شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.
شرح مقدمة التفسير لابن تيمية
96996 مشاهدة
ابن عطية وسلوكه مسلك الأشاعرة في تأويل آيات الصفات

ثم ذكر تفسير ابن عطية وهو مطبوع في عدة مجلدات، يقول: إنه أتبع للسنة والجماعة، وأسلم من البدع من تفسير الزمخشري لكنه عفا الله عنه سلك مسلك الأشاعرة في تأويل آيات الصفات، كآيات المحبة وآيات العجب وآيات الرحمة وآيات المجيء وآيات الوجه واليد وما أشبهها؛ لأن هذا معتقد الأشاعرة ولو ذكر كلام السلف الموجود في التفاسير المأثورة عنهم على وجهه لكان أحسن وأجمل.
ليته نقل عن السلف واعتمد أقوالهم، لكنه ولو كان يعني: أقرب للسنة اعتمد على تفسير ابتدأه أو نقل من كتب الأشاعرة. كثيرا ما ينقل من تفسير ابن جرير محمد بن جرير الطبري وتفسيره من أجل التفاسير وأعظمها قدرا، ومع ذلك يدع ما نقله ابن جرير عن السلف الذي يذكره بأسانيده لا يحكيه بحال، ويذكر ما يزعم أنه قول المحققين. يذكر أقوالا يدعي أنها أقوال المحققين وليس كذلك، وإنما يعني طائفة من أهل الكلام يعني من الأشاعرة الذين قرروا أصولهم بطرق من جنس ما قررت به المعتزلة أصولهم.
أهل الكلام هم الأشاعرة غالبا يطلق أهل الكلام عليهم، وقد يطلق أيضا على المعتزلة؛ لأنهم الذين توغلوا في علم الكلام الذي نهى عنه السلف رحمهم الله. يقول: وإن كانت أقوالهم أقرب إلى السنة من المعتزلة، يعني أقوال الأشاعرة. لكن ينبغي أن يعطى كل ذي حق حقه، ويعرف أن هذا من جملة التفسير على المذهب، يعني أنه تفسير على مذهب الأشاعرة.
فإن الصحابة والتابعين والأئمة إذا كان لهم في تفسير الآية قول وجاء قوم فسروا الآية بقول آخر لأجل مذهب اعتقدوه، وذلك المذهب ليس من مذاهب الصحابة والتابعين لهم بإحسان صاروا مشاركين للمعتزلة وغيرهم من أهل البدع في مثل هذا، إذا جاء التفسير عن الصحابة والتابعين والأئمة، وجاء قوم آخرون وفسروا الآية بقول آخر اتباعا لمذهب اعتقدوه، وذلك المذهب ليس من مذاهب الصحابة والتابعين صاروا مشاركين للمعتزلة.
وهذا ينطبق على هؤلاء الأشاعرة، فينطبق على تفسير ابن عطية كما ينطبق على التفسير الكبير للرازي وعلى تفاسير الأشاعرة مع كثرتها، مشاركون للمعتزلة وغيرهم من أهل البدع في أنهم أضافوا معتقدهم إلى أقوال السلف. ليتهم اقتصروا على تفاسير السلف ففيها الكفاية، التفاسير المنقولة بالأسانيد موجودة في تفسير عبد الرزاق وموجودة في التفاسير التي ذكرها سابقا، وفي تفسير ابن جرير الذي هو من أوسعها وفي تفسير ابن أبي حاتم .