إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. logo الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك
shape
اللؤلؤ المكين من فتاوى الشيخ ابن جبرين
400292 مشاهدة print word pdf
line-top
تقديم

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي هدانا للإسلام واختار هذا الدين لصالح الأنام ، وتفضل على أهله بأن أكمله لهم وأسبغ عليهم الإنعام ، وأورثهم الكتاب المستبين وتكفل بحفظه عن عبث أهل الإجرام ، أحمده وأشكره على أن من علينا بالعقول والأفهام ، ويسر لنا تدبر القرآن والسنة واستنباط الأحكام ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الذي تفرد بالبقاء والدوام ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أفضل من صلى وصام وبلغ ما أرسل به إلى جميع الأنام ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه البررة الكرام وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد فقد قال الله تعالى : لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ والتفقه هو التعلم والتفهم والتدبر للنصوص حتى يتجلى معناها ويفهم مدلولها ، وقد وفق الله تعالى من أراد به خيرا من أهل العلم والفهم للاشتغال بنصوص الوحيين والتفقه فيها وبيان ما يمكن أن يستنبط منها وما يدخل فيها من المسائل والوقائع و : ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ
وقد يسر الله تعالى حفظ كتابه وسهل تناوله فقال تعالى : وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ . ولكن هذا التيسير إنما يناله ويعرفه من أقبل على القرآن وتعقله وتدبره كما هو الحاصل لسلف الأمة وحملة العلم الشرعي في كل زمان ومكان ، وهم الذين نفع الله بعلومهم من بعدهم فكتبوا ودونوا وألفوا جميع العلوم التي تتعلق بالشرع في الحلال والحرام والآداب والأخلاق وحقوق الرب تعالى وحقوق عباده وكل ما يمكن أن تمس إليه الحاجة في هذه الحياة .
ثم إن تلك العلوم والفوائد بقيت محفوظة بعدهم ووصلت إلينا كما هي لم يفتنا منها إلا ما قل فأصبحت في متناول الأيدي مرتبة مبوبة مفصلة؛ ليسهل الرجوع إليها والاستفادة منها، فقامت الحجة على العباد ولله الحجة البالغة ، ولم يبق لأحد عذر في الاستمرار على الجهل والإعراض عن الشرع .
ومع ذلك فإن هناك الكثير والكثير من العوام والخواص ممن بقوا على الجهل والغفلة والإعراض عن التفقه وطلب العلم النافع ؛ وذلك إما لانشغالهم بالدنيا الدنية والاهتمام بالكسب وجمع المال حتى صارت هذه الدنيا أكبر همهم ومبلغ علمهم فلم يكن لهم اهتمام بأمور الدين وبتحصيل العلم النافع الذي يحتاج إليه المسلم في كل الأحوال أو جلها .
وإما للغفلة والسهو والإقبال على الملاهي واللعب بالباطل وما يشغل الوقت ويذهب به الزمان دون أن يشعروا بحاجتهم إلى العلم والدين، فذهبت أعمارهم في لهو وسهو وقيل وقال وفاتهم التعلم والتفرغ لنيله من مظنته .
وإما للاهتمام بالعلوم الجديدة التي حدث إكباب الجماهير على تعلمها والشغف بمعرفتها وإن كان الهدف منها نيل منصب أو وظيفة، ولكنها زاحمت العلوم الشرعية وفات على أهلها معرفة ما خلقوا له وأمروا به .
وإما لقلة المعرفة الكافية بطرق الاستفادة من العلوم القديمة واستخراج المسائل منها مع توفرها وسهولة الحصول عليها .
وكل هذه الأسباب وغيرها حالت بين الكثيرين وبين معرفة الأحكام والأدلة، ومن ثم كثرت الأسئلة الواردة على من يعرف منه بعض من العلم ولو مبدئيا، وتواردت عليه الإشكالات التي تخفى على السائلين لقلة معرفتهم ولعجزهم عن الاستدلال والبحث في الكتب، فيلجئون إلى إيراد ما يخفى عليهم على من ظنوه قادرا فيحصل الجواب على حسب القدرة العلمية .
فمن ذلك وجدت هذه الأسئلة والأجوبة التي وردت علينا أثناء العمل الوظيفي فاحتجنا إلى كتابة أجوبتها من الذاكرة دون التفرغ لأخذها من المراجع والمؤلفات التي تعتني بالأدلة وتوضح الحكم وما يتفرع منه ، ومع ذلك فإنها لا تخلو من فائدة ، وقد رغب بعض الإخوة نشرها ، وذكروا فيها فائدة للعامة ، فوافقت على ذلك وإن كانت من سقط المتاع ولكن تنزلا على رغبتهم .
وقد اشتغل بها الأخ عبد الله العجلان وخرج الأحاديث والآثار التي ذكرت فيها ورتبها على الأبواب وجعل لها عناوين ومبادئ فجزاه الله خيرا .
ونسأل الله أن ينفع بها المسلمين ويجعل عملنا له خالصا ، صوابا على السنة ، وأن يغفر لنا ما وقع من خلل أو زلل ، وأن يكلل جهودنا ويعيننا على طاعته ، وأن يصلح أحوال المسلمين وولاة أمورهم . والله أعلم . وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم .

كتبه:
عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله الجبرين 27 / 7 / 1417 هـ

line-bottom