الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك logo تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
shape
شرح كتاب العظمة المجموعة الأولى
173657 مشاهدة print word pdf
line-top
ذكر العرش والكرسي وعلو الرب تبارك وتعالى فوق عرشه وما ورد في وصف العرش والكرسي

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
قال رحمه الله تعالى: ذكر عرش الرب تبارك، وتعالى، وكرسيه وعظم خلقهما، وعلو الرب تبارك وتعالى فوق عرشه.
قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي قال: قرئ على بحر بن نصر قال: وحدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الكريم الرازي قال: حدثنا بحر بن نصر قال: حدثنا أسد بن موسى قال: حدثنا يوسف بن زياد عن أبي إياس ابن بنت وهب بن منبه عن وهب بن منبه رحمه الله تعالى قال: إن الله تبارك وتعالى خلق العرش من نوره والكرسي بالعرش ملتصق، والماء كله في جوف الكرسي، والماء على الريح، ومناكب الملائكة الذين يحملون العرش ناشبة بالعرش وحول العرش أربعة أنهار؛ نهر من نور يتلألأ، ونهر من نار تلظى، ونهر من ثلج أبيض تلتمع منه الأبصار، ونهر من ماء والملائكة قيام في تلك الأنهار يسبِّحون الله تعالى وللعرش ألسنة بعدد ألسنة الخلق كلهم بأضعاف فهو يسبح الله تعالى ويذكره بتلك الألسنة.
وقال وهب بن منبه عن كعب إن حول العرش سبعين ألف صف من الملائكة صفا خلف صف يدورون حول العرش الليل والنهار، يقبل هؤلاء ويدبر هؤلاء، وإذا استقبل بعضهم بعضا هلل هؤلاء وكبر هؤلاء، ومن ورائهم سبعون ألف صف قيام أيديهم إلى أعناقهم قد وضعوا على عواتقهم، وإذا سمعوا تهليل أولئك وتكبيرهم رفعوا أصواتهم وقالوا: سبحانك وبحمدك أنت الذي لا إله إلا أنت الأكبر ذخر الخلائق كلهم، ومن وراء هؤلاء مائة ألف صف من الملائكة قد وضعوا اليد اليمنى على اليد اليسرى على نحورهم، من رءوسهم إلى أقدامهم شعر ووبر وزغب ريش ليس فيها شعرة ولا وفرة ولا زغبة ولا ريشة ولا مفصل ولا قصبة ولا عظم ولا عظمة ولا جلد ولا لحم إلا، وهو يسبح الله ويحمده بلون من التسبيح، والتحميد لا يسبحه الآخر وما بين حاجبي الملك مسيرة ثلاثمائة عام، وما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة أربعمائة عام، وما بين كتفي أحدهما مسيرة خمسمائة عام، وما بين ركبتي أحدهما مثل ذلك، ومن قدمه إلى كعبيه مسيرة قدر خمسمائة عام، وما بين ركبتيه إلى كعبيه مسيرة مائتي عام، وما بين فخذه إلى أضلاع جنبيه مسيرة ثلاثمائة عام، وما بين ضلعين من أضلاعه مسيرة مائتي عام، وما بين كفيه إلى مرفقه مسيرة مائتي عام، وما بين مرفقه إلى منكبه مسيرة مائة عام، وما بين مرفقيه إلى منكبه مسيرة ثلاثمائة عام، وكفاه لو أذن الله تبارك وتعالى أن يأخذ بإحداهما جبال الأرض كلها فعل، وبالأخرى أرض الدنيا كلها فعل.
