شرح مقدمة التفسير لابن تيمية
اعتماد السدي الكبير في تفسيره على ابن عباس وابن مسعود
يقول: ولهذا كان غالب ما يرويه إسماعيل بن عبد الرحمن السدي الكبير اسم> في تفسيره عن هذين الرجلين ابن مسعود اسم> وابن عباس اسم> وذلك لأن السدي اسم> له تفسير يرويه ابن جرير اسم> ويفرقه عند الآيات، ورواه عنه تلميذه .. ابن أسباط اسم> فعندما يرويه يقول في أوله: يذكر أنه عن مرة الهمداني اسم> عن ابن مسعود اسم> وعن ابن عباس اسم> وعن ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقتصر على ذكر ابن مسعود اسم> وابن عباس اسم> ويضمر الباقي؛ فيقول: عن ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، هكذا تجدونه في تفسير ابن جرير اسم> .
ففي أوله؛ أول التفسير يقول: عن مرة الهمداني اسم> عن ابن مسعود اسم> وعن ابن عباس اسم> عن ناس، ثم إنه يقول: يتكرر الإسناد. صار يقتصر على السدي اسم> يقول عن السدي اسم> ثم يذكر تفسير الآية حسبما فهمه.
ولا شك أنه تفسير يغلب عليه أنه يوافق الحق.
لكن ذكر في الواقع يقول: في بعض الأحيان ينقل عنه ما يحكون من أقاويل أهل الكتاب، يعني من تفسير يذكرونه عن أهل الكتاب، أهل الكتاب يعني اليهود في ذلك الزمان، وذلك لأنه أباحها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: رسم> بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار متن_ح> رسم> رواه البخاري عن عبد الله بن عمرو بن العاص حديث> .
وتلك الحكايات التي يرويها السدي اسم> يمكن أنه رواها عن غير ابن عباس اسم> ابن عباس اسم> الغالب أنه لا يروي عن الإسرائيليات، وكذلك ابن مسعود اسم> ولكن يمكن أن هناك مشايخ آخرين يروون تلك القصص؛ فأخذها السدي اسم> وسردها في هذا التفسير.
تفسيره موجود في تفسير ابن جرير اسم> مفرقا، ويقول المحقق لتفسير ابن جرير اسم> الذي هو محمود شاكر اسم> الذي حققه إلى سورة الأنفال: إن إسناده لا بأس به؛ إلا أن السدي اسم> ؛ يقولون: إن هناك السدي الصغير اسم> ؛ ضعيف، والسدي الكبير اسم> لا بأس به؛ يقبل تفسيره.
يوجد في تفسير السدي اسم> أقوال شاذة، ويوجد فيه أيضا حكايات كثيرة عن بني إسرائيل، يعني حكاية أقوال من الإسرائيليات التي لا يوثق بها، ولكن بعض الصحابة وثقوا بكعب الأحبار اسم> ؛ كأنهم يقولون: ما جربنا عليه كذبا، ولكن الأغلب أنه يأخذ عن تلك الكتب التي هي من بقايا الإسرائيليات ويثق بها، ولا شك أنها قد دخلها كثير من الكذب، ومن الزيادة والنقص؛ سيما في القصص الطويلة التي سردها ابن جرير اسم> عفا الله عنه، وابن كثير اسم> نزه كتابه عن أكثرها.
ذكر أن عبد الله بن عمرو بن العاص اسم> رضي الله عنه أصاب يوم اليرموك اسم> زاملتين؛ يعني: كيسين فيهما كثير من كتب أهل الكتاب، إما أنها مترجمة باللغة العربية، أو أنه يعرف ما فيها من اللغة من كتب أهل الكتاب، فكان يحدث منها بما فهمه من هذا الحديث من الإذن في ذلك.
تجدون كثيرا من الأحاديث يذكرها ابن كثير اسم> في التفسير عن عبد الله بن عمرو اسم> وأن بعض الرواة رفعها؛ فيقول: الصحيح أنه موقوف، ولعله من الزاملتين. دائما كلما ذكر حديثا أو غالبا يقول: لعله من الزاملتين؛ يعني من الكيسين اللذين فيهما كتب أصابها فكان يحدث منهما؛ حيث فهم من قوله: رسم> حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج متن_ح> رسم> ففي رواية رسم> فإنه كان فيهم الأعاجيب رسم> فيثق بما فيهما ويحدث؛ ولكن معلوم أيضا أن الذي فيهما ليس كله صحيحا.
وأن كل ما ينقله كعب الأحبار اسم> ووهب بن منبه اسم> ونوف البكالي اسم> ونحوهم من الذين أسلموا من اليهود؛ وكان عندهم علم من كتب بني إسرائيل من كتب أهل الكتاب أنها غير صحيحة.
وذلك لأن كتبهم استحفظوا عليها فلم يحفظوها، بخلاف كتاب الله تعالى فقد تولى الله تعالى حفظه، قال تعالى: رسم> إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ قرآن> رسم> وأما الأمم الأخرى فإن الله قال عنهم: رسم> بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ قرآن> رسم> رسم> اسْتُحْفِظُوا قرآن> رسم> يعني: قيل لهم: احفظوه، ما تولى الله تعالى حفظه، ولكن وكل حفظه إليهم، فكان فيهم من غير وزاد ونقص، وابتكر قصصا وكتبها وأضاف إليها كتبا، وأضاف إليها قصصا.
ذكر العلماء أن من أشهر كتب اليهود التلمود والمنشا، ولا تزال موجودة عندهم، وأن هذا التلمود كان في أول الأمر صغيرا، ثم كلما تولى أحد زاد فيه وأضاف إليه حتى يقول ابن القيم اسم> في هداية الحيارى: إنه وصل إلى حمل بعير كتب بعدما كان صغيرا.
والكتاب الثاني اسمه المنشا؛ يقول أيضا: إنهم كانوا يزيدون فيه، وصل في عهد ابن القيم اسم> إلى ثمانمائة ورقة؛ يعني: ألفا وستمائة صفحة. وأما الكتب التي ينقل منها كعب الأحبار اسم> ؛ فإنها كتب لا شك دخل فيها كثير من التحريف؛ فصاروا يصدقون بها، ويثقون بها.
ذكر ابن كثير اسم> أثرا عن كعب اسم> عند قول الله تعالى: رسم> وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ قرآن> رسم> قال كعب اسم> إن هذا ليس في كتب الله المنزلة من السماء؛ لأن الله صانها عن ذلك، وإنما هذا فيما كتبوه من قبل أنفسهم. وفصل في ذلك ابن كثير اسم> فإنه علق عليه فإنه أنكر ذلك، وقال: إنه قول باطل.
وكذلك عند قول الله تعالى في سورة البقرة: رسم> فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ قرآن> رسم> يقول: ولكن هذه الأحاديث الإسرائيلية تذكر للاستشهاد لا للاعتقاد، اشتهرت تسميتها بالإسرائيليات، وأنها لا تعتمد ولا تصدق. ورد في الحديث أنه قال: رسم> إذا حدثكم بنو إسرائيل فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم متن_ح> رسم> .
يعني: إما أن يكون الذي قالوه حقا؛ فتكونون قد كذبتم الحق، وإما أن يكون غير حق يعني: باطلا؛ فتكونون مصدقين للباطل ولكن، رسم> قولوا آمنا بما أنزل إلينا وأنزل إليكم متن_ح> رسم> يعني: امتثالا لقول الله تعالى: رسم> وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ قرآن> رسم> .
مسألة>