قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. logo إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
shape
شرح كتاب العظمة المجموعة الأولى
184373 مشاهدة print word pdf
line-top
خلق الملائكة وفزعهم من أوامره وكلامه

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال رحمه الله تعالى: حدثنا عبد الله بن محمد بن زكريا قال: حدثنا سعيد بن يحيى قال: حدثنا مسلم بن خالد الزنجي عن أبي بكر الهذلي رحمه الله تعالى قال: ليس من الخلق أقرب إلى الله عز وجل من إسرافيل قال: بينه وبين الله عز وجل سبعة حجب. حجاب من نور، وحجاب من غمام حتى عد سبعة لا أحفظها. قال: وله جناح بالمشرق وجناح بالمغرب وجناح في الأرض السابعة، وجناح عند رأسه وهو واضع رأسه بين جناحيه، فإذا أمر الله عز وجل بالأمر تدلت الألواح على إسرافيل مما فيها من أمر الله تعالى فينظر فيها إسرافيل ثم ينادى جبريل فيجيبه فلا يسمع صوته أحد من الملائكة إلا صعق؛ فإذا أفاقوا قالوا: مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ وإن ملك الصور الذي وكل به إحدى قدميه لفي الأرض السابعة، وهو جاثم على ركبتيه شاخص بصره إلى إسرافيل ما طرف به منذ خلقه الله عز وجل ينتظر متى يشير إليه فينفخ في الصور.
قال: حدثنا الوليد قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال: حدثنا حجاج قال: حدثنا حماد عن عاصم بن بهدلة عن زر بن حبيش عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: ما بين السماء الدنيا والتي تليها مسيرة خمسمائة عام، وما بين السماء الثالثة والتي تليها وبين الأخرى مسيرة خمسمائة عام، وبين كل سماءين مسيرة خمسمائة عام، وبين السماء السابعة وبين الكرسي خمسمائة عام، والعرش فوق الماء والله عز وجل فوق العرش وهو يعلم ما أنتم عليه.
قال: حدثني الوليد قال: حدثنا محمد بن عمار قال: حدثنا يحيى قال: حدثنا شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد رحمه الله تعالى في قوله عز وجل: وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا قال: بين السماء السابعة وبين العرش سبعون ألف حجاب، حجاب نور وحجاب ظلمة، وحجاب نور وحجاب ظلمة، فما زال موسى عليه السلام يقرب حتى كان بينه وبينه حجاب؛ فلما رأى مكانه، وسمع صريف القلم قال: رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ .
قال: حدثنا الوليد قال: حدثنا أبو حاتم قال: حدثنا سعيد قال .طامي: قال: حدثنا هشيم عن أبي بشير عن مجاهد رحمه الله تعالى قال: بين العرش وبين الملائكة سبعون حجابًا، حجاب من نار وحجاب من ظلمة، وحجاب من نور وحجاب من ظلمة.
قال: جدي رحمه الله تعالى يحدث عن إدريس بن سنان عن أبيه عن جده وهب بن منبه وعن والده رحمه الله تعالى قال: بين ملائكة حملة الكرسي وبين ملائكة العرش سبعون حجابًا من الظلمة، وسبعون حجابًا من البرد، وسبعون حجابًا من الثلج، وسبعون حجابًا من النور، غلظ كل حجاب منها مسيرة خمسمائة عام. ومن الحجاب إلى الحجاب مسيرة خمسمائة عام. ولولا تلك الحجب لاحترقت ملائكة الكرسي من نور ملائكة العرش، فكيف بنور الرب سبحانه وتعالى الذي لا يوصف.
قال: قال جدي: وأخبرني أبو يعقوب المروزي قال: حدثنا روح قال: حدثنا العوام بن حوشب عن مجاهد قال رحمه الله تعالى قال: بين الملائكة وبين العرش سبعون ألف حجاب من نور.
قال: حدثنا محمد بن العباس قال: حدثنا علي بن الحسين الدرهمي قال: حدثنا معتمر عن عبد الجليل عن أبي حاتم عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ قال: يهبط حين يهبط بينه وبين خلقه سبعون ألف حجاب من النور والظلمة والماء، فيصوت الماء في تلك الظلمة صوتًا تنخلع له القلوب.
قال: قال جدي: وحدثني محمد بن مروان عن جبير عن الضحاك رضي الله عنه يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا قال: الروح: حاجب الله عز وجل يقوم بين يدي الله تعالى وهو أعظم الملائكة. لو فتح الروح فاه لوسع جميع الملائكة في فيه، والخلق إليه ينظرون فمن مخافته لا يرفعون طرفه إلا من فوقه.
قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن سلم قال: حدثنا نوح بن حبيب قال: حدثنا مؤمل قال: حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن عبد الله الحارث قال: كنت عند عائشة رضي الله عنها وعندها كعب رحمه الله تعالى، فقالت: حدثنا يا كعب عن إسرافيل فقال: عندكم قلم. قلت: أجل. ولكن حدثنا قال: هو ملك الله تبارك وتعالى ليس دونه شيء، جناح له بالمشرق وجناح له بالمغرب، وجناح على كاهله، والعرش على كاهله. فقالت عائشة -رضي الله عنها- هكذا سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول. قال كعب رحمه الله تعالى: كفى به فإذا أراد الله أمرًا أثبته في اللوح.
قال: حدثنا أحمد بن محمد بن شريح قال: حدثنا محمد بن رافع النيسابوري قال: حدثنا إسماعيل قال: حدثني عبد الصمد بن معقل قال: سمعت وهبًا رحمه الله تعالى يقول: إن أدنى الملائكة من الله تعالى جبريل وميكائيل فإذا ذكر عبدًا بأحسن عمله قال: فلانا بن فلان عمل كذا وكذا من طاعتي، صلواتي عليه. ثم سأل ميكائيل جبريل ما أحدث ربنا؟ فيقول: فلان ابن فلان ذكره بأحسن عمله، فصلى عليه صلوات فصل عليه صلوات الله عليه. فلا يزال يقع من سماء إلى سماء حتى يقع إلى الأرض. وإذا ذكر عبدًا بأسوأ عمله، قال: عبدي فلان ابن فلان عمل كذا وكذا من معصيتي. فلعنتي عليه، ثم سأل ميكائيل جبريل ماذا أحدث ربنا؟ فيقول: ذكر فلان ابن فلان بأسوأ عمله فعليه لعنة الله. ثم سأل ميكائيل من وراءه من أهل السماء، فيقول: ماذا أحدث ربنا؟ فيقول: ذكر فلان ابن فلان بأسوأ عمله فعليه لعنة الله، فلا يزال يقع من سماء إلى سماء حتى يقع إلى الأرض.
قال: حدثنا الوليد قال: حدثنا أبو حاتم قال: حدثنا محمد بن مسطع قال: حدثنا يحيى بن سعيد التنسي عن إسماعيل بن عياش عن الأحوص بن حكيم عن شهر بن حوشب عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على أصحابه، فقال: ما جمعكم؟ فقالوا: اجتمعنا نذكر ربنا ونتفكر في عظمته. فقال: لن تدركوا التفكر في عظمته. ألا أخبركم ببعض عظمة ربكم؟ قلنا: بلى يا رسول الله. قال: إن ملكًا من حملة العرش يقال له: إسرافيل زاوية من زوايا العرش على كاهله قد مرقتا قدماه في الأرض السابعة السفلي ومرقت رأسه من السماء السابعة العليا .
قال: حدثنا الوليد قال: حدثنا أحمد بن القاسم قال: حدثنا إبراهيم بن موسى قال: أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن ابن أبي نجيح قال: أخبرني ابن منبه رحمه الله تعالى فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ قال: هي ما بين أسفل الأرض إلى العرش.
قال: حدثنا شبل الواسطي . قال: حدثنا وهب بن عطية قال: حدثنا خالد عن خالد الحذاء عن الوليد بن مسلم عن أبي بشير عن عبد الله بن رباح عن كعب رحمه الله تعالى أنه قال لعائشة رضي الله عنها: هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في إسرافيل شيئًا؟ قالت: كيف تجدونه في التوراة؟ قال: نجد له أربعة أجنحة: جناح بالمشرق، وجناح بالمغرب ولوح على جبهته، وإذا أراد الله عز وجل أمرًا أثبته في اللوح.
