القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه
شرح مقدمة التفسير لابن تيمية
83868 مشاهدة
من تفسيرات المعاصرين المخالفة

وقد ذكرنا أيضا أن بعض المتأخرين حملوا الآيات على ما يشاهدونه، وفسروها بتفاسير تناسب زمانهم، ففسر بعضهم قوله تعالى: وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ وقالوا: الفلك المشحون هو السيارات والطائرات، ونحن ننكر ذلك ونقول: إن الفلك هو السفن، وذلك لأن الله قال: وَآيَةٌ لَهُمْ يعني آية لأولئك الذين سمعوا القرآن نزل عليهم. وهذه الصناعات الجديدة ليست آية لهم ولا شاهدوها ولا حدثت إلا في هذه الأزمنة، فكيف تكون آية لهم؟ فَحَمْلُها على السفن القديمة التي أخبر الله تعالى بقوله: وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ هو الأصل.
يقول: ثم يعرف بالطرق المفصلة فساد تفاسيرهم بما نصبه الله من الأدلة على بيان الحق، فإن الحق قديم والحق عليه أدلة واضحة، إما من سياق الآيات وإما من الآيات الأخرى وإما من تفاسير السلف رحمهم الله.