شرح مقدمة التفسير لابن تيمية
النوع الأول: الاختلاف الواقع في التفسير من جهة النقل
السلام عليكم ورحمة الله.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ذكر شيخ الإسلام رحمه الله أن اختلاف المفسرين من السلف-رحمهم الله- اختلاف تنوع ليس اختلاف تضاد، ثم ذكر له صنفين أحدهما أن يعبر كل واحد منهم عن المراد بعبارة غير عبارة صاحبه ويكون الاختلاف في العبارة كل عبارة تدل على معنى في المسمى الآخر .. المسمى، والصنف الثاني أن يذكر كل منهم من الاسم العام بعض أنواعه على سبيل التمثيل لا على سبيل الحد، وذكر أمثلة لكل من هذين الصنفين والآن نواصل القراءة.
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد اسم> وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللسامعين.
قال المصنف رحمه الله تعالى:
فصل في نوع الاختلاف في التفسير المستند إلى النقل وإلى طريق الاستدلال.
الاختلاف في التفسير على نوعين: منه ما مستنده إلى النقل فقط، ومنه ما يعلم بغير ذلك، فإما نقل مصدق وإما استدلال محقق، والمنقول إما عن المعصوم وإما عن غير المعصوم.
المقصود بيان جنس المنقول سواء كان عن المعصوم أو غير المعصوم، وهذا هو النوع الأول، فمنه ما يمكن معرفة الصحيح منه والضعيف، ومنه ما لا يمكن معرفة ذلك فيه.
وهذا هو القسم الثاني من المنقول هو ما لا طريق لنا إلى الجزم مما لا فائدة لنا فيه والكلام فيه هو من فضول الكلام، وأما ما يحتاج المسلمون إلى معرفته فإن الله تعالى نصب على الحق فيه دليلا.
فمثال ما لا يفيد ولا دليل على الصحيح منه اختلاف في لون كلب أصحاب الكهف وفي البعض الذي ضرب به موسى اسم> من البقرة، وفي مقدار سفينة نوح اسم> وما كان خشبها، وفي اسم الغلام الذي قتله الخضر اسم> ونحو ذلك.
فهذه الأمور طريق العلم بها النقل، فما كان من هذا منقولا نقلا صحيحا عن النبي صلى الله عليه وسلم كاسم صاحب موسى اسم> أنه الخضر اسم> فهذا معلوم.
وما لم يكن كذلك بل كان مما يؤخذ عن أهل الكتاب كالمنقول عن كعب اسم> ووهب اسم> ومحمد بن إسحاق اسم> وغيرهم ممن يأخذ عن أهل الكتاب فهذا لا يجوز تصديقه ولا تكذيبه إلا بحجة، ففي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: رسم> إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالله ورسله، فإما أن يحدثوكم بحق فتكذبوه وإما أن يحدثوكم بباطل فتصدقوه متن_ح> رسم> .
وكذلك ما نقل عن بعض التابعين وإن لم يذكر أنه أخذه عن أهل الكتاب فمتى اختلف التابعون لم يكن بعض أقوالهم حجة على بعض.
وما نقل في ذلك عن بعض الصحابة نقلا صحيحا فالنفس إليه أسكن مما نقل عن بعض التابعين؛ لأن احتمال أن يكون سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم أو من بعض من سمعه منه أقوى، ولأن نقل الصحابة عن أهل الكتاب أقل من نقل التابعين، ومع جزم الصحابي بما يقول كيف يقال إنه أخذه عن أهل الكتاب وقد نهوا عن تصديقهم.
والمقصود أن الاختلاف الذي لا يعلم صحيحه ولا تفيد حكاية الأقوال فيه هو كالمعرفة بما يروى من الحديث الذي لا دليل على صحته وأمثال ذلك.
وأما القسم الأول الذي يمكن معرفة الصحيح منه فهذا موجود فيما يحتاج إليه ولله الحمد، فكثيرا ما يوجد في التفسير والحديث والمغازي أمور منقولة عن نبينا- صلى الله عليه وسلم- وغيره من الأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه، والنقل الصحيح يدفع ذلك، بل هذا موجود فيما مستنده النقل، وفيما يعرف بأمور أخرى غير النقل.