قال: حدثنا الوليد قال: حدثنا أبو حاتم إملاء قال: حدثنا محمد بن عمران بن أبي ليلى قال: حدثني أبي عن ابن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه جبريل يناديه؛ إذ شق أفق السماء فأقبل جبريل يدنو من الأرض ويدخل بعضه في بعض ويتضاءل، فإذا ملك قد مثل بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد إن الله تبارك وتعالى يأمرك أن تختار بين عبد نبي أو ملك نبي. فأشار إلي جبريل بيديه أن تواضع فعرفت أنه لي ناصح، وقلت: عبدًا نبيًا قال: فعرف ذلك الملك من السماء. فقلت يا جبريل قد كنت أردت أن أسألك عن هذا، فرأيت من حالك ما شغلني عن المسألة فمن هذا يا جبريل قال: هذا إسرافيل خلقه الله يوم خلقه بين يديه صافًّا قدميه لا يرفع طرفه. بين يديه، وبين الرب عز وجل سبعون نورًا ما فيها نور كان يدنو منه إلا احترق، فإذا أذن الله عز وجل في شيء في السماء أو في الأرض ارتفع ذلك اللوح حتى يضرب جبهته فينظر فيه فإن كان من عملي أمرني به وإن كان من عمل ميكائيل أمره به، وإن كان من عمل ملك الموت أمره به. قلت: يا جبريل وعلى أي شيء أنت؟ قال على الريح والجنود. فقلت فعلى أي شيء ميكائيل قال: على النبات والقطر. فقلت: فعلى أي شيء ملك الموت؟ قال: على قبض الأنفس وما ظننت أنه هبط إلا بقيام الساعة.
قال: حدثنا الوليد قال: حدثنا أبو حاتم قال: حدثنا أبو صالح قال: حدثني معاوية بن صالح أن عبد القادر حدثه عن خالد بن أبي عمران أنه قال: جبريل أمين الله تعالى إلى رسله وميكائيل يتلقى الكتب و إسرافيل بمنزلة الحاجب.
قال: حدثنا أبو مسلم محمد بن عمران بن بنيد قال حدثنا يعقوب بن إسحاق الدشتكي قال: حدثنا إسحاق يعني: ابن سليمان قال: حدثنا أبو سنان قال: أقرب الخلق من الله تبارك وتعالى اللوح، وهو معلق بالعرش. فإذا أراد الله عز وجل أن يوحي بشيء كتب في اللوح. فيجيء اللوح حتى يقرع جبهة إسرافيل وإسرافيل قد غطى وجهه بجناحه أو جناحيه، لا يرفع بصره إعظامًا لله عز وجل، فينظر فيه فإذا كان إلى أهل السماء دفعه إلى ميكائيل وإن كان إلى أهل الأرض دفعه إلى جبريل فأول ما يحاسب يوم القيامة اللوح يدعى به ترعد فرائصه، فيقال له: هل بلغت؟ فيقول: نعم فيقول ربنا تبارك وتعالى: من يشهد لك؟ فيقول: إسرافيل فإذا إسرافيل ترعد فرائصه فيقال له: هل بلغك اللوح؟ فإذا قال إسرافيل: نعم. فيقول اللوح: الحمد لله الذي نجاني من سوء الحساب.


لا شك أن عظمة هذه المخلوقات تدل على عظمة من خلقها؛ فالله سبحانه وتعالى خلق الأرض، وأخبر بأنها سبع أرضين نحن على أرض واحدة، ولا نعلم أين بقية الأرض؛ بقية السبع؟ هي كما يشاء الله. قد يكون فيها خلق، وقد يكون فيها نبات أو فيها مخلوقات. وكذلك خلق سبع سماوات طباقا، وأوحى في كل سماء أمرها. فلا شك أن كل سماء فيها ملائكة وفيها أمر ونهي ووحي. وقد ورد في الأحاديث أن ما بين كل سماءين مسيرة خمسمائة سنة، ليس مائة ولا خمسين ولا عشر سنين. خمسمائة سنين مسيرة ما بين السماءين. وكذلك غلظ كل سماء بهذا المقدار أيضًا. وكذلك ما فوق السماء السابعة من البحار ومن الأنوار ومن الحجب ومن حملة العرش، كل ذلك من خلق الله، وكلها صغيرة بالنسبة إلى عظمة الخالق سبحانه وتعالى.
فإذا عرفنا عظمة هذه المخلوقات فإنها تدل على عظمة من خلقها؛ فالله تعالى خلق اللوح وذكره في قوله تعالى: فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ وفي قوله تعالى: وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ وهذا اللوح قد كتب فيه ما هو كائن إلى يوم القيامة منذ أن خلق إلى أن تقوم الساعة أعمال بني آدم وكلماتهم، وكذلك حسناتهم وسيئاتهم وما يعملون وما يحدث من الخلق كلهم مع كثرتهم.

line-bottom