شرح كتاب العظمة المجموعة الأولى
بيان فضل التفكر والحث عليه
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد اسم> وعلى آله وصحبه أجمعين. قال رحمه الله تعالى: حدثنا محمد بن عباس بن أيوب اسم> قال: حدثنا عبد الوهاب بن عبد الحكيم الوراق اسم> قال: حدثنا علي بن عاصم اسم> قال: حدثنا عطاء بن السائب اسم> عن سعيد بن جبير اسم> عن ابن عباس اسم> رضي الله عنهما قال: فكروا في كل شيء ولا تفكروا في ذات الله فإن ما بين كرسيه إلى السماء السابعة سبعة آلاف نور وهو فوق ذلك تبارك وتعالى.
قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم اسم> قال: حدثنا أحمد بن أبي الحواري اسم> قال: حدثنا جعفر بن محمد اسم> قال: كان عتبة الغلام اسم> يقطع الليل بثلاث صيحات. يصلي العتمة ثم يضع رأسه بين ركبتيه يفكر، فإذا مضى ثلث الليل صاح صيحة، ثم يضع رأسه بين ركبتيه يتفكر فإذا كان السحر صاح صيحة قال أحمد اسم> فحدثت به عبد العزيز اسم> فقال لي حدثت به بعض البصريين فقال: لا تنظر إلى الصيحة ولكن انظر إلى الأمر الذي كان منه فيما بين الصيحة الذي صاح منه.
قال: حدثنا أحمد بن الحسين الحذاء اسم> قال: حدثنا أحمد الدورقي اسم> قال: حدثنا عبد الله بن عيسى الطفاوي اسم> أخبرني أبو عبد الله الشحاذ اسم> قال: قلت له: ما كانت عبادته يعني عتبة الغلام اسم> قال: كان يستقبل القبلة فلا يزال في فكرة وبكاء حتى يصبح.
قال: حدثنا الوليد اسم> قال: أخبرني أبو حاتم اسم> قال: حدثنا أبو صالح اسم> قال حدثني معاوية بن صالح اسم> عن علي بن أبي طلحة اسم> عن ابن عباس اسم> رضي الله عنهما قال: رسم> كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ فِي الدُّنْيَا قرآن> رسم> يعني زوال الدنيا وفناءها وإقبال الآخرة وبقاءها.
قال: حدثنا الوليد اسم> قال: حدثنا أبو سعيد الكسائي اسم> قال: حدثنا منجاب اسم> قال: أخبرنا بشر اسم> عن أبي روق اسم> عن الضحاك اسم> عن ابن عباس اسم> رضي الله عنهما ثم قال: رسم> وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى قرآن> رسم> يقول: من كان في الدنيا أعمى عما يرى من قدرتي من خلق السماء والأرض والجبال والبحار والناس والدواب وأشباه هذا، فهو عما وصفت له في الآخرة ولم يره أعمى وأضل سبيلا.
يقول وأبعد حجة قال: وأبو الطيب أحمد بن روح اسم> قال: حدثني أحمد بن خالد بن مرداس الباهلي اسم> قال: حدثنا سعيد الأشعث الخزاعي اسم> عن محمد بن الجعد اسم> عن عبد الرحمن بن بديل العقيلي اسم> عن أبي سلمة صاحب اللؤلؤ اسم> عن الحسن اسم> قال: كتب عمر بن الخطاب اسم> رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري اسم> رضي الله عنه: وإذا أحببت أن تحقر عملك فتفكر فيما أنعم الله عليك، وقدر ما عمل الصالحون قبلك وقدر عقوبته في الذنوب. إنما فعل بآدم اسم> الذي فعل بأكلة أكلها فقال: رسم> وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى قرآن> رسم> وإنما لعن إبليس وجعله شيطانا رجيما من أجل سجدة أبى أن يسجدها، وجعل منهم قردة وخنازير من أجل حيتان أصابوها يوم السبت، وقد نهوا أن يعدوا فيه فتفكر في نعيم الجنة وملكها وكرامتها فإذا فكرت في هذا كله عرفت نفسك وحقرت عملك وعلمت أن عملك لن يغني عنك شيئا إلا أن يتغمدك الله برحمته وبعفوه.
