قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
شرح كتاب العظمة المجموعة الأولى
127647 مشاهدة
تذكير الله للإنسان ببدايته ونهايته

...............................................................................


وكذلك أيضا يذكرهم بمبدأ خلقهم، ثم يذكرهم بعد ذلك بنهايته، فيذكرهم بمبدئه في مثل قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ يعني: خلقنا أباكم من تراب، ثم بنوه وكذلك كل بشر من نطفة خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ المخلقة التي قدر الله تعالى تمام خلقتها وإخراجها إلى الدنيا. وغير المخلقة التي قضى الله أنها لا يتم خلقها، فتقذفها الرحم ولا يكون لها وجود.
ثم قال: وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى يقر الله تعالى هذه النطفة في الرحم إلى أن يتنامى ويكمل خلقها بإذن الله تعالى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا يخرج الله تعالى هذا البشر طفلا صغيرا. يخرجه من بطن أمه لا يعلم شيئا، ثم بعد ذلك يتنامى وينمو شيئا فشيئا إلى أن يتم خلقه. إلى أن يتم بعد ذلك تقدير عمره الذي قدر له في هذه الحياة يقول تعالى: وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى يعني صغيرا أو كهلا أو كبيرا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ أي: من يكبر حتى يبلغ سنا كبيرا بحيث يفقد عقله، ويفقد إدراكه، ويفقد قوته وهو معنى أيضا قول الله تعالى: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضُعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضُعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضُعْفًا وَشَيْبَةً هكذا يقرؤها بعض القراء السبعة .
لا شك أن هذا أنه دليل واضح على قدرة من أوجد هذا الخلق على هذه الصفة أنه. أوجدهم وأنه قدر لهم آجالا ينتهون إليها، ثم بعد ذلك يخلفهم غيرهم. يخلق الله بدلهم من يقوم مقامهم إذا انقضت أعمارهم. قدر لهم الوجود في هذه الحياة الدنيا، إذا تفكر الإنسان في مثل هذا كله عرف أنه مخلوق لعبادة ربه الذي أوجده، وأن ربه الذي يملكه هو الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى. لا بد أن يحاسبه على ما أعطاه وعلى ما خوله، ولا بد أن يثيبه على الطاعات أو يعاقبه على المعاصي التي اقترفها في هذه الحياة.
لا شك أنا إذا تأملنا في جميع هذا الكون عرفنا أنه لا بد له من موجد قدير عظيم له كل شيء، خالق كل شيء غني عن كل شيء، وكل شيء فقير إليه خلق من المخلوقات ما لا يدركه البصر، وخلق منها ما لا يتصور كبره وعظمته، وفاوت بينها في كبر وصغر وتوسط وما أشبه ذلك، فلا شك أن العبد العارف الموقن يأخذ عبرة ويقينا من أن ربه سبحانه على كل شيء قدير، فيؤمن بالله تعالى ويصدق بوعده ووعيده ويثق بأنه سبحانه يثيب من أطاعه ويعاقب من عصاه هذا هو الذي يكون عليه المؤمن.