لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. logo تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.
shape
شرح كتاب العظمة المجموعة الأولى
173661 مشاهدة print word pdf
line-top
المسلم يعرف ربه تعالى بآياته ومخلوقاته

...............................................................................


السلام عليكم ورحمة الله.
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين نبينا محمد على آله وصحبه أجمعين.
يجب على المسلم أن يعرف ربه تعالى بآياته ومخلوقاته، فإذا قيل لك: بم عرفت ربك؟ فقل: بآياته ومخلوقاته. فإنه تعالى احتجب عن عباده، ولكن أظهر لهم الأدلة ونصب الآيات، ولفت أنظارهم إلى العلامات، وإلى هذه المخلوقات التي ما خلقت نفسها ولا أوجدت عفوًا. إذًا لا بد لها من خالق خلقها. هذا الخالق هو الله تعالى كما قال تعالى: اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ثم كما أنه خلق الخلق فهو ما خلقهم عبثًا ولا خلقهم سدى، بل خلقهم لعبادته. قال الله تعالى: أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ولما حكى هذا القول عن الكافرين أنكر عليهم وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ الذين يعتقدون أنهم خلقوا من غير خالق، أو أن الله خلقهم وأهملهم لم يخلقهم لأمر، وإنما خلقهم كما خلق البهائم التي سخرها لهم. لا شك أن هذا ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ هكذا توعدهم على هذا الظن.
وإذا كان كذلك فإنا نقول لهم: تفكروا في هذه الآيات والمخلوقات؛ لتعلموا أنها ما خلقت عفوًا، ولتعلموا أن الذي خلقها خالق كل شيء. كل المخلوقات صغيرها وكبيرها الذي أوجدها هو خالق كل شيء، وهو الذي خلق الخلق لعبادته وأمرهم بتوحيده وطاعته وأمر بأن يتفكروا أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ألا يتفكرون في المخلوقات صغيرها وكبيرها؟ فهم يشاهدون هذه المخلوقات، فيشاهدون الأرض على سعتها وانبساطها فيعتبرون إذا كانوا من ذوي العقول. كيف أنهم يكونون في وقت في أرض رملية فيها كثب كأنها جبال، ثم بعد قليل ينتقلون إلى أرض حجرية فيها جبال شاهقات مرتفعة طولا وعرضًا، ثم بعد قليل ينتقلون إلى أرض واسعة فسيحة الأرجاء. وهكذا أيضًا يجدون في هذه أشجار كذا وكذا، وفي هذه أشجار كذا وكذا التي لا توجد في البقعة الفلانية. وهكذا أيضًا ينظرون فيما خلق عليها وما بث فيها من دواب. هذه فيها دواب ووحوش، وهذه فيها نوع آخر من الدواب والوحوش. وكيف أن الرب سبحانه يسر رزق هذه الوحوش بحيث أنها لا تموت جوعًا صغيرها وكبيرها.
فالوحوش التي هي متوحشة كالذئاب والأسود والنمور ونحوها يأتيها رزقها، يسر الله تعالى لها رزقا. وكذلك الصيد ونحوها كالظباء والوعول ونحوها تجد ما تقتات به. ولم يشاهد أنها ماتت جوعًا وهكذا. مثلا الطيور بأنواعها تجد ما تقتات به. إذا كان قوت هذه مثلا من الحبوب وجدت حبوبًا تناسبها، وهذه قوتها مثلا من اللحوم؛ من الجيف وما أشبهها تجد ما يناسبها وما تقتات به.
وهكذا أيضًا بقية الحشرات يأتيها الله تعالى بأرزاقها ولم يوجد أنها ماتت جهدًا. حتى الذرة والنملة والحشرة والبعوضة وما أشبهها، الله تعالى يرسل إليها قوتها قال الله تعالى: وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا .
الإنسان لما أن الله خلقه لعبادته، وأعطاه ما يعرف به ربه كلفه وأمره بأن يطلب الرزق، وأن يبذل الأسباب، وقد يسر له الأسباب وهيأها له، ولكنه قد يبتليه. يبتلي أحيانًا بعض عباده إما بأمراض وعاهاته، أو بمصائب وتسليط أعداء عليهم، أو يبتليهم بفقر وفاقة وجوع وجهد ونحو ذلك. ولكن إذا التمسوا الرزق رزقهم الله؛ لذلك نقول: إن هذا كله تقدير الله ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ .

line-bottom