إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده
شرح مقدمة التفسير لابن تيمية
96916 مشاهدة
اجتماع الأمة من علامات صحة المنقول

والأمة لا تجتمع على خطأ ، فلو كان الحديث كذبا في نفس الأمر وصدقته الأمة، الأمة مصدقة له قابلة له، لكانوا أجمعوا على تصديق ما هو في نفس الأمر كذب، وهذا إجماع على الخطأ وهو ممتنع لا تجتمع أمتي على ضلالة وإن كنا نحن بدون الإجماع نجوز الخطأ أو الكذب على الواحد على الخبر.
يعني نجوز أن الواحد يقع في خطأ في كلمة أو نحوها، كتجويزنا قبل أن نعلم الإجماع على العلم الذي ثبت بظاهر أو قياس ظني أن يكون الحق في الباطن بخلاف ما اعتقدناه، يعني: قبل أن نعلم الإجماع على العلم الذي ثبت بظاهر أو قياس يجوز أن يكون الحق في الباطن بخلاف ما اعتقدناه.
فإذا أجمعوا على الحكم جزمنا بأن الحكم ثابت باطنا وظاهرا، معتمدنا هو الإجماع، فإجماع الأمة على تلقي الكتابين البخاري ومسلم بالقبول دليلٌ على ثبوت ما فيهما إلا ما استثني.
ولهذا كان جمهور أهل العلم من جميع الطوائف على أن خبر الواحد إذا تلقته الأمة بالقبول تصديقا له، أو عملا به أنه يوجب العلم، وهذا فيه خلاف؛ فمنهم من قال: إنه يوجب العلم القطعي، وهذا هو الصحيح، ومنهم من قال: إنه يوجب العلم بالقرائن إذا احتفت به ، ومنهم من قال: يوجب العلم الظني، ومنهم من قال: يوجب العمل ولا يوجب العلم، وأكثر المتكلمين على أنه يوجب الظن.
ولأجل ذلك ردوا أحاديث الصفات، وقالوا: إنها أحاديث آحاد وإنها لا تفيد إلا الظن وإن الظن أكذب الحديث، وإن الصفات لا بد أن يعتمد فيها على اليقين فساروا يردونها؛ ولأجل ذلك تصدى للرد عليهم ابن القيم ولعلكم قرأتم كلامه في كتابه الذي سماه: الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة؛ فإنه كسر طواغيتهم التي يدعون بها رد الأحاديث فمنها قولهم: إن هذا خبر واحد، وخبر الواحد لا يفيد إلا الظن.