القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير logo إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة
shape
شرح كتاب العظمة المجموعة الأولى
173742 مشاهدة print word pdf
line-top
الرد على من تنقص الخالق

...............................................................................


وكذلك إذا تأمل العاقل في المخلوقات كلها التي لا يحصي عددها إلا الله، صغيرا أو كبيرا. خلق هذه الحيوانات وهذه الطيور وهذه الحشرات وهذه الوحوش وهذه الأسماك وهذه الدواب التي في البحر والدواب التي في البر، خلقها خلق عجب، فهي أعظم دلالة وأوضح برهان على أن الذي خلقها هو خالق كل شيء كما أخبر عن نفسه بقوله: اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ فيعترف العباد بعظمة الخالق سبحانه وتعالى، ويكون من آثار ذلك تعظيمه واعتقاد أنه المعبود وحده، وأن ما سواه لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا مهما كانت حالتهم.
كذلك أيضا يردّون على الذين يتنقصون الخالق بنفي صفات الكمال التي وصف بها نفسه وبنفي الأسماء الحسنى والصفات العلى، وبنفي التعظيم الذي وصف به نفسه حتى إذا عظمه العباد، واعتقدوا عظمته عرفوا أنه أهل أنْ يعبد وأن يوحد وأن تخلص له العبادة، وأن لا يصرف منها شيء لغيره. لعل هذا هو معنى قوله تعالى: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ .
ينزه تعالى نفسه تعالى عما يقوله المشركون؛ والمشركون هم الذين يجعلون آلهتهم شريكة لله تعالى في استحقاق العبادة في أنها تستحق كما يستحق الرب سبحانه وتعالى، فيصرفون لها خالص حق الله، فكان هذا ردا عليهم وبيان أنهم ما قدروا الله حق قدره، ولو تصوروا عظمته سبحانه ولو تصوروا أنه يقبض السماوات والأرض، وأنها في كف الرحمن كحبة خردل في يد أحدكم لصغرت عندهم نفوسهم، ولصغرت عندهم الدنيا، ولعظم قدر الله تعالى في قلوبهم، ولصغرت عندهم الآلهة التي يعظمونها، ولاعترفوا بحقارتها وبقلة شأنها، وأنها مخلوقة ضعيفة ضئيلة لا تستحق شيئا من التقدير والتوقير، ولو كانت ما كانه، ولو كان ذلك المعبود سيدا أو صالحا أو شهيدا أو نبيا أو ملكا أو غير ذلك، فهذا هو السر في الأمر باستحضار عظمة الله تعالى، وبالاعتراف بأنه أكبر من كل شيء وأعظم من كل شيء.
نواصل القراءة ...

line-bottom