لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
شرح مقدمة التفسير لابن تيمية
96931 مشاهدة
ندرة الترادف في القرآن

فهذا النوع إذا صح فيه القولان كان من الصنف الثاني من الأقوال الموجودة عنهم، ويجعلها بعض الناس اختلافا أن يعبروا عن المعاني بألفاظ متقاربة لا مترادفة، تعرفون الترادف هو الألفاظ التي معناها واحد كقولهم: وقف قام انتصب هذه مترادفة، قعد وجلس هذه أيضا مترادفة، وقد تكون في الأسماء كإنسان ورجل وامرؤ وآدمي هذه مترادفة، التي تدل على مدلول واحد من الأسماء أو من الأفعال، فيعبرون عن المعاني بألفاظ متقاربة وليست مترادفة، يعني أنها تكون بمعان فرق قريب بعضها من بعض، فإن الترادف في اللغة قليل ، يعني الترادف الذي هو كون الكلمات دالة على معنى واحد قليل.
وأما في ألفاظ القرآن فإما نادر وإما معدوم، الذي هو عطف كلمتين بمعنى واحد، الغالب أن العرب تقتصر على كلمة ولا تحتاج إلى مرادف، فالغالب أنها تقول: قام ولا تقول: قام ووقف، قعد ولا تقول: قعد وجلس، ويكتفون بكلمة واحدة وإن كانت اللفظة بمعناها وكذلك في القرآن لا يذكر في القرآن لفظتان بمعنى واحد إلا نادرا أن يقول .. يعبر عن لفظ واحد بلفظ واحد يؤدي جميع معناه بل يكون فيه تقريب لمعناه، يعني الألفاظ التي يعبر بها في الغالب أنها تكون كمثال لا أنها تأتي على الألفاظ كلها ولا على المعاني كلها إنما هي للتقريب.
ولهذا جاء في القرآن كلمات احتاجت إلى التفسير فمثلا قوله: ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا فلم يقل: اسجدوا على وجوهكم وعلى أيديكم وأرجلكم وركبكم بل قال: اسجدوا لأن اللفظ يحتاج إلى بيان فذكر مجملا وجعل بيانه من مسمى اللغة يكون فيه تقريب للمعنى، وهذا جعلوه من أسباب إعجاز القرآن من أسباب كون القرآن معجزا أنه يأتي بالألفاظ المختصرة ، ويدخل فيها عموم آيات كثيرة، يدخل فيها أشياء تدخل في بعضها، ففسر مثلا قوله: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ إذا قيل إنهم اليهود، فيدخل في ذلك المشركون والنصارى والشيوعيون وأشباههم، فإنهم جميعا مغضوب عليهم، فلا حاجة إلى أن يقول غير اليهود والنصارى والبوذيين والهندوس والمشركين وما أشبه ذلك، أطلق عليهم هذا الوصف حتى يعم ذلك جميعهم، مثل بقوله: يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا قال: المور هو الحركة سواء كانت تقريبا ..إذ الحركة خفيفة سريعة، وقيل: إن المور هو الحركة يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ يعني تتحرك، لكن يقول: إن العرب تعني بالمور حركة خفيفة سريعة.