شرح مقدمة التفسير لابن تيمية
الأمارات التي تدل على كذب الحديث ووضعه
يقول: ثم إن لهذا الحديث أدلة يعلم بها أنه صِدْق، وقد يقطع بذلك، إذا كان على الحديث أدلة يعلم بها أنه صدق فكذلك عليه أدلة يعلم بها أنه كذب ويقطع بذلك، مثلما يقطع بكذب ما يرويه الوضاعون من أهل العلم بداعي الغلو في الفضائل.
الوضاعون الذين يضعون أحاديث من قبل أنفسهم ليس لها أصل، فهذه يعلم بأنها موضوعة، وتجدونها من كتب الموضوعات: كتاب ابن الجوزي اسم> الموضوعات، وكتاب السيوطي اسم> وكتاب الشوكاني اسم> الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة، وكتاب ابن عراق اسم> وغيرها من الكتب، كتاب العراقي اسم> القديم، أوفاها واسمه تنزيه الشريعة المرفوعة وغيرها من الكتب.
ذكر المحدثون أن الوضاعين يكون لهم أغراض في وضع الحديث ، ذكروا في كتب المصطلح، فيقطع العلماء بأن هذا موضوع؛ وضعه أهل البدع، أو وضعه أهل الغلو في الفضائل، مثل أحاديث يوم عاشوراء. يوم عاشوراء يعظمه بعض الجهلة من النواصب، فيجعلونه يوم فرح، ووضعوا فيه أحاديث كثيرة، أن من صلى فيه ركعتين كان له كأجر كذا وكذا نبيا، وأن من اكتحل فيه لم ترمد عيناه أبدا، وأن من ادهن فيه كان له كذا وكذا، وأن من لبس فيه الجديد كان له أجر كذا وكذا، وأن من وسع على أهله وسع الله عليه طوال حياته.
ومع ذلك فإن هذه الأحاديث موضوعة، ومع الأسف يذكرها الذين يصنفون في الفضائل، حتى ابن الجوزي اسم> رحمه الله في كتبه الوعظية سرد هذه الأحاديث لاما بها لأنها موضوعة.
وكذلك أحاديث في الطرف الثاني وهم الرافضة، فإنهم ذكروا أنه يوم مشهود وذكروا فيه أحاديث موضوعة يعرف بأنها كذب، ذكر بعض الإخوة أنه قبل ثلاثين سنة، لما أن أهل الإحساء اسم> من الشيعة اجتمعوا في يوم عاشوراء قدم إليهم عالم من علماء العراق اسم> وأخذ يخطبهم، وقال: إن مما روينا أن المرأة لو أوقدت على هذه الأطعمة بخوصة وكانت قد زنت سبعين مرة غفر لها ذلك. فعند ذلك قال بعض الحاضرين: يا سلام عليك، هذه ليست صحيحة، تريد أن من .. يفعل كذا، فعرف بذلك أن هذه من المبالغات في الكذب وما أشبه ذلك.
والحاصل أن التفسير فيه من هذه الموضوعات قطعة كبيرة، مثل الحديث الذي يرويه الثعلبي اسم> والواحدي اسم> والزمخشري اسم> في فضائل سور القرآن سورة سورة ، فإنه موضوع باتفاق أهل العلم.
رواه الثعلبي اسم> بإسناده عن أبي بن كعب اسم> ولكن الثعلبي اسم> في نفسه فيه خير ودين؛ ولكن نقول: إنه حاطب ليل ينقل ما وجد في كتب التفسير من صحيح وضعيف وموضوع ولا يميزه، ليس له تمييز بين الصحيح والضعيف.
وتبعه على ذلك الواحدي اسم> وإن كان أبصر منه بالعربية، ولكن هو أبعد عن السلامة واتباع السلف؛ ليس من أهل الاتباع؛ فلذلك ينقل هذا الحديث.
والزمخشري اسم> يذكره بعد كل سورة. إذا انتهى من تفسير سورة، ذكر من قرأ سورة كذا وكذا فله أجر كذا وكذا، وليس الزمخشري اسم> من أهل الحديث. كتابه هذا الذي هو الكشاف مليء بالابتداع. ثم ذكر أن البغوي اسم> تفسيره مختصر من الثعلبي اسم> ؛ لكنه صان تفسيره عن الأحاديث الموضوعة والآراء المبتدعة، تفسيره الذي سماه معالم التنزيل طبع عدة طبعات.
