شرح مقدمة التفسير لابن تيمية
من أعلام الصحابة
يقول: لا سيما علماءهم وكبراءهم يعني الذين لهم صحبة قديمة؛ أكابر الصحابة كالخلفاء الراشدين الأئمة الأربعة أبي بكر اسم> وعمر اسم> وعثمان اسم> وعلي اسم> رضي الله عنهم. ويسمون أئمة لأنهم قدوة، ويسمون خلفاء لأنهم استخلفوا؛ ولوا الخلافة بعد النبي صلى الله عليه وسلم واحدا بعد واحد، ويسمون أئمة مهديين؛ لأنه عليه السلام وصفهم بذلك بقوله: رسم> عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين متن_ح> رسم> يعني: شهد لهم بأنهم أهل هداية.
ثم ذكر أيضا من يماثلهم ممن علموا القرآن وعلموا معانيه، ومثل بعبد الله بن مسعود اسم> الصحابي الجليل رضي الله عنه، من متقدمي المسلمين، أسلم قديما في مكة اسم> وصحب النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر أنه تلقى من فيه سبعين سورة بلا واسطة وبقية السور أخذها بواسطة.
وذكر أنه قرأه على النبي صلى الله عليه وسلم، وأقره على قراءته، وقال له: رسم> اقرأ علي القرآن؛ فإني أحب أن أسمعه من غيري متن_ح> رسم> وذكر إسنادا عن ابن جرير اسم> رحمه الله، قال: حدثنا أبو كريب اسم> وهو من مشايخ البخاري اسم> ومسلم اسم> ؛ واسمه محمد بن العلاء اسم> قال: حدثنا جابر بن نوح اسم> ؛ وهو من تابعي التابعين، قال: أنبأنا الأعمش اسم> وهو من صغار التابعين سليمان بن مهران اسم> ؛ عن أبي الضحى مسلم بن صبيح اسم> ؛ وهو أيضا ممن أدرك ابن مسعود اسم> ولكنه يروي عنه أحيانا بواسطة عن مسروق اسم> ؛ وهو من خواص طلاب ابن مسعود اسم> رضي الله عنه. قال: قال عبد الله اسم> يعني: ابن مسعود اسم> ؛ إذا أطلق أصحاب عبد الله اسم> انصرف إلى ابن مسعود اسم> يقول: والذي لا إله غيره ما نزلت آية في كتاب الله إلا وأنا أعلم فيمن نزلت، وأين نزلت.
يعني يعلم سبب نزولها، ويعلم مكان نزولها، فالقرآن كله وآياته التي تزيد على ستة آلاف آية؛ يقول كل آية يعرف سبب نزولها، ويعرف ما روي عن نزولها، ثم يقول: ولو أعلم مكان أحد أعلم بكتاب الله مني تناله المطايا لأتيته؛ يعني: لأستفيد منه. ثم يقول: قال الأعمش اسم> أيضا عن أبي وائل اسم> عن ابن مسعود اسم> قال: كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن؛ حتى يعرف معانيهن والعمل بهن؛ وذلك لأن القرآن أنزل للعمل به، ثم اتخذ الناس تلاوته عملا. ذكر ابن مسعود اسم> أن الرجل لا يتجاوز عشر آيات؛ يتعلم عشر آيات يتعلم كيف تطبيقها؟ وكيف معانيها؟ وكيف دلالاتها؟ ممن يتعلم؟ لا شك أنه يتعلمه من النبي محمد اسم> صلى الله عليه وسلم؛ فإنه مرجعهم وأستاذهم؛ يتعلمون منه، فلا جرم اختصوا بأنهم يميزون ما تعلموه، ويكون تعلمهم أفضل من تعلم غيرهم.
... عشر آيات إلا بعد أن يتعلموا معانيها، وكل ذلك دليل على أنهم يهتمون بالمعاني كاهتمامهم بالألفاظ.
ومنهم الحبر البحر، الحبر واحد الأحبار، وهم العلماء، عبد الله بن عباس اسم> بحر يعني: بحر في العلوم، وحبر الأمة, يسمى حبر الأمة وترجمان القرآن، يعني ترجمان هو المترجم؛ بمعنى أنه يترجم الآيات يعنى يفسرها كما يترجم الكلام إلى لغة أخرى؛ فيسمى ترجمان القرآن يعني معلم القرآن ومبينه.
هو ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم. ما أسلم إلا متأخرا، ولادته قبل الهجرة بثلاث سنين، ولكن ما هاجر إلا في سنة ثمان مع أبيه قبل الفتح بأشهر. ولما هاجر تتلمذ على الصحابة، وكذلك لازم النبي صلى الله عليه وسلم، وأكثر ما أخذه عن الصحابة. ذكر بعض العلماء أن الأحاديث التي رواها عن النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة قد لا تصل إلى عشرة أحاديث أو عشرين حديثا، ومع ذلك فإن الأحاديث التي رواها قد تصل إلى ألفين مجموعة في مسند الإمام أحمد اسم> ومسند بقي بن مخلد اسم> .
من أين أخذها؟ من الصحابة، يقول في بعض الروايات: لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم قلت لشاب من الأنصار: هلم فلنأخذ عن الصحابة؛ فإنهم متوافرون الآن، نتعلم منهم حتى نحمل ما معهم من العلم. فقال ذلك الشاب: عجبا لك يا ابن عباس اسم> ؛ أتظن الناس يحتاجون إليك؟ أليس فيهم صحابة النبي صلى الله عليه وسلم؟! يقول: فأعرضت عن كلامه وأقبلت على التعلم.
فكان يذكر لي الحديث عند أحد الصحابة فأطرق عليه بابه، فيقال: إنه نائم في قيلولة؛ فأقعد عند الباب تسفو الريح في وجهي، فإذا قام إلى الصلاة ورآني قال: ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم!! هلا أخبرتني وأنا آتيك؟ فأقول: العلم أولى أن يؤتى إليه. فكان هكذا يتعلم من الصحابة رضي الله عنهم، ويأخذ عنهم الأحاديث، ويأخذ أيضا عنهم تفسير الآيات التي تلقوها عن النبي صلى الله عليه وسلم، إلى أن فتح الله عليه، فبعد مدة انكب الناس عليه، وصاروا يتعلمون منه، ويصدر عن فتواه الفئام من الناس، ويزدحمون عليه، ولا يخلو مكانه ممن يتتلمذ ويسأله، فرآه بعد ذلك الشاب الأنصاري؛ فقال: أنت أفقه مني؛ يعني: إنك اجتهدت وتعلمت.
ثم ناله ذلك أيضا ببركة دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ حيث قال له: رسم> اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل متن_ح> رسم> رواية: فقهه في الدين هذه أصح، ورواية رسم> وعلمه التأويل متن_ح> رسم> مروية من طرق عن هشيم ... وفي بعضها مقال، ولكن حصل له الأمران: فقهه الله تعالى في الدين، ورزقه الفقه، وكذلك التأويل الذي هو معرفة ما تؤول إليه المعاني.
مسألة>