تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. logo إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
shape
شرح مقدمة التفسير لابن تيمية
117265 مشاهدة print word pdf
line-top
الرجوع في أي علم لأهله

يقول: والناس في هذا الباب طرفان: طرف من أهل الكلام ونحوهم ممن هو بعيد عن معرفة الحديث وأهله، لا يميزون بين الصحيح والضعيف فيشكون في صحة الأحاديث الصحيحة أو في القطع بها مع كونها معلومة مقطوعا بها عند أهل العلم.
وذلك لعدم صناعتهم للحديث ومعرفتهم بطرقه، وإنما يقيسون الأحاديث بآرائهم فما يوافق آراءهم يجزمون بصحته ولو كان ضعيفا، وما لا يوافقها يجزمون بأنه غلط أو ضعيف ولو كان صحيحا؛ فليسوا من أهل الحديث. تجدون هذا كثيرا في كتب المتكلمين، قد يجزمون بالحديث أنه صحيح مع كونه ضعيفا، وبالعكس يضعفون الحديث الذي لا يوافق آراءهم مع كونه صحيحا ولكل صنعة، فالمحدثون صنعتهم الحديث يعرفون به، وهؤلاء المتكلمون صنعتهم العقول ما يوافق عقولهم يقبلونه.
يقول: وطرف ممن يدعي اتباع الحديث والعمل به، كلما وجد لفظا في حديث قد رواه ثقة، أو رأى حديثا بإسناد ظاهره الصحة، يريد أن يجعل ذلك من جنس ما جزم أهل العلم بصحته، حتى إذا عارض الصحيح المعروف؛ أخذ يتكلف له التأويلات الباردة، أو يجعله دليلا له لمسائل العلم، مع أن أهل العلم بالحديث يعرفون أن مثل هذا غلط.
يحدث أن كثيرا من الذين لم يكن الحديث صناعتهم يرى أحدهم رواية في حديث قد حكم العلماء بأنها غلط ثم يصححها ثم يتكلف في الجمع بينها وبين الروايات، أو يجعلها صفة من الصفات.
يذكرون من صلاة الخوف أمثلة كثيرة، لكن الصحيح منها خمس صفات، لكن بعض العلماء كلما روى أو وقف على رواية فيها نوع مخالفة جعلها سادسة، ثم يرى رواية أخرى هي نوع مخالفة يسيرة ويجعلها سابعة وثامنة وتاسعة، فيجعل هذه الصفات متعددة وهذا غلط، نقول: إنها محصورة مثلا في خمس صفات، وإن هذه الرواية محمولة على أن هذه اللفظة غلط من بعض الرواة، فلا تجعل صفة أخرى، ولا يتكلف فيها.
وهكذا مثلا أحاديث الإسراء، وقع في كثير منها غلط، فيرى بعضهم رواية تخالف رواية أخرى، جعل الإسراء مرتين والمعراج مرتين، ثم يرى رواية أخرى فيها شيء من المخالفة، فيجعل المعراج ثلاث مرات، ثم يرى رواية أخرى فيجعل المعراج أربع مرات، وهكذا وذلك لعدم معرفتهم بصنعة الحديث، فالأولى أن نقول: هذه غلط فيها هذا الراوي؛ أبدل لفظة بدل لفظة أو هذه منام وليست هي المعراج أو ما أشبه ذلك.

line-bottom