إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. logo إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.
shape
اللؤلؤ المكين من فتاوى الشيخ ابن جبرين
386431 مشاهدة print word pdf
line-top
تقديم

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي هدانا للإسلام واختار هذا الدين لصالح الأنام ، وتفضل على أهله بأن أكمله لهم وأسبغ عليهم الإنعام ، وأورثهم الكتاب المستبين وتكفل بحفظه عن عبث أهل الإجرام ، أحمده وأشكره على أن من علينا بالعقول والأفهام ، ويسر لنا تدبر القرآن والسنة واستنباط الأحكام ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الذي تفرد بالبقاء والدوام ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أفضل من صلى وصام وبلغ ما أرسل به إلى جميع الأنام ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه البررة الكرام وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد فقد قال الله تعالى : لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ والتفقه هو التعلم والتفهم والتدبر للنصوص حتى يتجلى معناها ويفهم مدلولها ، وقد وفق الله تعالى من أراد به خيرا من أهل العلم والفهم للاشتغال بنصوص الوحيين والتفقه فيها وبيان ما يمكن أن يستنبط منها وما يدخل فيها من المسائل والوقائع و : ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ
وقد يسر الله تعالى حفظ كتابه وسهل تناوله فقال تعالى : وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ . ولكن هذا التيسير إنما يناله ويعرفه من أقبل على القرآن وتعقله وتدبره كما هو الحاصل لسلف الأمة وحملة العلم الشرعي في كل زمان ومكان ، وهم الذين نفع الله بعلومهم من بعدهم فكتبوا ودونوا وألفوا جميع العلوم التي تتعلق بالشرع في الحلال والحرام والآداب والأخلاق وحقوق الرب تعالى وحقوق عباده وكل ما يمكن أن تمس إليه الحاجة في هذه الحياة .
ثم إن تلك العلوم والفوائد بقيت محفوظة بعدهم ووصلت إلينا كما هي لم يفتنا منها إلا ما قل فأصبحت في متناول الأيدي مرتبة مبوبة مفصلة؛ ليسهل الرجوع إليها والاستفادة منها، فقامت الحجة على العباد ولله الحجة البالغة ، ولم يبق لأحد عذر في الاستمرار على الجهل والإعراض عن الشرع .
ومع ذلك فإن هناك الكثير والكثير من العوام والخواص ممن بقوا على الجهل والغفلة والإعراض عن التفقه وطلب العلم النافع ؛ وذلك إما لانشغالهم بالدنيا الدنية والاهتمام بالكسب وجمع المال حتى صارت هذه الدنيا أكبر همهم ومبلغ علمهم فلم يكن لهم اهتمام بأمور الدين وبتحصيل العلم النافع الذي يحتاج إليه المسلم في كل الأحوال أو جلها .
وإما للغفلة والسهو والإقبال على الملاهي واللعب بالباطل وما يشغل الوقت ويذهب به الزمان دون أن يشعروا بحاجتهم إلى العلم والدين، فذهبت أعمارهم في لهو وسهو وقيل وقال وفاتهم التعلم والتفرغ لنيله من مظنته .
وإما للاهتمام بالعلوم الجديدة التي حدث إكباب الجماهير على تعلمها والشغف بمعرفتها وإن كان الهدف منها نيل منصب أو وظيفة، ولكنها زاحمت العلوم الشرعية وفات على أهلها معرفة ما خلقوا له وأمروا به .
وإما لقلة المعرفة الكافية بطرق الاستفادة من العلوم القديمة واستخراج المسائل منها مع توفرها وسهولة الحصول عليها .
وكل هذه الأسباب وغيرها حالت بين الكثيرين وبين معرفة الأحكام والأدلة، ومن ثم كثرت الأسئلة الواردة على من يعرف منه بعض من العلم ولو مبدئيا، وتواردت عليه الإشكالات التي تخفى على السائلين لقلة معرفتهم ولعجزهم عن الاستدلال والبحث في الكتب، فيلجئون إلى إيراد ما يخفى عليهم على من ظنوه قادرا فيحصل الجواب على حسب القدرة العلمية .
فمن ذلك وجدت هذه الأسئلة والأجوبة التي وردت علينا أثناء العمل الوظيفي فاحتجنا إلى كتابة أجوبتها من الذاكرة دون التفرغ لأخذها من المراجع والمؤلفات التي تعتني بالأدلة وتوضح الحكم وما يتفرع منه ، ومع ذلك فإنها لا تخلو من فائدة ، وقد رغب بعض الإخوة نشرها ، وذكروا فيها فائدة للعامة ، فوافقت على ذلك وإن كانت من سقط المتاع ولكن تنزلا على رغبتهم .
وقد اشتغل بها الأخ عبد الله العجلان وخرج الأحاديث والآثار التي ذكرت فيها ورتبها على الأبواب وجعل لها عناوين ومبادئ فجزاه الله خيرا .
ونسأل الله أن ينفع بها المسلمين ويجعل عملنا له خالصا ، صوابا على السنة ، وأن يغفر لنا ما وقع من خلل أو زلل ، وأن يكلل جهودنا ويعيننا على طاعته ، وأن يصلح أحوال المسلمين وولاة أمورهم . والله أعلم . وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم .

كتبه:
عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله الجبرين 27 / 7 / 1417 هـ

line-bottom