إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه logo       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.
shape
شرح مقدمة التفسير لابن تيمية
117106 مشاهدة print word pdf
line-top
تزكية ابن مسعود لابن عباس

ذكر بعد ذلك إسناد ابن جرير قال: حدثنا محمد بن بشار شيخ من مشايخ البخاري ومسلم يقال له: محمد بن بشار العبدي ويلقب بندار أنبأنا وكيع وكيع بن الجراح العالم المشهور أنبأنا سفيان إذا أطلقه وكيع فهو: سفيان الثوري عن الأعمش الذي هو سليمان بن مهران عن مسلم الذي هو مسلم بن صبيح ويكنى أبو الضحى عن مسروق الذي هو تلميذ ابن عباس وتلميذ ابن مسعود قال: قال عبد الله يعني ابن مسعود نعم ترجمان القرآن ابن عباس .
شهادة من ابن مسعود من أجلاء الصحابة لابن عباس أنه ترجمان القرآن؛ يعني مفسره؛ أن الله تعالى فتح عليه فصار يفسر القرآن.
ثم رواه ابن جرير عن ابن أبي داود عن إسحاق الأزرق عن سفيان عن الأعمش عن مسلم بن صبيح أبو الضحى عن مسروق عن ابن مسعود يعني مداره على الأعمش أو على سفيان أنه قال: نعم الترجمان للقرآن ابن عباس نعم مدح له.
ثم رواه أيضا عن بندار الذي هو محمد بن بشار عن جعفر بن عون عن الأعمش به، فأصبح ابن بشار رواه عن شيخين عن وكيع وعن ابن عون وأصبح الذين رووه عن الأعمش جعفر بن عون وسفيان الثوري ؛ فهذا إسناد صحيح، يعني صحيح حيث أنه صح عن الأعمش من طريقين؛ من طريق سفيان الثوري ومن طريق جعفر بن عون صحيح إلى ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال في ابن عباس هذه العبارة تزكية من ابن مسعود لابن عباس .
ثم يقول: قد مات ابن مسعود في سنة ثلاث وثلاثين، وفي رواية في سنة اثنين وثلاثين، مات في هذه السنة قبل موت عثمان بسنتين أو بثلاث سنوات، ذكره ابن كثير في التأريخ في سنة اثنين وثلاثين؛ وهي السنة التي مات فيها أبو ذر والتي مات فيها عبد الرحمن بن عوف ومات فيها العباس بن عبد المطلب ولكن يمكن أنه مات في أول السنة التي بعدها ثلاث وثلاثين، وعِّمر ابن عباس بعده ستا وثلاثين سنة، فعلى هذا يكون مات سنة ثمان أو تسع وستين، والمشهور أنه مات سنة ثمان وستين رضي الله عنه.
يقول: فما ظنك بما كسبه من العلوم بعد ابن مسعود وما فتح الله تعالى عليه وما رزقه من العلوم، وما تعلمه من بقية الصحابة الذين عاشوا بعد ابن مسعود ما أخذه عن الصحابة، وأخذ عن عائشة وأخذ عن علي وأخذ عن عثمان وأخذ عن أبي هريرة وغيرهم من الصحابة الذين أدركهم سواء ماتوا بعده كابن عمر أو ماتوا قبله كأبي هريرة أخذ عنهم كثيرا.
وقد ذكر نحو هذا الكلام ابن كثير في مقدمة التفسير، يقول: وقال الأعمش عن أبي وائل استخلف علي عبد الله بن عباس على الموسم؛ يعني على موسم الحج، في خلافة علي رضي الله عنه؛ فخطب الناس، يظهر أن ذلك في منى فقرأ في خطبته سورة البقرة، وفي رواية سورة النور، والمشهور أنه فسر سورة النور، فسرها تفسيرا لو سمعته الروم والترك والديلم لأسلموا؛ يعني من بلاغته رضي الله عنه، وذلك مما فتح الله تعالى عليه، هذا مما رزقه الله تعالى من بلاغة، وقوة أسلوب وتعبير واضح، وتفسير للمعاني وإظهار بيان القرآن، وإظهار بلاغته وإعجازه، وإظهار كثرة ما فيه من المعاني، المعاني الكثيرة التي يفتح الله تعالى بها على بعض عباده.

line-bottom