القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير logo تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
shape
شرح مقدمة التفسير لابن تيمية
124743 مشاهدة print word pdf
line-top
الوجه الثالث: تفسير يعلمه العلماء

يقول: وتفسير يعلمه العلماء. العلماء الذين تعلموا العلم يعرفون نوعا من التفسير؛ وذلك لأنهم بحثوا عن أسباب النزول فعرفوا من أسباب النزول كيف تحمل عليه تلك الآية التي يفسرونها، لما عرفوا سبب نزولها، وكذلك أيضا لما عرفوا لغة العرب عرفوا أيضا ما دلت عليه، وقد يعرفون ذلك أيضا بالسياق.
إذا قرأت مثلا قوله تعالى: وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا فإن السياق يدل على أنها الرياح؛ لقوله تعالى في موضع آخر: تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ فالذاريات هي الرياح. وقوله: فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا السياق يدل على أنها السفن لأنها تحمل من فيها، ويوقرونها وقرا، وأشباه ذلك.
وكذلك إذا قرأت قوله تعالى: وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا السياق يدل على أنها الأفراس، الخيل التي يكون لها ضبيح إذا سعت إذا عدت، وما أشبه ذلك، فهذا يعرفه العلماء.

line-bottom