الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه logo    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.
shape
مجموعة محاضرات ودروس عن الحج
150162 مشاهدة print word pdf
line-top
من آداب الحج خدمة الرفقاء

من آداب الحج أيضا: خدمة الرفقاء. إذا كنت مثلا مع رفقة من هؤلاء الأخيار فاحرص على أن تخدمهم، وأن تقوم بحاجاتهم كما كان ذلك دأب الصالحين قبلنا. كان كثير من الصالحين والعباد إذا حجوا يشترط على رفقته أن يخدمهم بكل ما يستطيعه؛ فيصلح طعامهم ويصلح شرابهم، ويرتوي لهم. يأتي لهم بالماء ولو من مكان بعيد ولو من أدنى جوف البئار.
وكذلك أيضا يخدمهم في كل شيء حتى في أنفسهم؛ فحتى أنه إذا أراد أحد أن يغسل ثوبه قال: هذا من شرطي؛ فيأخذه، ويغسل ثيابهم ويغسل رءوسهم، أو يجدلها إذا احتاجوا إلى تسريح شعر أو ما شبه ذلك. فضلا عن كونه يخدمهم في إصلاح فرشهم وإصلاح مجالسهم ومراكبهم وما أشبه ذلك؛ وذلك لخفة نفوس أولئك العباد ومحبتهم أن يكون عملهم متعديا فيقولون: هذا سفر طيب هذا سفر محبوب، والمسافرون فيه من أولياء الله ومن عباده الصالحين؛ فنساعدهم على هذا العمل الصالح حتى نكون شركاء لهم. يعني: أراد بذلك أن يكون له من الأجر مثل ما لهم، أو قريب منه.
فهذه من سمات الصالحين ومن آدابهم في هذه المناسك ونحوها.
في ذلك الوقت كانت الخدمة شديدة؛ فهو الذي يذهب برواحلهم لرعيها ويعلفها، وهو الذي يرفع أمتعتهم على الرواحل، وهو الذي يحطها عن الرواحل، وهو الذي يسقي الإبل، وهو الذي يجتلب الماء من أجواف الآبار، يبقى على ذلك شهرين: شهرا ذهابا وشهرا إيابا، ولا يطلب أجرة، ولا يقول: أعطوني أجرتي على خدمتي؛ بل يتقرب بذلك إلى الله تعالى بخدمة ضيوفه؛ بخدمة ضيوف الرحمن.
هذا مما ينبغي أن يتنافس فيه المسلمون، وسواء كانوا أصحابه أو غيرهم، فإذا كنت في المشاعر، أو كنت في مكة في أحد الأماكن، ورأيت من يحتاج إلى خدمة وخدمته فلك أجر.
فإن رأيت تائها فإنك ترشده وتدله، وإن رأيت غاويا فأرشدته ودللته على الخير فلك أجر على ذلك، وإن رأيت جاهلا فعلمته فلك أجر على ذلك. لا شك أنك إذا نظرت في الناس وجدت الكثير من الجهلة؛ فعليك أن ترشدهم.
فإذا كنت مثلا عند ميقات من المواقيت ، ورأيت من يجهل شيئا من محظورات الإحرام ومن صفاته فعلمتهم وبينت لهم؛ فذلك من حسن الأخلاق ومن محاسن الأعمال، وكذلك إذا رأيت مثلا محرما قد أخطأ في إحرامه نصحته وبينت له ما يجب عليه؛ وذلك لأن هذا النسك لا بد أن يتأدب فيه الحاج بآدابه التي أمر الله تعالى بها، والتي بين آثارها، ومن ذلك قول الله تعالى: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ .

line-bottom