يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. logo    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير
shape
اللؤلؤ المكين من فتاوى الشيخ ابن جبرين
400098 مشاهدة print word pdf
line-top
الشيخ عبد الرزاق عفيفي عطية

السؤال: س74
حبذا لو تكرمتم بالحديث عن شيخكم عبد الرزاق عفيفي - رحمه الله - أخلاقه، علمه، طلبه للعلم...
الجواب:-
الشيخ عبد الرزاق عفيفي عطية مصري الجنسية أصلا ، ومن علماء الأزهر قديما ، أدرك الشيخ محمد عبده والشيخ محمد رشيد رضا ونحوهما، وكانت دراسته في العلوم الشرعية كالحديث، واللغة والتفسير، والأحكام، حتى تفوق على زملائه وبعض مشايخه، وكان من زملائه الشيخ عبد الله بن يابس الذي أصله من بلاد القويعية وقد كان بينهما من المحبة والصحبة وقوة الأخوة ما لا يوجد مثله إلا نادرا ، وكان زواجهما متقاربا في مصر من زوجتين صالحتين كالأختين، وقد استضاف الشيخ عبد الله عند مجيئه من مصر لأول مرة، واستزاره الشيخ عبد الله إلى بلاده، ونال هناك حفاوة وإكراما من قبيلة الشيخ عبد الله ولم يزالوا يودون الشيخ عبد الرزاق ويتصلون به حتى توفي رحمه الله. وأما زملاؤه المصريون فكثير.
قدم إلى المملكة قبل عام 1370هـ ودرس في الطائف في دار التوحيد، وقدم بعد ذلك إلى الرياض واستقر بها، وحصل على الجنسية السعودية حين بدءوا في تسجيل المواطنين، وأصبح هو وأولاده من جملة المواطنين، ولا أذكر أنه رجع إلى مصر بعد مجيئه منها.
أما علمه فهو بحر لا ساحل له في أغلب العلوم التي يتناولها بالبحث والشرح، فلقد عرفته لأول مرة عام 1374هـ وكان يزور بعض المشايخ كالشيخ عبد العزيز بن محمد الشثري ونقرأ عليه في المجلس حديثا من أول صحيح البخاري فيشرحه شرحا موسعا ، بحيث يستغرق شرح الحديث الواحد أكثر الجلسة، وعرفته في أحد الأعوام يفسر سورة سبأ في مسجد الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله، فكان يبقى في تفسير الآيتين نحو ساعة أو أكثر، ويستنبط من الآيات فوائد وأحكاما ، وأقوالا وترجيحات يظهر منها عظمة القرآن، وما فيه من الاحتمالات والفوائد، مما يدل على توسع الشيخ وسعة اطلاعه، وكثرة معلوماته.
أما أخلاقه فقد عرف منه لين الجانب، وطلاقة الوجه، وحسن الملاطفة، فهو أمام الزوار والتلاميذ والزملاء دائما يظهر الفرح والسرور والانبساط في الكلام، والإجابة على الأسئلة بدون غضب أو ملل أو تبرم أو رد شديد للسائل، فجليسه يلقى منه كل المؤانسة والتبسم، بحيث لا يمل جليسه ، ولا يزال يتلقى عنه أنواعا من الفوائد، ولطائف المعارف، وغرائب المسائل، كما أنه يكرم من زاره، ويقدم ما حضر بدون تكلف، ويجود بما يقدر عليه دون أن يمن بما أعطاه، أو يرد من سأله، وهكذا دأبه مع العلماء وطلبة العلم والأصحاب والزملاء الأقدمين، فهو جواد كريم بما اعتاده، ومجيب لمن دعاه بدون تكلف أو تشدد.
أما تدريسه فقد أفنى حياته في وظيفة التدريس في مصر ثم في المملكة في دار التوحيد بالطائف ثم في معهد الرياض العلمي، ثم في كلية الشريعة وكلية اللغة بالرياض ثم في معهد القضاء العالي مديرا ومدرسا ، حتى أحيل للتقاعد، ثم عمل متعاقدا في رئاسة إدارات البحوث العلمية والإفتاء بقية حياته، حتى وافاه الأجل وهو على رأس العمل في هذه الرئاسة، وقد تتلمذ عليه أكابر العلماء في هذه المملكة واعترفوا بفضل علمه، وافتخروا بالانتماء إلى تعلميه في أغلب المراحل، كما انتفع الكثير بالفوائد التي تلقوها عنه في دروسه في المسجد وغيره.
أما التأليف فلم يكن يرغب فيه، ولا يحب الكتابة في أي فن من الفنون، بل يرى أن هذه الكتب والمؤلفات الحديثة لا فائدة فيها، ويكتفي بما كتبه وجمعه العلماء السابقون، حيث إنهم تطرقوا إلى كل فن، وأوضحوا ما يحتاج إلى توضيح، فمن جاء بعدهم لا يستطيع أن يضيف إلى علومهم زيادة، ولقد ضرب مثلا بإحضار مجموعة من التفاسير، وقارن بينها، فأظهر أن الآخر عيال على الأول، وأن المتأخرين إنما توسعوا في الكلام بما لا فائدة فيه، وكان ينهى عن الانشغال بكتب المعاصرين التي كتبوها في الأصول، أو التفيسر، أو الأدب والفقه ونحو ذلك، حيث إنهم لا يزيدون على من سبقهم، ومع ذلك فقد أشرف على رسالتي في أخبار الآحاد التي قدمتها لنيل درجة الماجستير، وعلى رسالة الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي وغيرهما، وكان يولي التلميذ توجيهات ودلالة على المواضيع، وأماكن البحث، ونحو ذلك مما يدل على قدرته على الكتابة لو أراد ذلك، فهو من حملة العلوم المتعددة، وأي فن يتطرق إليه يوسعه بحثا ، فرحمه الله وأكرم مثواه.

line-bottom