لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. logo الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة
shape
شرح كتاب العظمة المجموعة الأولى
173792 مشاهدة print word pdf
line-top
وجوب شكر النعمة والصبر على البلاء

...............................................................................


ذُكر في بعض الآثار أن الله لما أخرج ذرية آدم لما أخرجهم عرضهم عليه فرأى فيهم المشلول والأعمى والأعور والأعرج والعائب والمقعد، فقال: يا رب هلا سويت بينهم فقال: إني أريد أن أُشكر. يعني أنه سبحانه فاوت بينهم حتى يشكروه، فالمعافى إذا رأى المبتلى شكر الله على ما أعطاه وعلى ما عافاه. إذا رأيت المبتلى سواء ابتلي في بدنه أو في ماله، أو ابتلي أيضا في دينه، فإنك تقول: الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاه به أو تخاطبه إذا كان الابتلاء في الدين: الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا.
الابتلاء من الله تعالى فيبتلي هذا بفقد بصره أو بفقد إحدى عينيه، أو بفقد أسنانه مثلا أو بفقد سمعه أو بعض سمعه، ومنهم من يبتليه بفقد عقله أو بفقد يديه أو إحداهما أو رجليه مثلا أو يقعده فلا يستطيع القيام ولا يستطع التصرف، وكذلك أيضا يبتليه سبحانه بأن يسلط عليه عاهة من العاهات كمرض يستمر معه طوال حياته أو مدة طويلة، فإذا رآه الأصحاء الذين أنعم الله عليهم عرفوا قدر نعمة الله عليهم فشكروا الله على ذلك، واعترفوا بفضله، ولذلك ورد في حديث: قال: انظروا إلى من أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم فهو أجدر لأن تعرفوا نعم الله عليكم .
ومعنى ذلك أن كلا ينظر إلى من هو دونه. فالفقير يجد من هو أفقر منه، والأعمى يجد من هو أشد منه مصيبة يجد من هو أعمى وأصم، والأصم ينظر إلى أن الله متعه بعينه، والأعور ينظر إلى أن الله متعه بإحدى عينيه، والمشلول إحدى اليدين، يحمد الله أن كان المصيبة كانت في إحدى يديه لا في كليهما، والمصاب برجله مثلا بشلل أو قطع إحدى رجليه يشكر الله أن عافاه في بقية بدنه.
كما روي أن عروة بن الزبير رضي الله عنه سافر مرة، فكان من خيار عباد الله ومن حملة العلم ومن الصالحين العابدين. ابتلي؛ ابتلاه الله مع كونه من الصالحين فأصيب في أحد أولاده، مرض ابنه فمات، ثم وقعت الآكلة في إحدى رجليه، ولما اشتدت الآكلة قرر الأطباء أنه لا بد من قطعها وإلا تتآكل إلى بقية بدنه، فلما قرروا ذلك لم يجد بدا من أن يصبر على قطعها ولم يكن هناك تخدير يخدر به، فقال: إذا دخلت في الصلاة فاقطعوها، فإني لا أحس بشيء وأنا أصلي؛ لأن قلبي يتعلق بربي، فلما دخل في الصلاة أخذوا يقطعونها بمنشار بحديدة ومنشار مع نصف الساق، فلما قطعت رجع إلى أهله، فقال: لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا. جاء إليه أصحابه يعزونه فقال له أحد تلامذته: ما كنا نعدك للصراع أي: ما كنا نريد منك أن تكون مصارعا يعني: المصارعة التي هي المقاومة حتى يصارع القوي من هو أضعف منه، قد أبقى الله أكثرك أبقى الله لنا، عينيك وأذنيك ولسانك وشفتيك ويديك وقلبك وإحدى رجليك وقوتك وفهمك، فنحن ننتفع بما أبقاه الله لنا منك، فشكر الله وقال: ما عزني أحد كما عزيتني.
عرف بذلك أن هذا الابتلاء فيه خير وأنه مأمور بأن يشكر ربه سبحانه وتعالى.
لا شك أن هذا دليل على أن الله تعالى أكمل النعمة على عباده، وأعطاهم من كل من ما سألوه، ولا شك أنه سبحانه لما فاوت بينهم جعل ذلك سببا لشكره، ففاوت بينهم في الأرزاق فهذا غني وهذا فقير، وهذا متوسط وهذا مقتنع وهذا له كمال الدنيا، وهذا مهموم وهذا فرح، كل منهم في حالة من حالاته التي انشغل بها، فإذا أقبل على تلك الحالة وانشغل بها عرف أن ربه سبحانه هو الذي يعطي من يشاء ويمنع من يشاء، وأنه ما سلبه أو ما منعه من هذا الشيء إلا لحكمة، منعه من السعة في المال لحكمة عظيمة أو منعه من نيل هذا المراد الذي يريده من الأموال ونحوها لحكمة عظيمة، فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، فنقول: إن هذا ونحوه دليل على عظمة الخالق سبحانه وتعالى.

line-bottom