تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. logo لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
shape
شرح كتاب العظمة المجموعة الأولى
171973 مشاهدة print word pdf
line-top
خلق العرش أم القلم أولا

...............................................................................


ذكروا أن أول ما خلق الله تعالى العرش. وقع خلاف بين العلماء هل أول المخلوقات العرش أو أول المخلوقات القلم؛ وذلك لأنه ورد حديث: أول ما خلق الله القلم فقال: اكتب قال: ما أكتب؟ قال: اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة هذا يفيد أن القلم أول المخلوقات، ولكن الصحيح أن العرش مخلوق قبله؛ ولذلك يقول ابن القيم في النونية:
والناس مختلفـون في القلـم الذي
كتب القضـاء بـه من الرحـمن
هل كـان قبل العرش أم هـو بعـده
قولان عند أبي العـلا الهمـداني
ولحـق أن العــرش قبـل لأنــه
وقت الكتـابة كان ذا أركــان

فرجح أن العرش قبل القلم، ولا شك أيضًا أن اللوح المحفوظ قبل القلم فعلى هذا يكون معنى الحديث: أن الله أمر القلم أول ما خلقه أن يجري، وأن يكتب المخلوقات التي يمكن أن تحدث من أول الدنيا إلى آخرها، ولا بد أن يكون هناك ما تكتب فيه، فكتب القلم في اللوح جرى بما هو كائن إلى يوم القيامة. الكتابة في اللوح، اللوح المحفوظ وهو أم الكتاب قال الله تعالى: يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ أي: اللوح المحفوظ. والمحو والإثبات إنما هو في الصحف في صحف الملائكة الذين وكلهم الله أن يكتبوا أعمال بني آدم.

line-bottom