جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.
شرح كتاب العظمة المجموعة الأولى
147357 مشاهدة
خلق العرش أم القلم أولا

...............................................................................


ذكروا أن أول ما خلق الله تعالى العرش. وقع خلاف بين العلماء هل أول المخلوقات العرش أو أول المخلوقات القلم؛ وذلك لأنه ورد حديث: أول ما خلق الله القلم فقال: اكتب قال: ما أكتب؟ قال: اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة هذا يفيد أن القلم أول المخلوقات، ولكن الصحيح أن العرش مخلوق قبله؛ ولذلك يقول ابن القيم في النونية:
والناس مختلفـون في القلـم الذي
كتب القضـاء بـه من الرحـمن
هل كـان قبل العرش أم هـو بعـده
قولان عند أبي العـلا الهمـداني
ولحـق أن العــرش قبـل لأنــه
وقت الكتـابة كان ذا أركــان

فرجح أن العرش قبل القلم، ولا شك أيضًا أن اللوح المحفوظ قبل القلم فعلى هذا يكون معنى الحديث: أن الله أمر القلم أول ما خلقه أن يجري، وأن يكتب المخلوقات التي يمكن أن تحدث من أول الدنيا إلى آخرها، ولا بد أن يكون هناك ما تكتب فيه، فكتب القلم في اللوح جرى بما هو كائن إلى يوم القيامة. الكتابة في اللوح، اللوح المحفوظ وهو أم الكتاب قال الله تعالى: يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ أي: اللوح المحفوظ. والمحو والإثبات إنما هو في الصحف في صحف الملائكة الذين وكلهم الله أن يكتبوا أعمال بني آدم.