القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
شرح كتاب العظمة المجموعة الأولى
128321 مشاهدة
أقسام الآثار المروية عن بني إسرائيل

...............................................................................


وأما الآثار المنقولة عن بني إسرائيل فإنها تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
قسم يعلم أنه كذب، تكذبه النصوص فهذا يرد ولا يحكى ولا يقبل، وإذا حكي حكي على وجه رده.
والقسم الثاني يشهد الكتاب والسنة بصحته وبموافقته فيصدق إذا وجد ما يؤيده ولو إجمالاً، فإن كثيرًا من القصص وردت في القرآن، ووردت في السنة مجملة، وجاءت تفاصيلها في تلك الكتب.
والقسم الثالث وهو الأكثر الذي لم يأت ما يدل عليه ولا ما يكذبه، وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قال: إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم وقولوا: آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون امتثالاً لأمر الله تعالى بقوله وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وذلك لأنا إذا كذبنا به قد يكون صحيحًا فنكذب بالحق ونرد الشيء الصحيح، وإذا صدقناه تصديقًا مطلقًا آمنا به فقد يكون كذبًا فنصدق بما هو مكذوب بل نقول: لا نصدقه ولا نكذبه.
وقد ورد الإذن بالأخذ عن أهل الكتاب في قوله صلى الله عليه وسلم: حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج فإنه كان فيهم الأعاجيب هذا الحديث رواه عبد الله بن عمرو بن العاص ثم إنه -رضي الله عنه- في غزوة اليرموك وجد زاملتين فيهما كتب من كتب بني إسرائيل فكان يحدث عنهما؛ لأنه رأى فيهما ما يوافق الحق، والنقول التي تنقل عنهم منها ما يقال له: بالأحكام وفي كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم من الأحكام ما يكفي عن أن يحتاج إلى تلك الكتب أو تلك الحكايات، فإن الله تعالى أكمل لنا الدين ونبينا صلى الله عليه وسلم بلغ ما أنزل إليه من ربه، وشهد له بذلك الصحابة رضي الله عنهم.