قال: حدثنا أحمد بن عمر اسم> قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبيد اسم> عن محمد بن الحسين اسم> قال: حدثني وليد بن صالح اسم> قال: حدثني أبو كثير اليماني اسم> قال وهب بن منبه اسم> المؤمن مفكر مذكر مزدجر. تفكر فعلته السكينة، فسكن فتواضع. قنع فلم يهتم رفض الشهوات فصار حرا. ألقى الحسد فصارت له المحبة. زهد في كل فانٍ فاستكمل العقل، فقلبه متعلق بهمه وهمه موكل بمعاده. لا يفرح إذا فرح أهل الدنيا لفرحهم بل حزنه عليهم سرمد، فهو دهره محزون وفرحه إذا نامت العيون يتلو كتاب الله تعالى يردده على قلبه، فمرة يفزع قلبه ومرة تهمل عيناه. يقطع عنه الليل بالتلاوة، ويقطع عنه النهار بالخلوة مفكرا في ذنوبه مستصغرا لأعماله.
قال وهب اسم> هذا ينادى يوم القيامة في ذلك الجمع العظيم على رؤوس الخلائق: قم أيها الكريم فادخل الجنة.
قال: حدثنا أحمد بن عمر اسم> قال: حدثنا عبد الله بن محمد اسم> قال: حدثني محمد بن الحسين اسم> قال: حدثني يوسف بن الحكم اسم> قال: حدثني فياض بن محمد القرشي اسم> قال: حدثني شيخ من قريش من بني أمية قال: كان مغيث بن الأسود اسم> يقول: زوروا القبور كل يوم تذكركم الموت وتوهموا جوامع الخير كل يوم في الجنة بعقولكم، وشاهدوا الموقف كل يوم بقلوبكم، وانظروا إلى المتصرف بالفريقين إلى الجنة أو النار بهممكم، وأشعروا قلوبكم وأبدانكم ذكر النار ومقامعها وأطباقها.
قال: حدثنا أحمد بن عمر اسم> قال: حدثنا إبراهيم بن عبد السلام اسم> قال: حدثنا داود بن رشيد اسم> قال بشر بن الحارث اسم> تفكر في عظمة الله تبارك وتعالى تعلم كيف تقدم عليه قال جدي رحمه الله تعالى: عن سهل قال: حدثنا أبو الأحوص اسم> عن سعيد بن مسروق اسم> عن أبي الضحى اسم> قال: لما نزلت هذه الآية: رسم> وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ قرآن> رسم> نقم المشركون، وقالوا: إله واحد إن كان صادقا فليأتنا بآية فأنزل الله عز وجل: رسم> إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ قرآن> رسم> إلى قوله تعالى: رسم> لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ قرآن> رسم> قال جدي: عن أبي عثمان اسم> عن الحلواني اسم> قال: حدثنا عبد المجيد بن أبي وقاد اسم> عن وهيب بن الورد اسم> قال عيسى اسم> عليه السلام: كل سكوت ليس فيه تفكر فهو سهو. قال جدي: عن إسحاق بن إسماعيل اسم> عن إسحاق بن سليمان اسم> عن معاوية بن يحيى اسم> عن يونس بن ميسرة اسم> رضي الله عنه قال: خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على أصحابه وهم يذكرون عظمة الله عز وجل، فقال: ما كنتم تذكرون قالوا: كنا نتفكر في عظمة الله عز وجل فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رسم> ألا في الله فلا تتفكروا. ألا في الله فلا تتفكروا. ألا فتفكروا في عظم ما خلق الله. ألا فتفكروا في عظم ما خلق الله رسم> .
قال: حدثنا علي بن إسحاق اسم> قال: حدثنا حسين المروزي اسم> عن ابن المبارك اسم> قال: حدثنا إسماعيل بن مسلم اسم> عن أبي المتوكل الناجي اسم> رضي الله عنه أن نبي الله -صلى الله عليه وسلم- قام ذات ليلة بآية من القرآن يكررها على نفسه.
قال: حدثنا علي اسم> قال: حدثنا حسين اسم> قال: حدثنا ابن المبارك اسم> قال: أخبرنا عبيد الله بن عبد الرحمن بن موهب اسم> قال: سمعت محمد بن كعب القرظي اسم> يقول: لأن أقرأ في ليلتي حتى أصبح إذا زلزلت والقارعة لا أزيد عليهما وأتردد فيهما وأتفكر أحب إلي من أن أهذ القرآن ليلتي أو قال: أنثره نثرا.
