إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه logo تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
shape
شرح كتاب العظمة المجموعة الأولى
203976 مشاهدة print word pdf
line-top
تنزيه الله تعالى عن السنة والنوم

...............................................................................


السلام عليكم ورحمة الله.
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
مر بنا في الأحاديث من قول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل النهار وعمل النهار قبل الليل، حجابه النور، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه وفسر بعض السلف سبحات الوجه بالجلال، سبحات وجهه. أي جلاله والأحاديث التي بعده فيؤخذ منها:
أولا: تنزيه الله تعالى عن النقائص، ومنها السنة والنوم، وقد نزه الله تعالى نفسه عن ذلك أي عن كل النقائص فمنها قول الله تعالى: اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لما أثبت الحياة والقيومية، نزه نفسه عن ضدها. فضد الحياة الموت، ويُلحق به أيضا النوم، فإن النوم شبيه بالموت، ولذلك يسمى القيام بعده بعثا، ويسمى النوم وفاة كما في قول الله تعالى: اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا أي: يتوفاها في منامها فسمى النوم موتا.
وكذلك قول الله تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ يتوفاكم يعني النوم غالبا أن النوم يكون بالليل، ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ يعني يوقظكم بالنهار، ولهذا يشرع عند النوم أن يدعو الإنسان بقوله: باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه، فإن أمسكت نفسي فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين؛ أخذا من قوله تعالى: فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى يعني: إذا أمسكت نفسي ولم تردّها علي فارحم نفسي، دعاء بواسع الرحمة، وإن أرسلتها يعني رددتها إلي فاحفظها، دعاء لله تعالى أن يحفظ عبده.
وكذلك يشرع عند اليقظة أن يقول: الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النشور. يمثل النوم كالموت أحيانا يعني: أيقظنا بعد ما أماتنا بالنوم وإليه النشور، وكذلك يشرع أن يقرأ عند الاستيقاظ أو يقول عند الاستيقاظ أن يقول: الحمد لله الذي رد علي روحي، وعافاني في جسدي، وأيقظني وألهمني لذكره أو أمرني بذكره. رد علي روحي أي بعدما فارقته بالنوم. الحمد لله الذي رد علي روحي، وعافاني في جسدي، والحاصل أن الله تعالى نفى عن نفسه النوم لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ والسنة هي النعاس وهو دليل على أن الله تعالى منزه عن النقائص والعيوب .

line-bottom