من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
شرح مقدمة التفسير لابن تيمية
96921 مشاهدة
التعريف بالحد المطابق والتعريف بالمثال

يقول: فإن التعريف بالمثال قد يسهل أكثر من التعريف بالحد المطابق ، عرفنا الحد المطابق يعني تعريف الشيء بالحد الذي يحدد به، فإذا قيل مثلا: ما المراد بالصيام فيقال: هو إمساك مخصوص لشخص مخصوص عن أشياء مخصوصة، وإذا قيل: ما الحج؟ فيقال: هو قصد البيت الحرام في زمن مخصوص لأداء أعمال مخصوصة، يسمى هذا التحديد تعريفا، ويقال: ما السلم؟ فتقول: هو عقد على موصوف في الذمة مؤجل بثمن مقبوض في مجلس العقد، فيقال: هذا تخصيص هذا تعريف بالحد، كما يقال: ما المراد بالثوب؟ فتقول: لباس يستر جزءا من البدن، من بدن الإنسان منسوج من قطن أو من صوف أو من كتان أو نحو ذلك، فهذا يسمى تعريفا بالحد.
وأما التعريف بالمثال كأن تأخذ واحدا من الثياب فتقول: هذا ثوب هذا هو الثوب، فالتعريف بالمثال يعني بالمشاهدة أبلغ، سيما للجهلة باللغة كالأجانب ونحوهم، يقول: العقل السليم يتفطن للنوع كما يتفطن إذا أشير له إلى رغيف فقيل: هذا هو الخبز، أو أشير له مثلا إلى البيت إذا كان مثلا لا يعرف مسمى البيت فيقال: هذا بيت، قد يجيء كثير من هذا الباب.