إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه logo شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
shape
شرح مقدمة التفسير لابن تيمية
117192 مشاهدة print word pdf
line-top
من أخطئوا في الدليل لا في المدلول

ذكر بعد ذلك الذين يخطئون في الدليل لا في المدلول، يخطئون في الدليل لا في المستدل عليه، كثير من الصوفية والوعاظ والفقهاء وغيرهم يفسرون القرآن بمعانٍ صحيحة لكن القرآن لا يدل عليها، يفسرون القرآن بمعان صحيحة ولكن ليس سياق الآيات فيها، وإنما الآيات سيقت في المعاني التي فهمها السلف رحمهم الله، وإن كانت تلك المعاني ثابتة بأدلة أخرى.
مِثْل كثير مما يذكره أبو عبد الرحمن السلمي في حقائق التفسير، وإن كان فيما ذكره ما هو معان باطلة. فإن ذلك يدخل في القسم الأول وهو الخطأ في الدليل والمدلول جميعا؛ حيث يكون المعنى الذي قصدوه فاسدا، ويدخل في ذلك أيضا كثير من المتأخرين الذين يفسرون الآيات ويطبقونها على معان صحيحة ولكن لم تكن مذكورة في تفاسير السلف.

line-bottom