والمقصود أن المنقولات التي يحتاج إليها في الدين قد نصب الله الأدلة على بيان ما فيها من صحيح أو غيره، ومعلوم أن المنقول في التفسير أكثره كالمنقول في المغازي والملاحم، ولهذا قال الإمام أحمد اسم> ثلاثة أمور ليس لها إسناد: التفسير والملاحم والمغازي، ويُرْوَى ليس لها أصل أي إسناد؛ لأن الغالب عليها المراسيل مثل ما يذكره عروة بن الزبير اسم> والشعبي اسم> والزهري اسم> وموسى بن عقبة اسم> وابن إسحاق اسم> ومن بعدهم كيحيى بن سعيد الأموي اسم> والوليد بن مسلم اسم> والواقدي اسم> ونحوهم من كُتَّاب المغازي، فإن أعلم الناس بالمغازي أهل المدينة اسم> ثم أهل الشام اسم> ثم أهل العراق اسم> فأهل المدينة اسم> أعلم بها لأنها كانت عندهم، وأهل الشام اسم> كانوا أهل غزو وجهاد فكان لهم من العلم بالجهاد والسير ما ليس لغيرهم ولهذا عظم الناس كتاب أبي إسحاق الفزاري اسم> الذي صنفه في داره وجعلوا الأوزاعي اسم> أعلم بهذا الباب من غيره من علماء الأمصار.
وأما التفسير فإن أعلم الناس به أهل مكة اسم> لأنهم أصحاب ابن عباس اسم> كمجاهد اسم> وعطاء بن أبي رباح اسم> وعكرمة اسم> مولى ابن عباس اسم> وغيرهم من أصحاب ابن عباس اسم> كطاوس اسم> وأبي الشعثاء اسم> وسعيد بن جبير اسم> وأمثالهم وكذلك أهل الكوفة من أصحاب عبد الله بن مسعود اسم> ومن ذلك ما تميزوا به على غيرهم، وعلماء أهل المدينة اسم> في التفسير مثل زيد بن أسلم اسم> الذي أخذ عنه مالك اسم> التفسير وأخذه عنه أيضا ابنه عبد الرحمن اسم> وعبد الله بن وهب اسم> .
والمراسيل إذا تعددت طرقها وخلت عن المواطأة قصدا أو اتفاقا بغير قصد كانت صحيحة قطعا، فإن النقل إما أن يكون صدقا مطابقا للخبر وإما أن يكون كذبا تعمد صاحبه الكذب أو أخطأ فيه، فمتى سلم من الكذب العمد والخطأ كان صدقا بلا ريب.
فإذا كان الحديث جاء من جهتين أو جاء من جهات وقد علم أن المخبرين لم يتواطئوا على اختلاقه، وعلم أن مثل ذلك لا تقع المواطأة فيه اتفاقا بلا قصدا علم أنه صحيح.
مثل شخص يحدث عن واقعة وقعت ويذكر تفاصيل ما فيها من الأقوال والأفعال ويأتي شخص آخر قد عُلِمَ أنه لم يواطئ الأول فيذكر مثل ما ذكره الأول من تفاصيل الأقوال والأفعال، فيُعلم قطعا أن تلك الواقعة حق في الجملة؛ فإنه لو كانت كل منهما كذبا عمدا أو خطأ لم يتفق أن يأتي كل منهما بتلك التفاصيل التي تمنع اتفاق الاثنين عليها بلا مواطأة من أحدهما لصاحبه، فإن الرجل قد يتفق أن ينظم بيتا وينظم الآخر مثله أو يكذب كذبة ويكذب الآخر مثلها، أما إذا أنشأ قصيدة طويلة ذات فنون على قافية وروي فلم تجر العادة بأن غيره ينشئ مثلها لفظا ومعنى مع الطول المفرط، بل يعلم بالعادة أنه أخذها منه.
وكذلك إذا حدث حديثا طويلا فيه فنون وحدث آخر بمثله فإنه إما أن يكون واطأه عليه، أو أخذه منه، أو يكون الحديث صدقا، وبهذا الطريق يعلم صدق عامة ما تتعدد جهاته المختلفة على هذا الوجه من المنقولات وإن لم يكن أحدهما كافيا؛ إما لإرساله وإما لضعف ناقله، لكن مثل هذا لا تنضبط به الألفاظ والدقائق التي لا تعلم بهذا الطريق، بل يحتاج ذلك إلى طريق يثبت بها مثل تلك الألفاظ والدقائق.
ولهذا ثبتت غزوة بدر بالتواتر وأنها قبل أحد بل يعلم قطعا أن حمزة اسم> وعليا اسم> وأبا عبيدة اسم> برزوا إلى عتبة اسم> وشيبة اسم> والوليد اسم> وأن عليا اسم> قتل الوليد اسم> وأن حمزة اسم> قتل قرنه ثم يشك في قرنه هل هو عتبة اسم> أم شيبة اسم> ؟ وهذا الأصل ينبغي أن يعرف، فإنه أصل نافع في الجزم بكثير من المنقولات في الحديث والتفسير والمغازي وما ينقل من أقوال الناس وأفعالهم وغير ذلك.
