شرح كتاب العظمة المجموعة الأولى
تذكير الله للإنسان ببدايته ونهايته
...............................................................................
وكذلك أيضا يذكرهم بمبدأ خلقهم، ثم يذكرهم بعد ذلك بنهايته، فيذكرهم بمبدئه في مثل قول الله تعالى: رسم> يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ قرآن> رسم> يعني: خلقنا أباكم من تراب، ثم بنوه وكذلك كل بشر من نطفة رسم> خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا قرآن> رسم> رسم> خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ قرآن> رسم> المخلقة التي قدر الله تعالى تمام خلقتها وإخراجها إلى الدنيا. وغير المخلقة التي قضى الله أنها لا يتم خلقها، فتقذفها الرحم ولا يكون لها وجود.
ثم قال: رسم> وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى قرآن> رسم> يقر الله تعالى هذه النطفة في الرحم إلى أن يتنامى ويكمل خلقها بإذن الله تعالى رسم> ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا قرآن> رسم> يخرج الله تعالى هذا البشر طفلا صغيرا. يخرجه من بطن أمه لا يعلم شيئا، ثم بعد ذلك يتنامى وينمو شيئا فشيئا إلى أن يتم خلقه. إلى أن يتم بعد ذلك تقدير عمره الذي قدر له في هذه الحياة يقول تعالى: رسم> وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى قرآن> رسم> يعني صغيرا أو كهلا أو كبيرا رسم> وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ قرآن> رسم> أي: من يكبر حتى يبلغ سنا كبيرا بحيث يفقد عقله، ويفقد إدراكه، ويفقد قوته وهو معنى أيضا قول الله تعالى: رسم> اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضُعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضُعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضُعْفًا وَشَيْبَةً قرآن> رسم> هكذا يقرؤها بعض القراء السبعة .
لا شك أن هذا أنه دليل واضح على قدرة من أوجد هذا الخلق على هذه الصفة أنه. أوجدهم وأنه قدر لهم آجالا ينتهون إليها، ثم بعد ذلك يخلفهم غيرهم. يخلق الله بدلهم من يقوم مقامهم إذا انقضت أعمارهم. قدر لهم الوجود في هذه الحياة الدنيا، إذا تفكر الإنسان في مثل هذا كله عرف أنه مخلوق لعبادة ربه الذي أوجده، وأن ربه الذي يملكه هو الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى. لا بد أن يحاسبه على ما أعطاه وعلى ما خوله، ولا بد أن يثيبه على الطاعات أو يعاقبه على المعاصي التي اقترفها في هذه الحياة.
لا شك أنا إذا تأملنا في جميع هذا الكون عرفنا أنه لا بد له من موجد قدير عظيم له كل شيء، خالق كل شيء غني عن كل شيء، وكل شيء فقير إليه خلق من المخلوقات ما لا يدركه البصر، وخلق منها ما لا يتصور كبره وعظمته، وفاوت بينها في كبر وصغر وتوسط وما أشبه ذلك، فلا شك أن العبد العارف الموقن يأخذ عبرة ويقينا من أن ربه سبحانه على كل شيء قدير، فيؤمن بالله تعالى ويصدق بوعده ووعيده ويثق بأنه سبحانه يثيب من أطاعه ويعاقب من عصاه هذا هو الذي يكون عليه المؤمن.
مسألة>