إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
شرح مقدمة التفسير لابن تيمية
96871 مشاهدة
من تكلم بما يعلم من ذلك لغة وشرعا فلا حرج عليه

أما من تكلم بما يعلم من ذلك لغة وشرعا فلا حرج عليه إذا تكلم بشيء قد علمه سواء أخذه عن التابعين أو فهما فهمه أو أخذه عن الصحابة، أو أخذه عن لغة العرب، فإنه لا يلام بل له أجر؛ وذلك لأن معرفة الآيات تعين على العمل بها، وتعين أيضا على الاعتبار؛ لأن في القرآن عبرة فإذا فهم القرآن اعتبر به، وإذا لم يفهمه لم يدر ما معناه،؛ فلم يدكر ولم يعتبر فيكون معرفة الآيات فيها فائدة عظيمة.
ولكن إذا كان المعنى غير ظاهر فإنه يتورع عن أن يخوض فيه بغير علم. فما روي عن هؤلاء من التوقف في هذه الآيات محمول على الورع وخوف القول على الله بغير علم.
يقول: ولهذا روي عن هؤلاء وغيرهم أقوال في التفسير، هكذا أيضا ذكر ابن كثير يقول: إن هؤلاء الذين تحرجوا روي عنهم أقوال كثيرة في التفسير؛ يعني: قل آية فيها تفسير إلا وتجد عند ابن جرير أو ابن أبي حاتم وغيرهم أقوالا فيها مروية عن هؤلاء؛ مروية عن هؤلاء الذين يتوقفون كالقاسم وسالم وسعيد ونافع وهشام وأبوه عروة وكذلك عبيدة السلماني وإبراهيم النخعي ونحوهم روي عنهم تفاسير كثيرة في آيات كثيرة يجدها من بحث عنها في كتب التفسير.
ولا منافاة بين تورعهم في موضع وتفسيرهم في موضع؛ وذلك لأنهم تكلموا فيما علموه، وسكتوا عما جهلوه، الذي تكلموا فيه أخذوه عن علم بمرجع من المراجع، أو أمر من الأمور، وأما الذي جهلوه أو خافوا أنه ليس بصواب فإنهم تورعوا وسكتوا. وهذا هو الواجب على كل أحد، واجب على كل مسلم أن يفسر ما يعلمه، وألا يفسر الشيء الذي يجهله، وأن يتورع عن أن يقول على الله تعالى بغير علم، وأن يفسره بالهوى. كما تقدم أمثلة ذلك الذين فسروه بأهوائهم؛ فإنه كما يجب السكوت عما لا علم له به.