قال: حدثنا عبد الله بن عبد الملك الطويل و محمد بن أحمد بن عمرو قالا: حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب الخراساني قال: حدثنا عبد الله بن مصعب عن حبيب بن أبي حبيب عن أبي عصمة نوح بن أبي مريم عن مقاتل بن حيان عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
لما أراد الله عز وجل أن يخلق الماء خلق من النور ياقوتة خضراء، غلظها كغلظة سبع سماوات وسبع أرضين وما فيهن وما بينهن، ثم دعاها فلما أن سمعت كلام الله عز وجل ذابت الياقوتة فرقا حتى صارت ماءا فهو مرتعد من مخافة الله عز وجل إلى يوم القيامة، وكذلك إذا نظرت إليه راكدا أو جاريا يرتعد، وكذلك يرتعد في الآبار من مخافة الله الى يوم القيامة. ثم خلق الريح فوضع الماء على الريح ثم خلق العرش فوضع العرش على الماء. فذلك قوله تعالى: وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا فلا يدرى كم لبث عرش الرب عز وجل على الماء، ثم كان خلق العرش قبل الكرسي بألفي عام فخلقه وله ألف لسان يسبح الله بكل لسان ألف لون من التسبيح، والتحميد فكتب في قبالة عرشه: إني أنا الله لا إله إلا أنا وحدي لا شريك لي و محمد عبدي ورسولي فمن آمن برسلي وصدق بوعدي أدخلته الجنة، ثم خلق الكرسي فالكرسي أعظم من سبع سماوات، وسبع أرضين، وإن العرش أعظم من الكرسي كالكرسي من كل شيء، وإن الكرسي من تحت العرش كمربض عنز في جميع سبع سماوات وسبع أرضين من تحت العرش كحلقة صغيرة من حلق الدرع في أرض فيحاء .
قال: حدثنا محمد بن العباس قال: حدثنا أبو بكر بن إسحاق و الحسن بن ناصح قالا: حدثنا يحيى بن أبي بكير حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبد الله بن خليفة عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: أتت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: ادع الله أن أدخل الجنة قال: فعظم الرب تبارك وتعالى فقال: إن كرسيه وسع السماوات والأرض وإن له أطيطا كأطيط الرحل إذا ركب من ثقله ما يفضل منه أربع أصابع .
قال أخبرنا محمد بن الحسن بن علي بن بحر قال: حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور عن قتادة في قوله عز وجل: تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ قال: من عظمة الله عز وجل جلاله.
قال أخبرنا محمود الواسطي قال: حدثنا العباس بن عبد العظيم قال: حدثنا عبيد الله قال: حدثنا إسرائيل قال: وأخبرنا عبد الله بن محمد بن سوار قال: حدثنا مسروق بن المرزبان أخبرنا ابن أبي زائدة جميعا عن السدي عن أبي مالك وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ قال: على الصخرة التي تحت الأرض ومنتهى الخلق على أرجائها أربعة أملاك لكل واحد منهم أربعة وجوه، وجه إنسان، ووجه أسد، ووجه نسر، ووجه ثور وهم قيام عليها قد أحاطوا بالأرضين والسماوات ورءوسهم تحت العرش والكرسي تحت العرش والله عز وجل على الكرسي.
قال: حدثنا محمود بن محمد الواسطي قال: حدثنا العباس بن عبد العظيم قال: حدثنا إسحاق بن منصور قال: حدثنا إبراهيم بن يوسف بن أبي إسحاق عن أبيه عن عمار الدهني عم مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إن الكرسي الذي وسع السماوات والأرض لموضع القدمين، وما يقدر قدر العرش إلا الذي خلقه، وإن السماوات في خلق الرحمن تبارك وتعالى مثل قبة في صحراء.
قال: حدثنا محمد بن العباس قال: حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا معاذ بن هاشم قال: حدثني أبي عن قتادة عن كثير بن أبي كثير عن أبي عياض عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: إن العرش مطوق بحية، والوحي ينزل في السلاسل.
قال: حدثنا محمد بن العباس قال: حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا وهب بن جرير بن حازم قال: حدثنا أبي قال: سمعت محمد بن إسحاق عن يعقوب بن عتبة عن المغيرة و جبير بن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه عن جده جبير بن مطعم رضي الله عنهم قال:
أتى النبي صلى الله عليه وسلم أعرابي فقال: يا رسول الله جهدت الأنفس، وضاع العيال، وهلكت الأموال فاستسق الله لنا فإنا نستشفع بك على الله عز وجل ونستشفع بالله عليك، فسبح رسول الله صلى الله عليه وسلم فما زال يسبح حتى عرف ذلك في أصحابه، ثم قال: ويحك تدري ما الله؟ إن عرشه على سماواته، وأرضه هكذا مثل القبة، وإنه يئط به أطيط الرحل بالراكب .