ولهذا إذا روي الحديث الذي يتأتى فيه ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجهين مع العلم بأن أحدهما لم يأخذه عن الآخر جزم بأنه حق، لا سيما إذا علم أن نَقَلَتَه ليسوا ممن يتعمدون الكذب وإنما يخاف على أحدهم من النسيان والغلط.
فإن ممن عرف الصحابة كابن مسعود اسم> وأبي بن كعب اسم> وابن عمر اسم> وجابر اسم> وأبي سعيد اسم> وأبي هريرة اسم> وغيرهم، علم يقينا أن الواحد من هؤلاء لم يكن ممن يتعمد الكذب على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فضلا عمن هو فوقهم، كما يعلم الرجل من حال من جربه وخبره خبرة باطنة طويلة أنه ليس ممن يسرق أموال الناس ويقطع الطريق ويشهد بالزور ونحو ذلك.
وكذلك التابعون بالمدينة اسم> ومكة اسم> والشام اسم> والبصرة فإن من عرف مثل أبي صالح السمان اسم> والأعرج اسم> وسليمان بن يسار اسم> وزيد بن أسلم اسم> وأمثالهم علم قطعا أنهم لم يكونوا ممن يتعمد الكذب في الحديث فضلا عمن هو فوقهم، مثل محمد بن سيرين اسم> والقاسم بن محمد اسم> أو سعيد بن المسيب اسم> أو عبيدة السلماني اسم> أو علقمة اسم> أو الأسود اسم> أو نحوهم، وإنما يخاف على الواحد من الغلط فإن الغلط والنسيان كثيرا ما يعرض للإنسان.
ومن الحفاظ من قد عرف الناس بعده عن ذلك جدا كما عرفوا حال الشعبي اسم> والزهري اسم> وعروة اسم> وقتادة اسم> والثوري اسم> وأمثالهم، لا سيما الزهري اسم> في زمانه والثوري اسم> في زمانه، فإنه قد يقول القائل إن ابن شهاب الزهري اسم> لا يعرف له غلط مع كثرة حديثه وسعة حفظه.
والمقصود أن الحديث الطويل إذا روي مثلا من وجهين مختلفين من غير مواطأة امتنع عليه أن يكون غلطا، كما امتنع أن يكون كذبا، فإن الغلط لا يكون في قصة طويلة متنوعة وإنما يكون في بعضها، فإذا روى هذا قصة طويلة متنوعة ورواها الآخر مثلما رواها الأول من غير مواطأة امتنع الغلط في جميعها كما امتنع الكذب في جميعها من غير مواطأة؛ ولهذا إن ما يقع في مثل ذلك غلط في بعض ما جرى في القصة.
مثل حديث اشتراء النبي صلى الله عليه وسلم البعير من جابر اسم> فإن من تأمل طرقه علم قطعا أن الحديث صحيح، وإن كانوا قد اختلفوا في مقدار الثمن، وقد بين ذلك البخاري اسم> في صحيحه.
فإن جمهور ما في البخاري اسم> ومسلم اسم> ممن يقطع بأن النبي صلى الله عليه وسلم قاله؛ لأن غالبه من هذا، ولأنه قد تلقاه أهل العلم بالقبول والتصديق والأمة لا تجتمع على خطأ، فلو كان الحديث كذبا في نفس الأمر والأمة مصدقة له قابلة له لكانوا قد أجمعوا على تصديق ما هو في نفس الأمر كذب، وهذا إجماع على الخطأ وذلك ممتنع، وإن كنا نحن بدون الإجماع نجوز الخطأ أو الكذب على الخبر فهو كتجويزنا قبل أن نعلم الإجماع على العلم الذي ثبت بظاهر أو بقياس ظني، أن يكون الحق في الباطل بخلاف ما اعتقدناه، فإذا أجمعوا على الحكم جزمنا بأن الحكم ثابت باطنا وظاهرا.
ولهذا كان جمهور أهل العلم من جميع الطوائف على أن خبر الواحد إذا تلقته الأمة بالقبول تصديقا له أو عملا به أنه يوجب العلم، وهذا هو الذي ذكره المنصفون في أصول الفقه من أصحاب أبي حنيفة اسم> ومالك اسم> والشافعي اسم> وأحمد اسم> إلا فرقة قليلة من المتأخرين اتبعوا في ذلك طائفة من أهل الكلام أنكروا ذلك.