البغوي اسم> من أهل الحديث، وهو صاحب كتاب شرح السنة، وصاحب المصابيح في السنة، فله عناية بكتب الحديث؛ ولأجل ذلك له معرفة، فكان اختصر تفسيره من تفسير الثعلبي اسم> ولكن لما كان بصيرا بالأحاديث أسقط تلك الأحاديث الموضوعة كأحاديث الفضائل هذه وترك أيضا البدع، والتزم بمعتقد أهل السنة في إثبات الأسماء والصفات.
يقول: الموضوعات في كتب التفسير كثيرة، حتى في تفسير ابن جرير اسم> ذكر ابن كثير اسم> أنه روى تفسيرا أو حديثا موضوعا مكتوبا في تفسير أول سورة الإسراء. يقول ابن كثير اسم> من العجب كيف راج عليه هذا الحديث الموضوع الطويل؟! مثل الأحاديث الكثيرة الصريحة في الجهر بالبسملة فإنها موضوعة.
ذكر المؤلف أن الدارقطني اسم> ألف كتابا في الجهر بالبسملة، ولما قدم مصر اسم> سأله بعض العلماء هل فيها حديث صحيح؟ فقال: أما عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا وأما عن الصحابة فبلى.
اعترف وذلك لأنه محدث مشهور بعلم الحديث، أنه ليس فيها حديث واحد مع أنها مجلد. ولما تكلم عنها في سننه سنن الدارقطني اسم> مطبوع ذكر أحاديث في الجهر بالبسملة، وذلك لأنه شافعي نحو ست صفحات كلها أحاديث ولكنها معلولة.
وكذلك تبعه البيهقي اسم> صاحب السنن الكبرى، لأنه أيضا شافعي المذهب، فروى أحاديث كثيرة كلها مكذوبة أو ضعيفة في الجهر بالبسملة.
يقول: ومثل حديث علي اسم> وكون تصدقه بخاتمه في الصلاة، يستدل بها الرافضة على فضله فضل علي اسم> وأنه نزل فيه قول الله تعالى رسم> إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ قرآن> رسم> أنها نزلت في علي اسم> ؛ لأنه سأله سائل فنزع خاتمه وأعطاه ذلك السائل وهو في الصلاة وهو راكع، فيكون هو الولي، رسم> إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ قرآن> رسم> يقول: موضوع باتفاق أهل العلم.
ومثل ما روي في قوله رسم> وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ قرآن> رسم> أنه علي اسم> هذا أيضا تفسير الرافضة رسم> وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ قرآن> رسم> أذنك يا علي اسم> هذه أيضا تفسيرات الرافضة، فالأقوال والتفاسير التي يعلم كذبها يعرف بذلك أنها من وضع الوضاعين. والله أعلم.
سـؤال
أحسن الله إليكم وأثابكم. يقول السائل: ما رأي فضيلتكم في التفسير المسمى بصفوة التفاسير رأس> للصابوني اسم> ؟
سؤال> الصابوني اسم> أشعري متمسك بأشعريته، قد حاول فيه بعض العلماء أن يتراجع؛ ولكنه أصر على معتقده؛ لأنه تلقى ذلك عن مشايخه، ففيه بعض الأخطاء في هذا التفسير بما يتعلق بالعقيدة.
قد نبه عليها بعض العلماء، ومنهم الشيخ جميل زينو اسم> وطبع بعض الملاحظات عليه، كذلك الشيخ صالح بن فوزان اسم> وكلهم لاحظوا عليه ملاحظات. فتفسيره كسائر تفسير الأشاعرة، كتفسير الواحدي اسم> وتفسير البيضاوي اسم> وتفسير أبي السعود اسم> ونحوها من تفاسير الأشاعرة.
والذين يعتنقون هذا يوصون بها كثيرًا. أتذكر أن بعض مشايخنا من قبل ثلاثين سنة، ونحن في مرحلة الماجستير أخذ يوصينا ويقول: عليكم بتفسير النسفي اسم> يحث عليه، ولما قرأناه وجدنا فيه هذه التأويلات، وما يتعلق بالصفات، قد نبه عليها بعض الإخوة في مقالة لعلها نشرت أو تنشر في مجلة البحوث، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد اسم> .
مسألة>