وسواء كان خلافا للسلف أو عن الإسرائيليات، يجوز نقل الخلاف عنهم؛ لأن الله تعالى نقل بعض الخلاف قال تعالى: رسم> سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا قرآن> رسم> فذكر الله تعالى هذا الخلاف.
واشتملت هذه الآية الكريمة على الأدب في هذا المقام؛ يعني: وهي قوله تعالى: رسم> قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ قرآن> رسم> وقوله: رسم> فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا قرآن> رسم> ؛ أي: لا تستفت وتطلب فتوى، وكل الأمر إلى الله، وقل: الله أعلم، عدتهم يعلمها الله ولا يعلمها إلا قليل، وفيها تعليل ما ينبغي في مثل هذا، فإنه تعالى أخبر عنهم بثلاثة أقوال ضعف القولين الأولين الذين قالوا: رسم> ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ قرآن> رسم> والذين قالوا: رسم> خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ قرآن> رسم> رفع فنفى ذلك بقوله: رسم> رَجْمًا بِالْغَيْبِ قرآن> رسم> وسكت عن الثالث فدل على صحته.
هكذا قال بعضهم: إنه لما لم يضعف الثالث أنهم رسم> سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قرآن> رسم> ؛ دل على أنه القول الصحيح؛ إذ لو كان باطلا لرده؛ كما رد القولين قبله. وآخرون قالوا: إن قوله: رسم> قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ قرآن> رسم> ؛ دليل على أنهم لا يعلم عدتهم إلا الله. وليس هذا العدد مطابقا؛ يعني أنهم رسم> سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قرآن> رسم> .
أرشد الله إلى أن الاطلاع على عدتهم لا طائل تحته، فيقال في مثل هذا: رسم> قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ قرآن> رسم> فإنه ما يعلم بذلك إلا قليل من الناس؛ هم الذين أطلعهم الله عليه فلهذا قال: رسم> فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ قرآن> رسم> ؛ أي لا تجادل فيهم إلا مراء ظاهرا أي مما ظهر لك، لا تجهد نفسك بما لا طائل تحته، ولا تسألهم عن ذلك؛ فإنهم لا يعلمون من ذلك إلا رجم الغيب، فلا تتطاول معهم.
مسألة>