ولكن كثيرا من أهل الكلام أو أكثرهم يوافقون الفقهاء وأهل الحديث والسلف على ذلك وهو قول أكثر الأشعرية كأبي إسحاق اسم> وابن فورك اسم> وأما ابن الباقلاني اسم> فهو الذي أنكر ذلك وتبعه أبو المعالي اسم> وأبو حامد اسم> وابن عقيل اسم> وابن الجوزي اسم> وابن الخطيب اسم> والآمدي اسم> ونحو هؤلاء، والأول هو الذي ذكره الشيخ أبو حامد اسم> وأبو الطيب اسم> وأبو إسحاق اسم> وأمثاله من أئمة الشافعية وهو الذي ذكره القاضي عبد الوهاب اسم> وأمثاله من المالكية وهو الذي ذكره شمس الدين السرخسي اسم> وأمثاله من الحنفية، وهو الذي ذكره أبو يعلى اسم> وأبو الخطاب اسم> وأبو الحسن بن الزاغوني اسم> وأمثاله من الحنبلية.
وإذا كان الإجماع على تصديق الخبر موجبا للقطع به فالاعتبار به في ذلك بإجماع أهل العلم بالحديث كما أن الاعتبار بالإجماع لا يحكم بإجماع أهل العلم بالأمر والنهي والإباحة.
والمقصود هنا أن تعدد الطرق مع عدم التشعب أو الاتفاق في العادة يوجب العلم بمضمون المنقول، لكن هذا ينتفع به كثيرا من علم أحوال الناقلين، وفي مثل هذا ينتفع برواية المجهول والسيئ الحفظ وبالحديث المرسل ونحو ذلك ولهذا كان أهل العلم يكتبون مثل هذه الأحاديث ويقولون إنه يصلح للشواهد والاعتبار ما لا يصلح لغيره، قال أحمد اسم> قد أكتب حديث الرجل لأعتبره، ومثل ذلك بعبد الله بن لهيعة اسم> قاضي مصر اسم> فإنه كان من أكثر الناس حديثا ومن خيار الناس، ولكن بسبب احتراق كتبه وقع في حديثه المتأخر غلط فسار يعتبر بذلك ويستشهد به وكثيرا ما يقترن هو والليث بن سعد اسم> والليث اسم> حجة ثبت إمام.
وكما أنهم يستشهدون ويعتبرون بحديث الذي فيه سوء حفظ، فإنهم أيضا يضعفون من حديث الثقة الصدوق الضابط أشياءً تبين لهم غلطه فيها بأمور يستدلون بها، ويسمون هذا علم علل الحديث، وهو من أشرف علومهم بحيث يكون الحديث قد رواه ثقة ضابط وغلط فيه، وغلطه فيه عُرِفََ إما بسبب ظاهر كما هو معروف أن النبي- صلى الله عليه وسلم- تزوج ميمونة وهو حلال، وأنه صلى في البيت ركعتين وجعلوا رواية ابن عباس اسم> لتزوجها وهو محرم ولكونه لم يصل مما وقع فيه الغلط، وكذلك أنه اعتمر أربع عمر، وعلموا أن قول ابن عمر اسم> أنه اعتمر في رجب مما وقع فيه الغلط، وعلموا أنه تمتع وهو آمن في حجة الوداع، وأن قول عثمان اسم> لعلي اسم> كنا يومئذ خائفين مما وقع فيه الغلط وأن ما وقع في بعض طرق البخاري اسم> إن النار لا تمتلئ حتى ينشئ الله لها خلقا آخر مما وقع فيه الغلط وهذا كثير.
والناس في هذا الباب طرفان: طرف من أهل الكلام ونحوهم ممن هو بعيد عن معرفة الحديث وأهله لا يميز بين الصحيح والضعيف ويشك في صحة أحاديث أو في القطع بها مع كونها معلومة مقطوعا بها عند أهل العلم به، وطرف ممن يدعي علم اتباع الحديث والعمل به، كلما وجد لفظا في حديث قد رواه ثقة أو رأى حديثا بإسناد ظاهره الصحة يريد أن يجعل ذلك من جنس ما جزم أهل العلم بصحته، حتى إذا عرض الصحيح المعروف أخذ يتكلف له التأويلات الباردة أو يجعله دليلا في مسائل العلم، مع أن أهل العلم بالحديث يعرفون أن مثل هذا غلط.
وكما أن على الحديث أدلة يعلم بها أنه صدق وقد يقطع بذلك فعليه أدلة يعلم بها أنه كذب ويقطع بذلك مثلما يقطع بكذب من يرويه الوضاعون من أهل البدع والغلو في الفضائل مثل حديث يوم عاشوراء وأمثاله مما فيه أن من صلى ركعتين كان له كأجر كذا وكذا نبيا.
