تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. logo إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
shape
شرح كتاب العظمة المجموعة الأولى
184396 مشاهدة print word pdf
line-top
تذكير الله للإنسان ببدايته ونهايته

...............................................................................


وكذلك أيضا يذكرهم بمبدأ خلقهم، ثم يذكرهم بعد ذلك بنهايته، فيذكرهم بمبدئه في مثل قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ يعني: خلقنا أباكم من تراب، ثم بنوه وكذلك كل بشر من نطفة خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ المخلقة التي قدر الله تعالى تمام خلقتها وإخراجها إلى الدنيا. وغير المخلقة التي قضى الله أنها لا يتم خلقها، فتقذفها الرحم ولا يكون لها وجود.
ثم قال: وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى يقر الله تعالى هذه النطفة في الرحم إلى أن يتنامى ويكمل خلقها بإذن الله تعالى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا يخرج الله تعالى هذا البشر طفلا صغيرا. يخرجه من بطن أمه لا يعلم شيئا، ثم بعد ذلك يتنامى وينمو شيئا فشيئا إلى أن يتم خلقه. إلى أن يتم بعد ذلك تقدير عمره الذي قدر له في هذه الحياة يقول تعالى: وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى يعني صغيرا أو كهلا أو كبيرا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ أي: من يكبر حتى يبلغ سنا كبيرا بحيث يفقد عقله، ويفقد إدراكه، ويفقد قوته وهو معنى أيضا قول الله تعالى: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضُعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضُعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضُعْفًا وَشَيْبَةً هكذا يقرؤها بعض القراء السبعة .
لا شك أن هذا أنه دليل واضح على قدرة من أوجد هذا الخلق على هذه الصفة أنه. أوجدهم وأنه قدر لهم آجالا ينتهون إليها، ثم بعد ذلك يخلفهم غيرهم. يخلق الله بدلهم من يقوم مقامهم إذا انقضت أعمارهم. قدر لهم الوجود في هذه الحياة الدنيا، إذا تفكر الإنسان في مثل هذا كله عرف أنه مخلوق لعبادة ربه الذي أوجده، وأن ربه الذي يملكه هو الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى. لا بد أن يحاسبه على ما أعطاه وعلى ما خوله، ولا بد أن يثيبه على الطاعات أو يعاقبه على المعاصي التي اقترفها في هذه الحياة.
لا شك أنا إذا تأملنا في جميع هذا الكون عرفنا أنه لا بد له من موجد قدير عظيم له كل شيء، خالق كل شيء غني عن كل شيء، وكل شيء فقير إليه خلق من المخلوقات ما لا يدركه البصر، وخلق منها ما لا يتصور كبره وعظمته، وفاوت بينها في كبر وصغر وتوسط وما أشبه ذلك، فلا شك أن العبد العارف الموقن يأخذ عبرة ويقينا من أن ربه سبحانه على كل شيء قدير، فيؤمن بالله تعالى ويصدق بوعده ووعيده ويثق بأنه سبحانه يثيب من أطاعه ويعاقب من عصاه هذا هو الذي يكون عليه المؤمن.

line-bottom