قال: حدثنا محمد بن العباس قال: حدثنا أبو كريب قال: حدثنا محمد بن خازم قال: حدثنا الأعمش عن أبي نصر عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة عام، وما بين السماء إلى التي تليها مسيرة خمسمائة عام كذلك إلى السماء السابعة والأرضين مثل ذلك، وما بين السماء السابعة إلى العرش مثل جميع ذلك، ولو حفرتم لصاحبكم فيها لوجدتموه يعني علمه .
قال: حدثنا الوليد قال: حدثنا أحمد بن يونس قال: حدثنا محاضر عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن أبي نصر عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كثف الأرض مسيرة خمسمائة عام، وكثف الثانية مثل ذلك وما بين كل أرضين مثل ذلك ثم ذكر معناه.
قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن رسته قال: حدثنا عثمان بن سعيد الأنماطي قال: حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن سعيد الدشتكي قال: حدثنا أبو جعفر الرازي عن قتادة عن الحسن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كنا جلوسا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمرت سحابة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتدرون ما هذه؟ قالوا: الله ورسوله أعلم قال: هذه العنانة هذه روايا الأرض يسوقها الله عز وجل إلى أهل بلد لا يعبدونه ولا يشكرونه هل تدرون ما فوق ذلك؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: فإن فوق ذلك موجا مكفوفا، وسقفا محفوظا هل تدرون ما فوق ذلك؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال فإن فوق ذلك سماء أخرى، ثم قال هل تدرون كم بينهما؟ قالوا: الله ورسوله أعلم قال: فإن بينهما مسيرة خمسمائة عام حتى عد سبع سماوات بين كل سماءين مسيرة خمسمائة عام، ثم قال: هل تدرون ما فوق ذلك؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: فإن فوق ذلك العرش فهل تدرون كم بينهما؟ قالوا: الله ورسوله أعلم قال: فإن بين ذلك كما بين السماءين أو كما قال، ثم قال: هل تدرون ما هذه؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: فإن هذه الأرض فهل تدرون ما تحتها؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: إن بينهما مسيرة خمسمائة عام حتى عد سبع أرضين بين كل أرض مسيرة خمسمائة عام، ثم قال: والذي نفسي بيده لو دليتم أحدكم بحبل إلى الأرض السفلى لهبط على الله تبارك وتعالى، ثم قال: هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ .
قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن قال: حدثنا عبيد بن آدم حدثنا أبي قال: حدثنا شيبان قال: حدثنا قتادة عن الحسن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث أصحابه فذكر نحوه.


وهذه الآثار تدل على عظمة الخالق سبحانه وتعالى وأنه لا يحيط به خلقه كما قال تعالى: وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا أي: لا تحيط به علومهم ولا تعرف كنه ذاته، ولا كيفية صفاته، ولا ما أخفاه عنهم من كيفية خلقه للمخلوقات وإبداعه لها، ونعرف أن بعض هذه الآثار تنقل عن الإسرائيليات فإن وهب بن منبه وكذلك كعب الأحبار يعتمدون فيما ينقلونه على كتب بني إسرائيل، وقد ورد في الحديث إذا حدثكم بنو إسرائيل فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم وقولوا: آمنا بما أنزل إلينا، وما أنزل إليكم، وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون أي: لا تردوا عليهم وتقولوا: هذا كذب محض مخافة أن يكون حقًّا فتكذبون به وهو حق، ولا تصدقوا ما جاءوا به مخافة أن يكون كذبًا لا أصل له فتصدقون بما هو كذب، وقد قسم العلماء الآثار التي تروى عن كعب و وهب ونحوهما إلى ثلاثة أقسام:
قسم يشهد شرعنا بكذبه فهذا نرده ولا نقبله.
وقسم يشهد بصدقه وبموافقته فهذا نقبله، ونصدقه، ونعمل به، ونعتقده؛ وإن كنا أيضًا في غنى عنه بما جاء في كتابنا.
وقسم نتوقف فيه، وهو الذي لا يدل دليل على صدقه أو على كذبه، ومع ذلك فإنا إذا رأينا مثل هذه الآثار الطويلة التي فيها هذه الأخبار الغريبة نتوقف في تصديقها، ونشك في أحقيتها، ومع ذلك فإن الله تعالى قد أخبر بعظمة ذاته وأخبر بعظمة مخلوقاته، وجاءت الأحاديث الصحيحة بما يدل على ذلك .

line-bottom