وفي التفسير من هذه الموضوعات قطعة كبيرة مثل الحديث الذي يرويه الثعلبي اسم> والواحدي اسم> والزمخشري اسم> في فضائل سور القرآن سورة سورة، فإنه موضوع باتفاق أهل العلم والثعلبي اسم> هو في نفسه كان فيه خير ودين ولكن كان حاطبَ ليل ينقل ما وجد في كتب التفسير من صحيح وضعيف وموضوع، والواحدي اسم> صاحبه كان أبصر منه بالعربية والبغوي اسم> تفسيره مختصر من الثعلبي اسم> لكنه صان تفسيره عن الأحاديث الموضوعة والآراء المبتدعة.
والموضوعات في كتب التفسير كثيرة منها الأحاديث الكثيرة الصريحة في الجهر بالبسملة وحديث علي اسم> الطويل في تصدقه بخاتمه في الصلاة فإنه موضوع باتفاق أهل العلم ومثل ما روي في قوله تعالى: رسم> وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ قرآن> رسم> أنه علي اسم> وقوله تعالى: رسم> وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ قرآن> رسم> أي أذنك يا علي اسم> .
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد اسم> تعرض في هذا كما سمعنا لاختلاف المحدثين، وذلك لأنه مما يظهر منه اختلاف المفسرين فذكر أن الاختلاف في التفسير على نوعين : منه ما مستنده النقل ومنه ما يعلم بغير ذلك، الذي مستنده النقل هو المروي عن السلف وعن علماء الأمة نقلا بالأسانيد واحدا عن واحد هذا مستنده النقل، ومنه ما يعلم بغير ذلك ما يعلم بالاستنباط، فكثير من العلماء المتأخرين يستنبطون من الآيات بعض الفوائد وبعض الأحكام فيكون ذلك مخالفا لما كان عليه المفسرون الأولون.
وفي هذه الأزمنة أناس تكلفوا في تطبيق بعض الآيات على واقع الناس في هذه الأزمنة ولا شك أن هذا تكلف، فيقول بعضهم رسم> وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ قرآن> رسم> يعني تركت ولم يستفد منها، يقول: إن ذلك فيما ينطبق على هذه الأزمنة استغني عنها بالصناعات واستغني عنها بالمراكب الجديدة، ولكن هذا يخالف الظاهر فإن الآية سيقت لهول يوم القيامة؛ لأن الله بدأها بقوله: رسم> إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ قرآن> رسم> فتكون هذه الأشياء كلها في يوم واحد.
يقول: العلم إما نقل مصدق أو استدلال محقق والنقل هو الذي يكون بالأسانيد الصحيحة نقل مصدق عن السلف، والاستدلال المحقق هو الذي يقول قولا ويذكر مستنده، ويقول قولا في معنى آية ويذكر مستنده، مثل تفسير القرآن بالقرآن بالآيات المفصلة فإن هذا استدلال محقق.
يقول: المنقول إما عن المعصوم أو عن غير المعصوم، المعصوم هو النبي صلى الله عليه وسلم، والصحابة ومن بعدهم غير معصومين يقع في أقوالهم شيء من الغلط، يقول هذا هو النوع الأول منه، وهذا منه ما يمكن معرفة الصحيح منه والضعيف، ومنه ما لا يمكن معرفة ذلك، يعني الذي نقل يمكن تتبع أسانيده فيعرف ما هو صحيح ويمكن أن كثيرا منه روي من غير أسانيد فلا يمكن معرفة الصحيح والضعيف لعدم الوقوف على الأسانيد، أو لأن الأسانيد فيها إجمال.
يقول: وهذا القسم الثاني من المنقول يعني من التفسير بالمنقول وهو ما لا طريق لنا إلى الجزم بالصحة منه، يعني ما لا طريق لنا إلى الجزم بالصحة، عامته مما لا فائدة فيه يعني الاختلاف الذي يقع فيه عامته لا فائدة في الاختلاف فيه، والكلام فيه من فضول الكلام فلا حاجة إلى التكلف وإلى القول فيه بغير دليل.
أما ما يحتاج المسلمون إلى معرفته فإن الله تعالى نصب على الحق فيه دليلا ، الأشياء التي يحتاجون إلى معرفتها كالعبادات والمحرمات، هذه بينها النبي- صلى الله عليه وسلم- ونصب الله تعالى على معرفتها أدلة واضحة.
مسألة>