تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. logo لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
shape
شرح كتاب العظمة المجموعة الأولى
173658 مشاهدة print word pdf
line-top
آيات تدل على عظمة الله

قد ذكرنا أننا سوف نواصل القراءة في كتاب العظمة لأبي الشيخ الأصفهاني وذكر أنه تحت الطبع وأنه قريبا سيخرج إن شاء الله. هذا الكتاب يتعلق بالأدلة على عظمة الله وجلاله وكبريائه وصفاته التي إذا تفكر فيها العبد عرف أنه سبحانه هو المستحق للعبادة، ومعلوم أيضا أنها أو أكثرها مأخوذ أو موجود في كلام الله سبحانه وتعالى مثل قوله تعالى: الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ لما فسرها ابن كثير قال: الخالق لهذه الأشياء هو المستحق للعبادة.
وكذلك أيضا الآيات التي تدل على عظمة الله وعلى جلاله مثل ما ختم به الشيخ محمد بن عبد الوهاب كتاب التوحيد ختمه بباب قول الله تعالى: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ثم ذكر تحت هذه الآية أحاديث تدل على عظمة الله وتدل على صغر المخلوقات أمام عظمته، ويعرف منها المسلم أن الذي هذه عظمته أهل أن يعبد ويعظم، وأنه على كل شيء قدير، وأنه لا يليق به أن يترك خلقه هملا لا ثواب ولا عقاب لا أمر ولا نهي، وأن الذين يظنون هذا الظن لم يكن عندهم فكر ولا عقل؛ ولأجل ذلك يكثر توبيخهم على هذا الظن مثل قوله تعالى: أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى ومثل قوله تعالى: أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ونحو ذلك من الآيات.
أي يتحقق أن هذا الكون لا بد أن يكون له من يدبره، وأن هذا الخلق الذي خلقوا، وأعطوا من هذه الحياة ما يتمتعون به لا بد أنهم مأمورون ومنهيون ومكلفون حتى يستعدوا لما أمروا به، ويفكروا فيما خلقوا له ولا ينخدعوا بكثرة المنخدعين وبكثرة المنحرفين الضالين، فإن أولئك الذين جعلوا عقولهم منصرفة إلى شهواتهم أو إلى دنياهم الدنية، وصار فيها تفكيرهم وصارت فيها أعمالهم لها يعملون، ولها يفكرون ولها يكدحون ويصنعون؛ إنهم لم ينتفعوا بعقولهم التي أعطاهم الله، بل سلبها خير لهم. المسلوب عقله الذي ليس له عقل لا حساب عليه، وأما هؤلاء فإنهم يعذبون حيث إنهم لم ينتفعوا بما أعطاهم الله تعالى من هذا التفكير، ومن هذه الأبصار والأسماع والعقول ونحوها، والأدلة على ذلك كثيرة، ونحب أن نبدأ القراءة في هذا الكتاب ثم نواصل ذلك إن شاء الله.

line-bottom