قال: حدثنا الحسن بن محمد بن أبي هريرة اسم> قال: حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب اسم> قال: حدثنا عبد الرحمن بن علي البصري اسم> قال: حدثنا خالد اسم> عن أبي العالية الرياحي اسم> أنه سأله رجل ما يفتح الفكرة؟ قال: اجتماع الهم فإنه إذا هم فكر، وإذا فكر أبصر وإذا أبصر اعتبر ألا وإنه إذا تمت رغبة العبد بعدت فكرته، وإذا بعدت فكرته فتحت له أبواب السدد فصار ينتقل في العمل، وصار يعرف الشيء بقلبه، فإذا كان كذلك أخرجه ذلك إلى التعظيم لله عز وجل، فإذا كان كذلك رداه الله فقيل: يا أبا العالية اسم> ما رداه الله قال: البر واللين والخشوع والتواضع، فإذا كان كذلك سقاه الله شربة من حبه فبها يعطى بفكرة ساعة عبادة شهر.
قال: حدثنا أحمد بن أبان اسم> عن أحمد بن أبي الحواري اسم> قال: حدثنا عبد الله بن محمد الأنطاكي اسم> قال: حدثنا ديلم اسم> عن الحسن اسم> رحمه الله قال: أوصيكم بتقوى الله وإدمان الفكر، فإن الفكر أبو كل بر وأمه؛ مفتِّح خلال الخير كله وبه يحضر تسديد الله عز وجل كل موفق، واعلم أن خير ما ظفرت به مدرك من تفكر مخالصة الله والشرب بكأس حبه، وإن أحباء الله هم الذين ورثوا طيب الحياة، وذاقوا نعيمها مما وصلوا إليه من مناجاة حبيبهم، وربما وجدوا من حلاوة حبه في قلوبهم ولا سيما إذا خطر على بال منهم ذكر مشافهته وكشف ستور الحجب عنه في المقام الأمين والسرور وأراهم جلاله وأسمعهم لذة منطقه، ورد عليهم جواب ما ناجوه به أيام حياتهم؛ إذ قلوبهم مشغوفة؛ وإذ مودتهم إليه معطوفة، وإذ هم له مؤثرون وإليه منقطعون. فليبشر المصغون لله ودهم بالمنظر العجيب بالحبيب، فوالله ما أرى يحل لعاقل ولا يجمل به أن يستوعب سوى حب الله عز وجل.
قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن العباس اسم> قال: حدثنا سلمة اسم> قال: حدثنا سهل بن عاصم اسم> قال: حدثنا عبد الكبير بن المعافى اسم> عن عمران اسم> قال: سمعت أبي يذكر ابن إدريس اسم> قال وهب بن منبه اسم> صحب رجل قال عابدا من عباد بني إسرائيل فلما أراد أن يفارقه قال: إن لي عليك حقا قال: سل حقك قال أوصني قال: عليك الاعتبار في الدنيا، فإنه يرق لك قلبك ويعظم لك باعتبارها الفكرة، فإن القلب إذا رق انفتح فوعى وإن اعتبارك ساعة خير من عبادة سنة، وتفكر طرفة عين خير من عبادة حين من الدهر.
قال: حدثنا ابن أبان اسم> عن سلمة اسم> قال: حدثنا سهل بن عاصم اسم> عن ابن أبي جميل اسم> عن أبيه عن عبد الله بن المبارك اسم> رحمه الله أن رجلا بالبصرة كان يقول: التفكر مادة العبادة. قال: وبلغني عن سفيان بن عيينة اسم> رحمه الله قال: التفكر مفتاح الرحمة ألا ترى أنه يتفكر فيتوب.
قال: حدثنا أحمد بن عمرو اسم> قال: حدثنا عبد الله بن عبيد اسم> قال: حدثني أبو جعفر الأدمي اسم> قال: كان يقال: الهم بالعمل يورث الفكرة والفكرة تورث العبرة، والعبرة تورث الحزم والحزم يورث العزم والعزم يورث اليقين، واليقين يورث الغنى والغنى يورث الشكر، والشكر يورث المزيد والمزيد يورث الجنة.
قال: حدثنا عبد الله بن محمد القيسي اسم> قال: حدثنا محمد بن إسحاق اسم> قال: حدثنا أحمد بن أبي الحواري اسم> قال: سمعت أبا سليمان اسم> يقول: إنما يعاينون إذا تفكروا.
هذه الآثار منها ما هو مرفوع وما هو موقوف. أوردها بأسانيدها كما سمعنا. قد يكون في بعضها في بعض الأسانيد مقال، ولكنها جاءت للعبرة ولا يترتب عليها حكم تحليل أو تحريم، إنما فيها موعظة وفيها تذكير وفيها ترغيب وترهيب وفيها تخويف وتعليم.
مسألة>